اللّهم أمطرنا بوابل رحمتک

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
القسم الثانیتفسیر ما فی هذه الخطبة من الغریب

طرح الإمام (علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبة طلبه وصحبه الرئیسی والذی یتمثل بنزول المطر المبارک فسأل الله سبحانه وتعالى مطراً ذات عشرین صفة تشیر کل واحدة منها إلى قضیة رائعة، وما أورع أن یذکر الإمام کل هذه الأوصاف للمطر المطلوب، وهى الأوصاف التی تجعل الإنسان یتواضع ویشعر بالخضوع أمام عظمة الخلاق، کما تفهم السامع عمق الآثار والبرکات التی تختزنها هذه القطرات من المطر: «اللَّهُمَّ سُقْیَا مِنْکَ مُحْیِیَةً مُرْوِیَةً، تَامَّةً عَامَّةً، طَیِّبَةً مُبَارَکَةً، هَنِیئَةً مَرِیعَةً(1). زَاکیاً نَبْتُهَا، ثَامِر(2) فَرْعُهَا، نَاضِر(3) وَرَقُهَا، تُنْعِشُ(4) بِهَا الضَّعِیفَ مِنْ عِبَادِکَ، وَتُحْیِی بِهَا الْمَیِّتَ مِنْ بِلادِکَ!».

الواقع هو أنّ الإمام (علیه السلام) سأل الله تعالى مطرا تتوفر فیه الشرائط وبعیداً عن کل الموانع، فقد لوحظ فی أغلب الأحیان نزول الأمطار على شکل سیول، لکنّها تحطم کل شیء تأتی علیه، أو إنّها تترکز فی نقطة معینة لیست لها منفعة عامة، أو أنّها مصحوبة ببرد شدید قارس لا تخفى آثاره السلبیة، أو یکون مصحوباً ببعض الموانع من قبیل الریاح الحارة والعواصف الشدیدة والآفات التی تصیب النباتات کالجراد والحشرات المؤذیة وأمثال ذلک التی تقضی على أثار الأمطار، فالإمام (علیه السلام) یأخذ جمیع هذه الأمور بنظر الاعتبار فیسأل الله تعالى اجتماع کافة الشرائط ودفع جمیع الموانع.

ثم واصل الإمام (علیه السلام) الدعاء بذکر سبعة أوصاف أخرى لیکتمل عدد الصفات عشرین صفة فقال: «اللَّهُمَّ سُقْیَا مِنْکَ تُعْشِبُ بِهَا نِجَادُن(5)، وَتَجْرِی بِهَا وِهَادُنَ(6) وَیُخْصِبُ(7) بِهَا جَنَابُنَ(8)، وَتُقْبِلُ بِهَا ثِمارُنَا، وَتَعِیشُ بِهَا مَوَاشِینا، وَتَنْدَى(9) بِهَا أَقَاصِینَ(10)، وَتَسْتَعِینُ بِهَا ضَوَاحِینَ(11). مِنْ بَرَکاتِکَ الْوَاسِعَةِ، وَعَطَایَاکَ الْجَزِیَلَةِ عَلَى بَرِیَّتِکَ الْمُرْمِلَةِ(12)، وَوَحْشِکَ الْمُهْمَلَةِ».

فقد کشف الإمام (علیه السلام) النقاب بهذا الدعاء عن سعة صدره وعمق نظره وعمومیة شفقته ورحمته، ذلک لأنّه أخذ بنطر الاعتبار المناطق القاصیة والدانیة ولم یهمل الدواب حتى حیوانات الصحراء الوحشیة، فدعاءه یشمل الجمیع وسؤاله یهدف حاجة الجمیع وهذا هو معنى لطف إمام المسلمین ورحمته العامّة.

وأضاف الإمام (علیه السلام) فی معرض مواصلة لطلب الماء ونزول المطر الذی یفیض بالخیر والبرکة قائلاً: «وَأَنْزِلْ عَلَیْنَا سَمَاءً مُخْضِلَةً(13)، مِدْرَاراً هَاطِلَةً(14)، یُدَافِعُ الْوَدْقُ مِنْهَا الْوَدْقَ(15)، وَیَحْفِزُ(16) الْقَطْرُ مِنْهَا الْقَطْرَ».

کما واصل (علیه السلام) وصف الأمطار: «غَیْرَ خُلَّب(17) بَرْقُهَا، وَلاَ جَهَام(18) عَارِضُهَا، وَلاَ قَزَع(19)رَبَابُهَ(20)، وَلاَ شَفَّان(21) ذِهَابُهَ(22)».

ثم واصل الإمام (علیه السلام) الدعاء قائلاً: «حَتَّى یُخْصِبَ لاِِمْرَاعِهَ(23) الُْمجْدِبُونَ(24)، وَیَحْیَا بِبَرَکَتِهَا الْمُسْنِتُونَ(25)، فَإِنَّکَ تُنْزِلُ الْغَیْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا، وَتَنْشُرُ رَحْمَتَکَ وَأَنْتَ الْوَلِیُّ الْحَمِیدُ(26)».

فقد بیّن الإمام فی هذه العبارة تسع أوصاف أخرى للأمطار المفیدة النافعة ذات الخیر والبرکة، حیث یبلغ عدد الصفات مع ذکر سابقاً 29 صفة، حقّاً إنّه لمن دواعی العجب والدهشة أن یستسقی الإمام (علیه السلام) ویوصف المطر بتسع وعشرین صفة بینما یصف ذلک الطالبون عادة بصفة، أو صفتین فیبتهلون إلى الله سبحانه وتعالى أن أسقنا الغیث المبارک، ومن هنا لا یشعر الإنسان سوى بالحیرة والذهول حین یتأمل عبارات أمیر المؤمنین علی(علیه السلام)، لقد استفرغ الإمام أقصى فصاحته وبلاغته فی هذه الخطبة وشرح طلبه إلى الله تعالى بما یعرّف الناس بلطف الله تعالى وفضله ورحمته ویفهمهم أنّ مسار النعمة ملیىء بکثیر من الموانع بحیث لا یسعهم بلوغ الکمال المنشود ما لم تشملهم رعایة الله ورحمته، والحق یتعذر مثل هذا المنطق على من لم یکن مؤیداً من عند الله ویؤید بروح القدس.


1. «مریع»: من مادة «مرع» على وزن فرح کثیف النبات.
2. «ثامر»: بمعنى ذو ثمر.
3. «ناصر»: بمعنى ذو نضرة.
4. «تنعش»: من مادة «نعش» على وزن فرش بمعنى الإثارة والإقامة.
5. «نجاد»: من مادة «نجود» على وزن سجود ما ارتفع من الأرض حیث تصطلح العرب بالنجد على الأرض المرتفعة.
6. «وهاد»: جمع «وهدة» على وزن غفلة ما انخفض من الأرض.
7. «یخصب»: من مادة «خصب» على وزن فکر کثیر النبات.
8. «جناب»: ناحیة الدار أو المدینة.
9. «تندی»: من مادة «نداوة» الرطوبة وهى هنا کنایة عن الجود والسخاء.
10. «أقاصی»: جمع «أقصى» النقطة البعیدة.
11. «ضواحی»: جمع «ضاحیة» المنطقة الخارجة عن المدینة.
12. «مرملة»: من مادة «إرمال» الفقر ونفاد المتاع والزاد.
13. «مخضلة»: من مادة «خضل» على وزن عمل الیلل والرطوبة وتستخدم کنایة للسنوات الملیئة بالأمطار ونزول البرکة.
14. «هاطلة»: من مادة «هطل» على وزن سطل السیول والقطرات الضخمة.
15. «الودق»: حبات المطر، کما تطلق على ذرات الماء الصغیرة التی تتعلق کغبار فی الجو حین نزول المطر، والمعنى الأول هنا أنسب.
16. «یحفز»: من مادة «حفز» على وزن نبض الدفع بشدّة.
17. «خلّب»: بمعنى خارع من مادة «الخلاّبة» وهى هنا إشارة إلى الغیوم ذات البرق والرعد الخالیة من المطر.
18. «جهام»: بالفتح السحاب الذی لا مطر فیه.
19. «قزع»: القطع الصغیرة المتفرقة من السحب.
20. «رباب»: السحاب الأبیض (الذی لا مطر فیه).
21. «شفان»: الریاح الباردة أو الجو البارد المقرون بالرطوبة (لسان العرب ومعجم دهخدا) وأصلها شفون على وزن فنون النظر بطرف العین أو النظرة باعتراض، ولعل اطلاقها هنا على الریاح الشدیدة لأنّها تسبب انزاعاج الطرف المقابل.
22. «ذهاب»: جمع «ذهبة» بالکسر الأمطار القلیلة.
23. «امراع»: بمعنى کثیر البرکة.
24. «مجدب»: من مادة الجفاف بسبب قطع الماء ویقال مجدب لمن اُصیب بالجفاف والقحط.
25. «المسنت»: هو المقحط.
26. إقتباس من الآیة الشریفة: (وَهُوَ الَّذِی یُنَزِّلُ الْغَیْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَیَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِىُّ الْحَمِیدُ)(سورة الشورى / 48).

 

القسم الثانیتفسیر ما فی هذه الخطبة من الغریب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma