الانتقام الإلهی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
القسم الثالثمن هو الحجاج؟

إختتم الإمام(علیه السلام) الخطبة باستعراض صریح لا لبس فیه للإخبار عن المصیر الأسود الذی ینتظر أهل الکوفة فقال: «أَمَا وَاللّهِ لَیُسَلِّطَنَّ عَلَیْکُمْ غُلاَمُ ثَقِیف الذَّیَّالُ(1) الْمَیَّالُ(2). یَأْکُلُ خَضِرَتَکُمْ وَیُذِیبُ شَحْمَتَکُمْ».

ثم أردفها بالقول: «إِیه أَبا وَذَحَةَ!(3)».

أجمع شرّاح نهج البلاغة على أنّ المراد بغلام ثقیف هو الحجاج بن یوسف الثقفی الذی ینسب إلى قبیلة بنی ثقیف والذی ولّى الکوفة على عهد عبدالملک بن مروان، کان مشهوراً بقسوته وتعطشه للدماء وقد إختاره عبدالملک بن مروان للانتقام من أهل الکوفة وإخماد الثورة ضد حکومة بنی اُمیة، وکما أخبر الإمام (علیه السلام) فی هذا الکلام، فهو لم یرحم أحد وقد نهب أموال الاُمة وسفک دماءها، وقد صور الإمام أوضاع الناس على عهده بقوله: «یَأْکُلُ خَضِرَتَکُمْ وَیُذِیبُ شَحْمَتَکُمْ».

لابدّ من الالتفات إلى أنّ «خضرة» وإن کانت بمعنى محصول الحقول والأراضی الزارعیة، لکنها هنا تشیر إلى کافة الأموال التی نهبها الحجاج والعبارة یذیب شحمتکم کنایة عن شدة الضغط الذی یتعرض له الناس فیصبحوا على درجة من الضعف، وکأنّه لم یبق لهم سوى الجلد والعظم، وهذا هو مصیر الأفراد الذین یتمردون على القائد الفذ والشفیق الرؤوف بالاُمة العادل معها کعلی (علیه السلام). والمفردة «أیه» بالکسر والتنوین حسب تصریح أغلب أرباب اللغة تستخدم حین یراد تشجیع الشخص على مواصلة الکلام أو العمل وایها بتنوین الفتح تستعمل حین یراد دعوة شخص للسکوت أوالامتناع عن العمل، بالنظر إلى أنّ «ایه» وردت فی نسخ نهج البلاغة بتنوین مکسور فالمفهوم ضاعف یا حجاج من ضغوطک على الأفراد الطلحاء وضعفاء الإیمان جاحدی الحق الطغاة الذین یتمردون على إمامهم العادل! وبعبارة أخرى فانّ هذه المفردة کنایة فی أنّ اُولئک الأفراد یستحقون ما یحل بهم من عذاب إلهی، لا یعنی ذلک رضى الإمام (علیه السلام) بأی مقدار من ظلم الحجاج.

فالکلام أشبه بما نقوله لشخص إنّ هذا الدواء وإن کان مرّاً لکنه العلاج الذی یشفیک فلا یصغی لما یقال له، فان اشتدّ ألمه وتعالى صراخه وارتفع صوته نقول له: تألم أکثر! فهذه نتیجة عملک، فمن البدیهی أنّ مفهوم ذلک لیس رضانا بألمه ووجعه، بل معناه أنّ تلک هى النتیجة الطبیعیة لعدم إمتثاله لأوامر الأطباء والحکماء، وهذا الکلام شبیه ما أورده الإمام (علیه السلام) فی الخطبة 28 حیث قال: «أَلاَ وَإِنَّهُ مَن لا یَنْفَعُهُ الْحَقُّ یَضْرُّهُ الْبَاطِلُ، وَمَنْ لاَ یَسْتَقِیمُ بِهِ الْهُدَى، یَجُرُّ بِهِ الضّلاَلُ إِلَى الرَّدَى».

وأمّا وذحة فقد صرحت أغلب المصادر اللغویة من قبیل (لسان العرب، مجمع البحرین، أقرب الموارد)، أنّها تعنی الخنفساء، وقال البعض کصاحب القاموس والخلیل بن أحمد فی کتاب «العین» أنّها تعنی بعرة الحیوان بوله الذی یلتصف بصوفه.

وأمّا بشأن انتخاب کنیة «أبا وذحة» للحجاج فقد وردت فیها عدّة أراء ذکرتها التواریخ وشروح نهج البلاغة، أنسبها أنّ الحجاج رأى یوماً خنفساء قرب موضع صلاته فدفعها عنه، فأتته ثانیة فدفعها، فلما أتته ثالثة أمسکها بیده وعصرها فعضته فورمت یده فأدى به الورم إلى الموت، وکأنّ الله تعالى أراد أن یرى هذا السفّاح مدى قدرته حیث قضى علیه وبواسطة أحقر مخلوقاته، على غرار النمرود ذلک الطاغیة المعروف والذی ولجت أنفه بعوضة قضت علیه.

وقال البعض أنّ الحجاج کان یتنفر من الخنفساء فلم تکد تقع عینیه علیها حتى یأمر غلمانه بدفعها، ومن هنا إصطلحت علیه الناس أبا وذحة، ولا یبدو مناسباً أن نذکر هنا سائر ما ورد فی هذا الشأن وخلاصته أنّ الحجاج کان یشکو من مرض جنسی، فکان یعالج مرضه بالخنفساء، وقد صرّح ابن أبی الحدید بعد ذکره لهذه الروایات أنّ الإمام (علیه السلام) إختار هذه الکنیة للحجاج لأنّ عادة العرب جرت على ذکر الفرد بکنیته حین الاحترام وذلک للعظمة، وإن أرادواتحقیره ذکروه بالکنیة أیضاً من قبیل کنیة عبدالملک بن مروان بأبی الذبّان، حیث کان الذباب یتجمع على فمه لخبث رائحته (أو کان حتى الذباب ینفر منه کما صرّح بذلک البعض)، وکذلک کنیة یزید بن معاویة بأبی زنة(4).

قال الشریف الرضی آخر هذه الخطبة: «الوذحة الخنفساء» وهذا القول یؤمى به إلى الحجاج وله مع الوذحة حدیث لیس هذا موضع ذکره.


1. «الذیال»: من ماده «ذیل» آخر کل شیء وتصطلح العرب بالذیال على الشخص الذی تخط ذیال ثوبه على الأرض، ولما کان هذا العمل یقوم به المتکبرون من الأفراد، فقد أطلقت الذیال على الأفراد الذین یتصفون بالکبر والأنانیه.
2. «المیّال»: من مادة «میل» الفرد الطائش.
3. «وذحة»: کما سیرد فی المتن بعرة الشاة أو بولها والذی یلتصق بصوفها، کما ورد بمعنى الخنفساء، إلاّ أنّ ابن أبی الحدید صرّح بأنّ المعنى الثانی لم یرد فی أی من لغات العرب، والحال إذا رجعنا إلى متون اللغة لرأینا أنّ أغلب أرباب اللغة ذکروا هذا المعنى لمفردة الوذحة.
4. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 7/279.

 

القسم الثالثمن هو الحجاج؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma