هل ملک واحد أم جماعة؟ سؤال یتبادر إلى أذهان الکثیرین، فقد وردت بعض الآیات القرآنیة التی نسبت إلى الله تعالى قبض الأرواح: (اللهُ یَتَوَفَّى الاَْنْفُسَ حِینَ مَوْتِهَا...)(1).
بینما نسبت البعض الآخر منها قبض الروح إلى الملائکة، کما نسبته إلى ملک الموت الذی عبّرت عنه أیضاً بالملائکة، فقد صرحت الآیة 11 من سورة السجدة قائلة: (قُلْ یَتَوَفَّاکُمْ مَلَکُ الْمَوْتِ الَّذِی وُکِّلَ بِکُمْ...). وقالت الآیة 8، من سورة النحل: (الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِکَةُ).
ویعلم أرباب التفسیر وأهل التحقیق قی القرآن أن لیس هنالک أی تعارض بین الآیات الثلاثة المذکورة، وذلک لأنّ السنة الإلهیّة جرت فی تفویض الملائکة تدبیر شؤون الخلق وأمور العالم، وعلیه فالفعل المذکور هو فعل الله سبحانه من جانب حیث منه یصدر الأمر، وهو فعل الملائکة من جانب آخر کونها تباشر ذلک العمل، على سبیل المثال یقال الحاکم الفلانی جدد بناء المسجد الحرام فی التاریخ الفلانی، یعنی أنّه أصدر أوامره للمهندسین والمقاولین والبنائین بمباشرة ذلک البناء، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: لملک الموت معنى الجنس، ونعلم أن الجنس یستعمل فی مفهوم العموم ومعنى الجمع أیضاً.
واستناداً لما مرّ معنا فانّ قبضة الأرواح هو طائفة من الملائکة یباشرنا ذلک العمل بأمر الله سبحانه وکبیر هذه الملائکة هو «عزرائیل».
ویعتقد البعض بأنّ الملکین المأمورین بکتابة أعمال الإنسان هما اللذان یتولیان قبض روح الإنسان إذا انتهى أجله، ولعل العبارة الواردة فی الآیة الشریفة: «وکّل بکم» أشارت إلى هذا المعنى.
ولما کان الصلحاء والاتقیاء یتمیزون بجمیع خصائصهم عن الطلحاء والمتهتکین، فمن الممکن أن تختلف الملائکة التی تتولى قبض أرواحهم، ولقبض الروح الطاهرة لعظماء الناس کالنبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)، فانّ شخص ملک عزرائیل (علیه السلام) هو الذی یتولى هذه المهمّة(2).
1. سورة الزمر / 42.
2. وردت إشارة لهذا المعنى فی روایة عن علی (علیه السلام) (بحار الانوار 6/142، ح6).
