خاض الإمام (علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبة فی الرد على التخرصات فی مجال العلم والمعرفة الإسلامیة تجاه أهل البیت (علیهم السلام) ویقدمهم على أنّهم أعلم من غیرهم بکذبهم، وأنّ الساسة المحترفین آنذاک کانوا یثیرون تلک التخرصات بهدف النیل من مسألة خلافة وإمامة أهل البیت(علیهم السلام)فقال: «أَیْنَ الَّذِینَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ دُونَنَا، کَذِباً وَبَغْیاً عَلَیْنَا».
وأضاف (علیه السلام) أینهم اُولئک لیروا کیف رفعنا الله تعالى وفضلنا وأعطانا ووضعهم وحرمهم وأدخلنا فی سعة رحمته وأخرجهم منها: «أَنْ رَفَعَنَا اللّهُ وَوَضَعَهُمْ، وَأَعْطَانَا وَحَرَمَهُمْ، وَأَدْخَلَنَا وَأَخْرَجَهُمْ».
فی إشارة إلى أنّ إتّباع أهل البیت(علیهم السلام)فی معارفهم والإسلامیة ووقوفهم على القرآن والوحی والسنّة النبویة الشریفة لیس بالشیء الخفی على أحد، فهم کهف الاُمة الذی کان یلوذ به حتى الخلفاء فی ما یعترضهم من مشاکل وصعوبات، وهذا من البدیهیات التی لا یختلف علیها إثنان، وأمّا اُولئک الذین تدفعهم القضایا السیاسیة والحب والبغض الناشیء من العلاقات المادیة بانکار هذه الحقیقة فإنّما یفضحون أنفسهم.
ثم قال (علیه السلام): «بِنَا یُسْتَعْطَى الْهُدَى، وَیُسْتَجْلَى الْعَمَى»، والشواهد التاریخیة المستفیضة والأحادیث النبویة القطعیة إنّما تؤید هذا الکلام، وهذا ما سنتعرض له فی البحث القادم.
وأخیراً إختتم الإمام (علیه السلام) هذا المقطع من الخطبة بالإشارة إلى الحدیث النبوی الشریف بشأن اقتصار الإمام على قریش وبنی هاشم فقال: «إِنَّ الاَْئِمَّةَ مِنْ قُرَیْش غُرِسُوا فِی هذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِم; لاَ تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ مِنْ غَیْرِهِمْ».
فالإمام بإشارته إلى الحدیث النبوی المعروف: «إِنَّ الاَْئِمَّةَ مِنْ قُرَیْش»، ومن ثم حصرها فی بنی هاشم أوضح بأنّ أدعیاء الخلافة من غیر بنی هاشم لا یستحقون هذا المقام ولابدّ من التحری عن بنی هاشم فی کل زمان للعثور على الإمام الحق.
