1 ـ غرور عن بعد ورعب من قرب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
الحرص على الدنیا2 ـ الدنیا وآراء الناس

إنّ المتع الدنیویة المادیة والبهرجة لهذا العالم تبدو خلاّبة ساحرة من بعید، لکن ما إن یبلغها الإنسان حتى یراها غایة فی الصغر والضحالة، بل تکون مقلقة ومرعبة أحیاناً، مثلاً یرى الإنسان من بعید حیاة الملوک فیظن لو إعتلى یوماً عرش السلطة، فقد سیطر على العالم بأسره وقد نال السعادة والموفقیة، ولکنّه ما إن یبلغ ذلک حتى یشعر أنّه فقد على الأقل ثلاثة أشیاء من رکائز الحیاة:

الأول: الأمن فهو یشعر فی ذلک المنصب بالخوف من أقرب مقربیه، فهو مطالب بالحذر من بطانته دائماً حتى فی قصره وغرفة نومه فلا أمن ولا أمان، فما أکثر السلاطین الذین قتلوا على ید مقربیهم.

الثانی: الحریة، على سبیل المثال لا یستطیع ممارسة حیاته کالأفراد العادیین من قبیل الخروج فی نزهة مع زوجته وأولاده أو الحضور بحریة فی المجالس والحفلات التی یقیمها الأصدقاء والأقرباء.

الثالث: راحة البال، فهو مشغول على الدوام ولا یهدأ أبداً، فما زلنا نذکر بعض رؤوسا الجمهویات الذین صرّحوا علنا بأنّهم لم یذوقوا طعم النوم الهادىء طیلة لیالی حکومتهم وأن حاشیتهم کانوا یوقظونهم من نومهم لیطلعوهم على الحوادث التی تقع هنا هناک من العالم، نعم لم یذوقوا طعم النوم إلاّ بعد أن تمت مدّة حکومتهم.

ومثال آخر لما ذکرنا آفاق حیاة الأثریاء من بعید فیظن الناظر أنّها مفعمة بالسعادة والرفاه، ولکن إن قدّر له أن یعیش ذلک الثراء فسیشعر أنّ بحاجة إلى جزء یسیر من هذه الثروة فی حیاته بینما تثقل باقی الثروة کاهله، فالحرص على حفظ هذه الثروة وصیانتها من الأعمال الشاقة، والعداوة والبغض الحسد الذی یعانیه من الآخرین والذی یمثل کابوساً مرعباً یقض مضجعه، ومن هنا عبّر الإمام (علیه السلام) بتلک العبارة الرائعة التی أوردها فی هذه الخطبة فی أنّ کل شیء فی الدنیا سماعه أعظم من عیانه، وبالعکس بالنسبة للآخرة فانّ کل شیء فیها عیانه أعظم من سماعه، فهل لعاقل بعد کل هذا أن یؤثر الدنیا على الآخرة.

نعم، إن نشد الإنسان المقامات المادیة وثروات هذا العالم من أجل خدمة خلق الله تعالى، على حدّ تعبیر القرآن الکریم فی إطار خطابه لقارون: (وَابْتَغِ فِیمَا آتَاکَ اللهُ الدَّارَ الاْخِرَةَ...)(1).

وتحمل کل ما یترتب على ذلک من مشاکل وصعاب فذلک له حساب آخر، فقد ورد فی الخبر إنّ أحد أصحاب الإمام الصادق (علیه السلام) شکى إلیه طلب الدنیا والتعلق بها، فقال له (علیه السلام) لم تطلب الدنیا؟ قال: لأصل بها رحمی وأنفق على عیالی وأعطی وأحج وأعتمر، فقال: «لَیسَ هذا طلَبُ الدُّنیا، هذا طَلَبُ الآخرة».(2)


1. سورة القصص / 77.
2. وسائل الشیعة 12/19.

 

الحرص على الدنیا2 ـ الدنیا وآراء الناس
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma