العمل بالتکلیف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الثالثمقارنة بین أهل العراق والشام

صعد الإمام(علیه السلام) هنا من حدة کلامه وامطار أرواح القوم بوابل تقریعه ولومه، مع بیان نقاط ضعفهم، علهم یفیقون من غفلتهم ویجدوا فی اصلاح أنفسهم، فقال(علیه السلام): «یا أهل الکوفة منیت منکم بثلاث واثنتین صم ذوو أسماع، و بکم ذوو کلام، وعمی ذوو أبصار».

فالإمام(علیه السلام) یشیر إلى عجزهم عن مشاهدة الأحداث والافتقار إلى تحلیلها الصحیح وعدم السعی للعثور على الحلول، فقد قبعوا فی مخادعهم ینتظرون العدو الذی لایأبه بشیىء، دون أن تتحرک لهم قصبة، أو یسمعوا رعیده ووعیده فیستعدوا لمجابهته.

إلى جانب ذلک فهناک خصلتان لم تکن فیهم «لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء».

لا شک أنّ الحیاة ملیئة بالأحداث الساخنة والطبیعیة: فأحیاناً الحرب والقتال والاُخرى الصلح والسلام، وتارة الراحة والأمان واُخرى التعب والبلاء. والأصدقاء الأوفیاء والاخوة الثقاة لایعرفون عند الراحة والاستقرار، ومیدان معرفتهم إنّما یکمن فی الصعوبات والمعضلات والنزاعات والبلایا والأحداث الألیمة، وممّا یؤسف له أهل الکوفة لم ینجحوا آنذاک فی الامتحان، وقد کشفوا مراراً عن غدرهم وضعفهم وعدم صمودهم وثباتهم.

ومن هنا دعا علیهم الإمام(علیه السلام) فی العبارات القادمة، ثم اختتم کلامه یتشبیهین رائعین لاوضاعهم النفسیة فقال: «تربت(1) أیدیکم»، ثم اتبعها بالقول: «یا أشباه الابل غاب عنها رعاتها».

فالتشبیه تعبیر واضح عن جهل القوم وعدم انضباطهم. فقد شبههم فی البدایة بالحیوانات ومن ثم بعدم وجود الراعی النافذ الکلام.

ثم قال(علیه السلام) بعد أن أقسم أنّهم لو حمی الوطیس ونشبت الحرب لترکوا الإمام(علیه السلام) وحده فی الساحة وانفرجوا عنه انفراج المرأة عن ولیدها حین وضعها لحمله: «والله لکأنی بکم فیما إخالکم: أن لو حمس(2) الوغى(3)، وحمی(4) الضراب، قد انفرجتم عن ابن أبی طالب انفراج المرأة عن قبلها».

هذا وقد ذکرت عدة تفاسیرللعبارة «انفرجتم...» إلاّ أن ما أوردناه سابقا هو الأنسب لمقام أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) إلى جانب رعایة الفصاحة والتناسب فی مقام التشبیه. فالمرأة حین الوضع ترجو أن تضع حملها کل لحظة لما تعانیه من الاُم وأوجاع، والإمام(علیه السلام) شبه أهل الکوفة بهذه المرأة التی تعد اللحظات أملا فی وضع الحمل، فکانوا یعیشون حالة من الجزع فی میدان القتال بحیث ینتظرون بفارغ الصبر الفرصة المؤاتیة للهروب من ساحة المعرکة، وهو الهروب الذی لاعودة فیه، کالولید الذی ینسلخ عن رحم أمه فلا یعود إلیه. وللإمام(علیه السلام)تشبیه رائع بهذا الشأن ورد فی الخطبة 34 حیث قال(علیه السلام): «وأیم الله إنّی لأظن بکم أن لوحمس الوغى، واستحر الموت، قد انفرجتم عن إبن أبی طالب انفراج الرأس».

وفی الختام یکشف عن موقفه فی هذه الأحداث فقال(علیه السلام): «وإنّی لعلى بینة من ربّی، ومنهاج من نبیی، وإنی لعلى الطریق الواضح ألقطه لقط(5)». فمن الطبیعی أن لایکون هناک من شعور بالفشل أو الهزیمة لمن انطلق فی حرکته على هدی من الله ونور من رسوله(صلى الله علیه وآله)، ولایرى فی کل ما یحدث سوى الغلبة والنصر وأداء التکلیف والوظیفة. والعبارة «ألقطه لقطا» تعنی جمع الأشیاء من نقاط مختلفة، الأمر الذی یحتاج إلى الدقة والفطنة، ومراد الإمام(علیه السلام) من هذه العبارة أنّی أجد فی الاختیار من أجل التقدم فی مسار الحق وانتخب أفضل السبل من أجل بلوغ الهدف.


1. «تربت» من مادة «تراب»، تستعمل فی الخسارة والفقر، وکأنّ الفقیر قد صرع وخالط التراب یده.
2. «حمس» بالفتح من مادة «حمس» على وزن قفص بمعنى الشدة و«الحماسة» و«التحمس» یعنی التشدید ولا سیما فی المعرکة.
3. «وغى» یعنی فی الأصل اصوات المقاتلین فی المعرکة، کما تطلق على نفس المعرکة، وقد وردت عنا بهذا المعنى.
4. «حمى» من مادة «حمى» على وزن سعی شدة الحرارة، و«الضراب» بمعنى الاشتیاک والمناوشة والقتال.
5. «لقط» أخذ الشیء من الأرض، وتطلق «القطة» على الأشیاء المفقودة، لانّها عادة ماتلتقط من الأرض. 
القسم الثالثمقارنة بین أهل العراق والشام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma