1 ـ سبل مواجهة التعلق بالدنیا

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
الاعتبار بالموتى2 ـ الردّ على سؤال

إنّ حبّ الدنیا کما ورد فی الروایة هو رأس کل خطیئة وأساس جمیع الذنوب والمعاصی، کما أنّ التعلّق بها والاغترار بزخارفها وحطامها یصد الإنسان عن ربّه وینسیه الآخرة والحساب یوم القیامة، ومن شأن هذه الغفلة والصدود أن تشکل أحد العوامل المهمّة التی تقذف بالإنسان فی وحل الخطایا والذنوب، وقد شهد عصر الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) تنامی الأموال والثروات إثر التقدم السریع الذی أحرزه الإسلام والغنائم المتحصلة من الغزوات، وهو الأمر الذی لفت إنتباه طائفة عظیمة من المسلمین لیشدّه إلى الدنیا ویدفع بها إلى التکالب علیها، وأفضل شاهد على ذلک الفساد المالی العظیم الذی حصل على عهد عثمان، ومن هنا لم ینفک الإمام (علیه السلام) فی أغلب خطب نهج البلاغة من ذمّ الدنیا والتحذیر من الانخداع بها والرکون إلیها والوثوق بها، وقد أورد عباراته بمنتهى الفصاحة والبلاغة وبالشکل الذی یجعلها تثیر حساسیة أهل الغفلة ممن نسوا أنفسهم وتعلّقوا بالدنیا، ولا سیّما فی هذه الخطبة التی مرّ علینا شرحها، فقد سارت مواکبة للقرآن الکریم فی ذمّه للدنیا، وقد سلک الإمام (علیه السلام) مختلف الطرق من أجل بیان هذه الحقیقة منها:

1 ـ تحدّث (علیه السلام) بادىء ذی بدء عن «غدر الدنیا وعدم ثباتها» وکیف استقطبت کل من تطلّع إلیها بینما ولّت ظهرها وتنکرت له وقذفت به فی وحل البؤس والشقاء.

2 ـ تحدّث أحیاناً عن «تقلب الدنیا السریع» حیث سرعان ما تتبدل القوّة ضعفاً، والانتصار هزیمة، والغنى فقراً، والعافیة مرضاً.

3 ـ کما تحدّث أحیاناً أخرى عن إختلاط النعم بالآلام، والمعافاة والعذوبة بالمرارة، فهنالک الاشواک حیث الأزهار، والأفاعی حیث الکنوز، بهدف عدم اغترار الناس بالدنیا والتعلّق بها والانخداع بزخارفها.

4 ـ کما یصحب (علیه السلام) مخاطبیه تارة أخرى لیوقفهم على نماذج عینیة ملموسة للغدر وعدم الثبات الذی تنطوی علیه طبیعة الدنیا، فیقول لهم: إنظروا إلى الدنیا ماذا فعلت بمن کان أشدّ منکم قوّة وأکثر جمعاً للأموال وأعظم جنداً.

5 ـ وأحیاناً أخرى یکون على غرار الرسّام الماهر الذی أمسک بریشته وجعل یرسم على لوحته الحالات المرعبة للإنسان على أعتاب الموت، وإنفصاله عن الأهل والولد والمال والثروة والجاه والمنصب، فیضع تلک اللوحة أمام أعینهم لیروها عن قرب فیعتبروا ویفکروا فی مصیرهم.

6 ـ کما یعمد أحیاناً أخرى لرسم لوحة صادقة معبّرة عن ضیق القبر وظلمته والذی یمثل آخر منازل الدنیا، فهو یحکی عن وحدة الإنسان وغربته وسط ما یجاوره من قبور صامتة، فلیس هناک من تزاور بینهم قط، کما لیس لأحد منهم علم عن آخر، إلى جانب تصویره لانقطاع الإنسان عن زوجته وولده ومدى عجزه وحاجته.

والملفت للنظرها هو أنّ جمیع هذه المباحث والمضامین إنّما تتحرک فی ظلّ آیات القرآن الکریم، فأحیاناً تشیر صراحة إلى تلک الآیات، وأخرى تکون العبارات مستقاة من الآیات القرآنیة، وهذا ما یسیغ نوراً ولمسات روحیة، وجذبات معنویة على کلمات الإمام علی (علیه السلام)وبالتالی مضاعفة مدى تأثیرها.

یالیت أهل الدنیا ممن اغتروا بها وخدعوا بحطامها وزیفها وتزینها أن یلتفتوا لأنفسهم ولو لحظة واحدة طیلة عمرهم فیطالعوا هذه الخطبة الموقظة ویتدبّروا عباراتها ومفاهیمها، بل ما أحرانا نحن أیضاً أن نتأمل هذه الخطبة وما شابهها من الخطب التی وردت فی نهج البلاغة لتتعمق معرفتنا بخصوص الدنیا والوقوف على مدى ضحالتها وتفاهتها فتتجدد فینا روح الطاعة والابتعاد عن الخطیئة والمعصیة.

جدیر بالذکر أنّ العدید من الأدباء والشعراء قد انطلقوا أیضاً فی ظلّ الآیات القرآنیة والروایات الشریفة والمفاهیم الدینیة فانشدوا أشعاراً تهزّ الضمیر وتوقفه على واقع الدنیا، من اُولئک الشعراء الایرانیین هو الشاعر الکبیر والفرید «الحافظ الشیرازی» الذی أنشد أشعاراً کثیرة بشأن سرعة زوال نعم الدنیا وغدرها وأنّ حلاوتها قد مزجت بالمرارة وراحتها بالألم وسلامتها بالمرض والسقم، کما نظم قصائداً فی تقلب أحوال الدنیا وتغیرها المفاجىء وعدم استقرارها على حال.

قصر الجدید إلى بلى *** والوصل فی الدنیا انقطاعه

أی اجتماع لم یعد *** یتفرق منها اجتماعه

أم أی شعب ذی إلتئام *** لم یبدده انصداعه

أم أی منتفع بشیء *** ثم تمّ له انتفاعه

یا بؤس للدهر الذی *** ما زال مختلفاً طباعه

قد قیل فی مثل خلا *** یکفیک من شر سماعه

ومن کلام الحکیم فی الدنیا: «إنا قد أصبحنا فی دار رابحها خاسر، ونائلها قاصر، وعزیزها ذلیل، وصحیحها علیل، والداخل إلیها مخرج، والمطمئن فیها مزعج، والذائق من شرابها سکران، والواثق بسرابها ظمآن، ظاهرها غرور، وباطنها شرور، وطالبها مکدود، وتارکها محمود».

 

الاعتبار بالموتى2 ـ الردّ على سؤال
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma