«وَإِنَّهُ سَیَأْتِی عَلَیْکُمْ مِنْ بَعْدِی زَمَانٌ لَیْسَ فِیهِ شَیْءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ، وَلاَ أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَلاَ أَکْثَرَ مِنَ الْکَذِبِ عَلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ; وَلَیْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذلِکَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْکِتَابِ إِذَا تُلِیَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَلاَ أَنْفَقَ مِنْهُ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ; وَلاَ فِی الْبِلاَدِ شَیْءٌ أَنْکَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَلاَ أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْکَرِ! فَقَدْ نَبَذَ الْکِتَابَ حَمَلَتُهُ، وَتَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ; فَالْکِتَابُ یَوْمَئِذ وَأَهْلُهُ طَرِیدَانِ مَنْفِیَّانِ، وَصَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ، فِی طَرِیق وَاحِد لاَ یُؤْوِیهِمَا مُؤْو. فَالْکِتَابُ وَأَهْلُهُ فِی ذلِکَ الزَّمَانِ فِی النَّاسِ وَلَیْسَا فِیهِمْ، وَمَعَهُمْ وَلَیْسَا مَعَهُمْ! لاَِنَّ الضَّلاَلَةَ لاَ تُوَافِقُ الْهُدَى، وَإِنِ اجْتَمَعَا. فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ، وَافْتَرَقُوا عَلَى الْجَمَاعَةِ، کَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْکِتَابِ وَلَیْسَ الْکِتَابُ إِمَامَهُمْ، فَلَمْ یَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْهُ إِلاَّ اسْمُهُ، وَلاَ یَعْرِفُونَ إِلاَّ خَطَّهُ وَزَبْرَهُ. وَمِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا بِالصَّالِحِینَ کُلَّ مُثْلَة، وَسَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اللّهِ فِرْیَةً، وَجَعَلُوا فِی الْحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السَّیِّئَةِ».