سبیل النجاة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
القسم الرابعمعرفة الأشیاء بأضدادها

تحدّث الإمام (علیه السلام) فی هذا القسم السابق عن فئة ضالة ومستبدة غیرت جمیع الحقائق وإرتکبت أفضع الجرائم، ثم حل أجلها ولم تتب إلى ربّها فسارعت إلى عالم آخر لیصب علیها العذاب، فأبان الإمام (علیه السلام) فی هذا المقطع سبیل النجاة حتى لا یبتلى الآخرون بذلک المصیر الأسود فقال: «أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ مَنِ اسْتَنْصَحَ اللّهَ وُفِّقَ، وَمَنِ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِیلاً هُدِیَ (لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ)»، نعم، هذه هى الخطوة الاُولى من أجل الإهتداء إلى الحق والصراط المستقیم ثم استدلّ على ذلک بقوله: «فَإِنَّ جَارَ اللّهِ آمِنٌ، وَعَدُوَّهُ خَائِفٌ».

وأضاف بعد ذلک بهدف استماع الناس للمواعظ الإلهیّة ویبعدوا عنهم الکبر والغرور ویسلموا لأوامر الله: «وَإِنَّهُ لاَ یَنْبَغِی لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللّهِ أَنْ یَتَعَظَّمَ، فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِینَ یَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَنْ یَتَوَاضَعُوا لَهُ، وَسَلاَمَةَ الَّذِینَ یَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُهُ أَنْ یَسْتَسْلِمُوا لَهُ»، فی إشارة إلى أنّ اُولئک الذین یعیشون الغرور والتکبر غافلون عن عظمة الله سبحانه، والذین یغترون بقدرتهم جاهلون بقدرة الله تعالى، أمّا من عرف الله وقدرته فهو یدرک أنّه لا شیء تجاهه، علیه فلا داعی لهذا الکبر والغرور الفارغ.

ثم قال على سبیل الاستنتاج: «فَلاَ تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِیحِ مِنَ الاَْجْرَبِ، وَالْبَارِی(1) مِنْ ذِی السَّقَمِ»، إشارة إلى أنّ سعادتکم وفلاحکم وسلامتکم فی إتباع الحق، وأنّ النزوع نحو الباطل نوع من أنواع المرض والسقم، لکن من المؤسف هناک من یهرب من الحق وکأنّه یفر من مرض معدی، أو حسب تعبیر القرآن الکریم: (کَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَة)(2).

ثم عرض الإمام (علیه السلام) فی الخطوة التالیة سبیلاً واضحاً بهدف هدایة مخاطبیه إلى الحق وإبعادهم عن الباطل فقال: «وَاعْلَمُوا أَنَّکُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِی تَرَکَهُ، وَلَنْ تَأْخُذُوا بِمِیثَاقِ الْکِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِی نَقَضَهُ، وَلَنْ تَمَسَّکُوا بِهِ، حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِی نَبَذَهُ»، والواقع هذا هو أحد طرق معرفة الحق والباطل والذی ینطوی تحت القاعدة المعروفة: «تعرَفُ الأَشیاءُ بِأضدَادها»، فالإنسان یجهل معنى العافیة ما لم یمرض ولا یدرک مفهوم الضیاء ما لم یرى الظلمة، فقد اعتبر الإمام (علیه السلام) ـ فی هذا المقطع من الخطبة کما ورد فی العبارة المذکورة ـ التعرف على تارکی الحق ومخالفیه کطریق بلوغ الحق، فأشار إلى ثلاث طوائف: طائفة ترکت الحق، وطائفة نقضت میثاق القرآن، والطائفة الثالثة التی نبذته وراء ظهرها، والفارق بین هذه الطوائف الثلاث واضح، فالبعض یترک الحق دون أن یحضره والبعض الآخر یحقره علاوة على ترکه، وأخیراً هناک من ینقض عهود الله ومواثیقه، والذی وردت الإشارة إلیه فی الآیة القرآنیة الشریفة: (أَلَمْ یُؤْخَذْ عَلَیْهِمْ مِیثَاقُ الْکِتَابِ أَنْ لاَ یَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِیهِ...)(3)، والآیة صادقة على الآخرین وإن کانت فی الظاهر فی بنی اسرائیل.

نعم، یمکن الظفر بسبیل الحق من خلال معرفة هؤلاء التارکین للحق والناقضین لمواثیق الله والمحقرین لکتاب الله، ومعرفة المبادىء التی تسود حیاتهم.

ثم عرض الإمام (علیه السلام) طریقاً آخر فی آخر قسم من هذه الخطبة من زیادة الاطمئنان بهدف الظفر بالحق وإدراک مفاهیم القرآن الکریم وهو التمسک بأهل البیت من عترة النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)بفضلهم أحد الثقلین الذین خلفهما النبی فی الاُمة، فقال (علیه السلام): «فَالَْتمِسُوا ذلِکَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ، فَإِنَّهُمْ عَیْشُ الْعِلْمِ، وَمَوْتُ الْجَهْلِ. هُمُ الَّذِینَ یُخْبِرُکُمْ حُکْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ، وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ; لاَ یُخَالِفُونَ الدِّینَ وَلاَ یَخْتَلِفُونَ فِیهِ; فَهُوَ بَیْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ».

فقد وصف الإمام (علیه السلام) أهل البیت(علیهم السلام)فی هذه العبارات القصیرة والعمیقة المعنى بأوصاف منها: «فَإِنَّهُمْ عَیْشُ الْعِلْمِ، وَمَوْتُ الْجَهْلِ...»، حیث عندهم علم الله تعالى وسنّة النبی (صلى الله علیه وآله)، فأینما یحلّون یکشفون الظلام بنورهم، وحکمهم (سواء کان الحکم بمعنى القضاء أوالحکم بمعنى کافة وصایاهم وبیانهم للحلول) ینطق عن علمهم، وصمتهم العمیق المعنى یفید منطقهم ومقاصدهم (لأنّ السکوت أبلغ من الکلام فی أغلب الموارد)، وظاهر على قدر من الرزانة والإخلاص والطهر بحیث یعکس طهارة ونقاء باطنهم، من خصائصهم الأخرى أن علمهم لا یختلف مع الدین قط ولا یختلفون فی تفسیرهم لحقائق الدین، ولا غرو فعلومهم تنبع من ذات المصدر، ومن هنا لدیهم حقیقة الدین والقرآن وروحهما، فی حدیث الثقلین: «...إِنّهما لَن یَفتَرِقا (العترة والقرآن) مَا إن تَمَسَّکُتُم بِهِما فَلَن تَضِلُوا...».


1. «البارىء»: من مادة برء على وزن قفل لها معنیان: الأول: بمعنى الخالق والایجاد ومن هنا یقال لله الباریء، والآخر: بمعنى الابتعاد عن الشیء ولذلک تستخدم بمعنى العافیة والبعد عن المرض وهذا هو المعنى المراد بها فی عبارة الخطبة.
2. سورة المدثر / 50 ـ 51.
3. سورة الأعراف / 169.

 

القسم الرابعمعرفة الأشیاء بأضدادها
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma