صفات الزهّاد فی الدنیا

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
القسم الثانیالقسم الثالث

أشار الإمام (علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبة إلى ثلاث نقاط تکمل المقطع المذکور من الخطبة وتؤکّده، وهى مقدمة للقسم القادم من الخطبة.

فقد إتّجه أولاً إلى وصف الزهّاد فی الدنیا لیتضح وضع کل فرد من خلال مقارنة أحوال المخاطبین مع أحوال اُولئک، فذکر ثلاث خصائص یتحلى بها الزهّاد قائلاً: «إِنَّ الزَّاهِدِینَ فِی الدُّنْیَا تَبْکِی قُلُوبُهُمْ وَإِنْ ضَحِکُوا».

صفتهم الثانیة تکمن فی شدّة حزنهم رغم فرحهم وسرورهم: «وَیَشْتَدُّ حُزْنُهُمْ وَإِنْ فَرِحُوا».

وأمّا صفتهم الثالثة فهم ناقمون على أنفسهم ساخطون علیها (وهم لیسوا راضین عن أعمالهم وطاعاتهم) رغم شکرهم الله سبحانه وتعالى على موفور الرزق والنعمة: «وَیَکْثُرُ مَقْتُهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَإِنِ اغْتُبِطُو(1) بِمَا رُزِقُوا».

نعم، فعیون قلوبهم باکیة لما یرون فی أنفسهم من نقائص وعیوب وما یبتدر منهم من زلاّت أحیاناً، وإن عاشوا حالة من السرور والضحک على مستوى الآداب الاجتماعیة والأخلاقیة، إنّهم یأسفون على ماضیهم ویغتمون لما کانت فی أیدیهم من فرص لم یستثمروها، رغم ما هم علیه ظاهریاً من الفرح والسرور، إلى جانب ذلک فانّ لسانهم یلهج بحمد الله وشکره على ما حباهم به من نعم مادیة ومعنویة من جهة، ومن جهة أخرى فهم لا ینفکون عن مقتهم لأنفسهم وتوبیخها لشعورهم بالتقصیر فی عدم استثمارها بالشکل الصحیح.

وخاصة القول فهم فی مقام النقد لأنفسهم وإصلاح نقائصهم ومعایبهم المعنویة وهذا هوالسبب فی حرکتهم التکاملیة نحو الله سبحانه، فهم لا یقنعون بوضعهم السائد قط لیکون ذلک مدعاة لتخلفهم وإنحطاطهم.

ثم شرح فی النقطة الثانیة وضع مخاطبیه لیقارنوا أنفسهم بالزهّاد فیقفوا على عیوبهم، وقد بیّن لهم ثلاث صفات: «قَدْ غَابَ عَنْ قُلُوبِکُمْ ذِکْرُ الاْجَالِ، وَحَضَرَتْکُمْ کَوَاذِبُ الآمَالِ، فَصَارَتِ الدُّنْیَا أَمْلَکَ بِکُمْ مِنَ الآخِرَةِ، وَالعَاجِلَةُ أَذْهَبَ بِکُمْ مِنَ الآجِلَةِ».

نعم، فالدنیا تستولی على عقل الإنسان وفکره وینسى الآخرة إذا ما غاب عن قلبه ذکر الموت وإنهمک فی هذه الدنیا العابرة واحاطة القلب بالأمانی الخیالیة الکاذبة.

ثم إختتم (علیه السلام) هذا المقطع من الخطبة ببیان هذه النتیجة: «وَإِنَّمَا أَنْتُمْ إِخْوَانٌ عَلَى دِینِ اللّهِ مَا فَرَّقَ بَیْنَکُمْ إِلاَّ خُبْثُ السَّرَائِرِ، وَسُوءُ الضَّمَائِرِ. فَلاَ تَوَازَرُونَ(2) وَلاَ تَنَاصَحُونَ، وَلاَ تَبَاذَلُونَ وَلاَ تَوَادُّونَ».

فالعبارة تشیر إلى توفر سبل الوحدة بینکم من خلال الإخاء الإسلامی وقد تصدعت هذه السبل بفعل الاختلافات التی تستند إلى التعصب والحقد والحسد وحبّ الدنیا وضیق الاُفق، فأدّى ذلک بالتبع إلى ضعف الأمن الداخلی والعجز أمام العدو الخارجی وبالنتیجة قطعت عنکم البرکات الاجتماعیة کالتعاون والموازرة وإسداء الخدمات المتبادلة أواصر المحبّة والصداقة.

فهذه العبارة تشیر بوضوح إلى هذه الحقیقة، وهى أنّ حبّ الدنیا وخبث السریرة وسوء النیّة والأخلاق لا یفسد الآخرة فحسب، بل یحیل المجتمع البشری إلى بؤرة للتوتر والنزاع والاصطدام بحیث تنعدم فیه مظاهر التعاون والمساعدة.


1. قرأها أغلب شرّاح نهج البلاغة مبنیة للمجهول بینما قرأها البعض الآخر مبنیّة للمعلوم ففهموا من العبارة شبیه ما ذکر، والحال یتبیّن من الرجوع إلى المتون اللغویة أن للإغتباط معنى آخر هو السرور وحمد الله وشکره على نعمة (انظر لسان العرب والقاموس وسائر المصادر اللغویة).
2. «لا توازرون»: من مادة «موازرة» بمعنى التعاون والمساعدة.

 

القسم الثانیالقسم الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma