من الوصایا الإسلامیة التی وردت بصورة موسعة فی الکتب الفقهیة الوصیّة بصلاة الاستسقاء، حیث یقبل فیها الناس على الله تبارک وتعالى ویتوبون إلیه من ذنوبهم معاصیهم ویسألونه نزول المطر، وقد حدث هذا الأمر کراراً ومراراً فی الإتیان بهذه الصلاة ونزول الرحمة الإلهیّة، ویبدو أنّ الإمام (علیه السلام) قد دعى الناس حین الاستسقاء، ومن هنا فقد خطب بهذه الخطبة الملیئة بدروس التوحید والتهذیب والتربیة، فقد قال (علیه السلام) بادىء الأمر بهدف إعداد الناس وإحیاء روح التوحید فیهم والتوجه إلى الله تعالى الذى یمثل مصدر الخیر والبرکة والعطاء: «أَلاَ وَإِنَّ الاَْرْضَ الَّتِی تُقِلُّکُمْ(1) ]تحملکم[، وَالسَّمَاءَ الَّتِی تُظِلُّکُمْ مُطِیعَتَانِ لِرَبِّکُمْ».
ثم قال (علیه السلام): «وَمَا أَصْبَحَتَا تَجُودَانِ لَکُمْ بِبَرَکَتِهِمَا تَوَجُّعاً لَکُمْ، وَلاَ زُلْفَةً إِلَیْکُمْ، وَلاَ لِخَیْر تَرْجُوَانِهِ مِنْکُمْ، وَلکِنْ أُمِرَتَا بِمَنَافِعِکُمْ فَأَطَاعَتَا، وَأُقِیمَتَا عَلَى حُدُودِ مَصَالِحِکُمْ فَقَامَتَا»، والتعبیر بالسماء إشارة إلى الغیوم المحلیة، لأنّ العرب تستعمل السماء بمعنى الجانب العلوی، فتطلقه أحیاناً على موضع النجوم فتقول نجوم السماء، وتطلقه أحیاناً أخرى على موضع الشمس والقمر، وأخیراً على موضع السحب والغیوم وحتى الموضع الذی یضم الغصون المرتفعة للأشجار، ومن ذلک الآیة القرآنیة: (أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِی السَّمَاءِ)(2).