القرآن والسنة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الثانیعاقبة العالم غیر العامل

بعد أن فرغ الإمام(علیه السلام) من بیان أرکان الإسلام وذکر فلسفة الأحکام، دعا الناس إلى امتثال الأحکام والعمل بالوظائف فقال (علیه السلام): «أفیضوا فی ذکر الله فانّه أحسن الذکر».

فالعبارة «أفیضوا» تفید کثرة ذکر الله سبحانه والتوجه إلیه.

والعبارة «أحسن الذکرى» لأنّ ذکر الله سبحانه مصدر وأساس کافة البرکات المادیة والمعنویة.

فقد جاء فی الحدیث النبوی: «لیس عمل أحب إلى الله تعالى، ولا أنجى لعبد من کل سیئة فی الدنیا والآخرة، من ذکر الله. قیل: ولا القتال فی سبیل الله؟ قال: لولا ذکر الله لم یؤمر بالقتال»(1).

ثم قال(علیه السلام): «وارغبوا فیما وعد المتقین فانّ وعده أصدق الوعد، واقتدوا بهدی نبیّکم فانّه أفضل الهدى، واستنوا بسنته فانّها أهدى السنن».

لاشک أنّ الوعود الإلهیة للمطیعین والمؤمنین الصالحین لهی أصدق الوعود، لأنّ من یتخلف عن الوعد إمّا عاجز، أو بخیل أو جاهل، حیث یعد دون علم، ثم لایفی بوعده. أمّا من کان مطلق فی علمه وقدرته فخلف الوعد محال علیه.

المراد بالهدى (على وزن منع) السبیل والاسلوب والطریقة.

والسنة تعنی ما یصدر من الأوامر فی مختلف المجالات، ولما کان رسول الله(صلى الله علیه وآله) هو خاتم الأنبیاء، فمن الطبیعی أن تکون سنة أهدى السنن.

ثم أکد الإمام(علیه السلام) على القرآن فقال: «وتعلموا القرآن فانّه أحسن الحدیث، وتفقهوا فیه، فانّه ربیع القلوب، واستشفوا بنوره فانه شفاء الصدور، وأحسنوا تلاوته فانّه أنفع القصص».

فقد ذکر الإمام(علیه السلام) أربع مراحل مختلفة تتقدم کل واحدة منها بصورة طبیعیة على الاُخرى.

فی المرحلة الاولى أوصى(علیه السلام) بتعلم القرآن على أنّه أحسن الحدیث; وذلک لاشتماله على أکمل أسس سعادة الإنسان.

المرحلة الثانیة أوصى(علیه السلام) بالتفکیر والتدبر فیه وسبر غوره والوقوف على معناه ومضمونه، بفضله ربیع القلوب، فکما تتفتح البراعم فی فصل الربیع وتورق الأشجار وتنبت الأوراد والزهور وتنتشر رائحتها العطرة فی کل مکان، فببرکة القرآن الکریم تظهر على القلب زهور فضائل الأخلاق وبراعم المعارف الإلهیة، فمن لم یکتسب منه الحیاة الإنسانیة، کان کالشجرة الیابسة التی لاتهتز وتتحرک فی فصل الربیع.

المرحلة الثالثة الأمر بالعمل والقول: علیکم بالاستشفاء بنور آیات الله، على غرار نور الشمس التی یستشفى فی ظلها المرضى، فقد قیل أشعة الشمس قد تغنی عن حضور الطبیب. والمرحلة الرابعة: «أحسنوا تلاوته» لتغوص القلوب فیه وتطبع بطابعه فتبلغه إلى الآخرین.

وهکذا یکون الإمام(علیه السلام) قد حدد وظیفة الأفراد تجاه القرآن الکریم. ولیت الأفراد لم یکتفوا بالاقتصار على حسن تلاوة القرآن وتجویده والترکیز على جمالیة الصوت، والتفتوا إلى سائر
المراحل التی تشکل الدف الأصلی للقرآن. وقد عبرت العبارة الاولى عن القرآن على أنّه أحسن الحدیث، والعبارة الأخیرة أنفع القصص. فالحدیث ما یصدر من المتحدث من کلام (لأنّ الحدیث من مادة حدوث ویطلق على الکلام الحدیث لأنّه حادث باستمرار) فالمفهوم أنّ القرآن أفضل کلام بین الناس، من حیث الفصاحة والبلاغة، ومن حیث المحتوى والمضمون، والواقع هو أنّ العبارة إشارة إلى الآیة الشریفة: (
اللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِیثِ کِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِیَ)(2).

أمّا أحسن القصص فقد ذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى أنّ المراد بها المجموعة القرآنیة بما فیها الآثار والنتائج العلمیة للقرآن التی تتحصل فی ظل اجراء الأحکام والتعالیم القرآنیة.

ومن هنا وردت الإشارة فی آخر الخطبة إلى نقطة مهمّة بالنسبة للعالم الذی لاعمل له، واولئک الذین یتلون القرآن ولایعملون به، إذ قال(علیه السلام): «إنّ العالم بغیر علمه کالجاهل الحائر الذی لایستفیق(3) من جهله، بل الحجة علیه أعظم، والحسرة ألزم، وهو عند الله ألوم(4)».

فالعبارة تشتمل على تشبیه رائع للعالم بلا عمل (أو بتعبیر الإمام(علیه السلام) العالم الذی لایعمل بعلمه) یفید أنّ مثل هذا العالم أقل درجة فی الواقع من الجاهل العادی. بل هو کالجاهل الحائر الذی لایفیق من جهله قط، فلیس هنالک من أمل فی هدایته; وذلک لأنّه یسیر عن علم على الطریق الاعوج، ومن هنا فان الله سبحانه یسلبه توفیق الهدایة فیفقد صوابه فی هذه الحیرة ولایصل ساحل النجاة أبدا فیسقط فی الهاویة.

ثم أشار(علیه السلام) إلى مدى بؤس مثل هذه العالم السادر فی غیه فقال(علیه السلام) أولاً بأنّ الحجة علیه أعظم، فقد یتذرع الجاهل بجهله (إن یکن الجهل عذراً) ولکن ما عذر العالم بلا عمل.

والثانی حسرته لازمة، فقد تخلف عن السعادة وکانت کافة أسبابها لدیه فتاه حائراً فی صحراء الحیاة.

والثالث أنّه أکثر لوماً عند الله من الجاهل الحائر، لأنّ الحجة علیه أتم من غیره. ومن هنا ورد فی الروایة عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: «یغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن یغفر للعالم ذنب واحد»(5). بل یتعذر قبول توبة هذا العالم الذی لاعمل له. فقد صرح القرآن الکریم قائلاً: (إِنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللّهِ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَة...)(6).


1. کنز العمال، 3931.
2. سورة الزمر/17.
3. «یستفیق» من مادة «استفاقة» بمعنى تحسن الحالة الصحیة بعد المرض والوعی بعد السکر والیقظة من النوم وجاءت هذه الکلمة فى هذه الخطبة بالمعنى الثالث أی الیقظة من النوم.
4. «ألوم» من مادة «لوم» على وزن قوم بمعنى العتب، ومع الأخذ بنظر الاعتبار بان «ألوم» هى صیغه أفعل تفضیل، وهنا تعنی الملامة، وهو الأنسب.
5. الکافی 1/47 ح 1.
6. سورة النساء/17. 
القسم الثانیعاقبة العالم غیر العامل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma