الجنّة تحت ظلال السیوف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
القسم الثانیالقسم الثالث

أشار الإمام (علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبة إلى ثلاثة أمور بهدف إعداد الأصحاب فی میدان القتال، فأحیاناً یهددهم إن هم فروا من القتال، وأخرى یمدحهم ویتعرض لما یتحلون به من نقاط إیجابیة یراها فیهم، وأخیراً یشجعهم ویحثهم على الثواب والأجر الاُخروی، وعلیه یمکن إیجاز هذا المقطع من الخطبة فی ثلاثه محاور هى: التهدید، والتشجیع، والتمجید، فقد قال على مستوى المحور الأول: «وَایْمُ اللّهِ لَئِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ سَیْفِ الْعَاجِلَةِ، لاَ تَسْلَمُوا مِنْ سَیْفِ الاْخِرَةِ».

فالعبارة سیف الآخرة إشارة إلى عذاب الله الذی یشمل الفارّین من میدان الجهاد، ولا شک أنّ الفرار من الزحف من الکبائر، وذلک لأنّ فرار عدّة أفراد یؤدّی إلى هزیمة عسکر جرّار ویقود حضارة عریقة إلى السقوط والإنیهار، أو یجعل العدو یسدد ضرباته الموجعة إلى الإسلام، ثم قال على مستوى المحور الثانی، أ ى المدح والثناء: «وَأَنْتُمْ لَهَامِیمُ(1) الْعَرَبِ، وَالسَّنَامُ(2) الاَْعْظَمُ. إِنَّ فِی الْفِرارِ مَوْجِدَةَ(3) اللّهِ، وَالذُّلَّ الْلاَّزِمَ، وَالْعَارَ الْبَاقِیَ. وَإِنَّ الْفَارَّ لَغَیْرُ مَزِید فِی عُمُرِهِ، وَلاَ مَحْجُوز(4) بَیْنَهُ وَبَیْنَ یَوْمِهِ».

فهو یعدهم من جانب بصفتهم مبرزی شخصیات العرب التی تشد نحوها الأنظار، من جانب آخر یذکرهم بمساوىء عار الفرار وهى الغضب الإلهی والذل الدائم والهوان والفضیحة الأبدیة، على صعید آخر ذکرّهم بهذه النقطة وهى إن کان الهدف من الفرار هو التمتع بعمر أطول فانّ هذا الهدف لا یحصل بالفرار، ذلک لأنّه لا محیص من الممات والیوم الذی قدرّ فیه فلا یدفعه دافع.

نعم، قد یتصور الإنسان أنّه یحصل على عمر أطول عن طریق الفرار، ولو فرض أنّ الأمر کذلک فما قیمة هذا العمر وهو یتضمن العواقب الثلاث متمثلة بغضب الله والذل والهوان الأبدی، وقد خاطب القرآن الکریم اُولئک الذین یشعرون بالقلق من تواجدهم فی جبهات القتال قائلاً: (قُلْ لَوْ کُنْتُمْ فِی بُیُوتِکُمْ لَبَرَزَ الَّذِینَ کُتِبَ عَلَیْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ...).(5)

ثم إختتم الإمام (علیه السلام) کلامه بعبارة قصیرة عمیقة المعنى تهدف حثهم على جهاد العدو فقال: «مَن الرَّائِحُ(6) إِلَى اللّهِ کَالظَّمْآنِ یَرِدُ الْمَاءَ؟ الْجَنَّةُ تَحْتَ أَطْرَافِ الْعَوَالِی(7)!».

وأخیراً قال (علیه السلام) بأنّ الیوم تبلى أخبار وأعمال کلّ فرد ویتمیز فیها الغث من السمین: «الْیَوْمَ تُبْلى الاَْخْبَارُ!».

العبارة من الرائح إلى الله سبحانه إشارة إلى الأفراد الذین یقبلون بکلّ شوق ورغبة وعشق الشهادة، کعشق العطشان إلى الماء الزلال.

وقد أورد الإمام (علیه السلام) شبیه هذا المعنى فی وصیّته قبل الشهادة وبعد ضربته حیث قال: «وَمَا کُنْتُ إِلاَّ کَقَارِب وَرَدَ، وَطَالِب وَجَدَ...»(8). والعبارة الیوم تبلى الأخبار هى فی الواقع إقتباس من الآیة 31 من سورة محمد(صلى الله علیه وآله): (وَلَنَبْلُوَنَّکُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِینَ مِنْکُمْ وَالصَّابِرِینَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَکُمْ).

والفردة أخبار إمّا تعنی الأعمال أوالکلام والزعم والتی تبلى جمیعاً فی میدان الجهاد، والعبارة: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَطْرَافِ الْعَوَالِی!». تشبه العبارة التی أوردها رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی میدان معرکة أحد، حیث قال: «الجَنَّةُ تَحتَ ظِلالِ السُّیُوفِ».

الجدیر بالذکر أنّ أحد الأنصار سمع هذا القول من رسول الله (صلى الله علیه وآله) وفی یده تمیرات یلوکها، فقال: بخ بخ! لیس بینی وبین الجنّة إلاّ هذه التمیرات، ثم قذفها من یده وکسر جفن سیفه وحمل على قریش فقاتل حتى قُتل(9).

ثم قال فی العبارة الأخیرة من أجل حث صحبه على الجهاد: «وَاللّهِ لاََنَا أَشْوَقُ إِلَى لِقَائِهِمْ مِنْهُمْ إِلَى دِیَارِهِمْ». بمعنى لا دافع عندهم للجهاد وهم یحرصون على العودة إلى بیوتهم، بینما أحرص على جهاد عدو الحق والعدالة، فالمراد هلموا لکل رغبة لمیدان الجهاد واعلموا أنّ النصر حلیفکم حین تقاتلون عدواً لا دافع له.


1. «لهامیم»: جمع «لهموم» على وزن حلقوم الجواد السابق من الإنسان والخیل.
2. «سنام»: أعلى الجمل ثم اطلق على کل شیء بارز.
3. «موجدة»: من مادة «وجد» علث وزن نجد بمعنى الغضب، کما ورد بمعنى الحزن والمعنى الأول هو الأنسب هنا.
4. «محجوز»: من مادة «حجز» بمعنى المنع.
5. سورة آل عمران / 154.
6. «رائح»: من مادة «رواح» الاندفاع بسرعة خلف شیء.
7. «العوالی»: جمع «العالیة» تعنی أسنة الرماح، کما تعنی الرمح.
8. نهج البلاغة، الرسالة 23.
9. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 8/6 الحدیث (الجنّة تحت ظلال السیوف)، کما ورد الحدیث فی بحار الانوار 97/13.

 

القسم الثانیالقسم الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma