فضائل النبی(صلى الله علیه وآله)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الثالث1 ـ منزلة النبی(صلى الله علیه وآله) لدى الآخرین

رکز الإمام(علیه السلام) فی إطار حدیثه عن أنبیاء الله ورسله على خاتم الأنبیاء والمرسلین محمد(صلى الله علیه وآله)وفضائله وکمالاته وأعظم صفاته من جمیع الجهات. فقد تطرق فی بادىء الأمر إلى أجداده الطاهرین وعظم فضیلة ونسبه(صلى الله علیه وآله) ثم خاض فی فروع هذه الشجرة المبارکة من عترته وأهل بیته. ثم تناول فی المرحلة الاُخرى صلاحیته فی زعامة الاُمّة، کما تحدث عن انبثاق دعوته وقیامه بالامر، ومن شأن کل بعد من هذه الابعاد أن یکشف عن عظمته(صلى الله علیه وآله). فقد قال(علیه السلام) بأنّ الله وأصل عنایته ولطفه ببعث الأنبیاء إلى أن ختمهم بالنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله): «حتى أفضت کرامة الله سبحانه وتعالى إلى محمد(صلى الله علیه وآله)».

حیث استخرجه من أطیب المعادن وأفضلها ومن أطیب الترب وأعزها، وجعل فرع وجوده من شجرة الأنبیاء، تلک الشجرة الطیبة التی اصطفى منها أمناء رسالاته: «فأخرجه من أفضل المعادن منبتاً، وأعز الارومات(1) مغرساً: من الشجرة التی صدع منها أنبیاءه، وانتجب منها أمناءه».

قطعاً أنّ أحد الابعاد المهمة فی شخصیة الإنسان انما یبلوره البعد الوراثی، حیث یکتسب الأبناء القدسیة من جراء الآباء من أهل الورع والتقوى والصلاح، والاُمهات من ذوی الطهر والنجابة والعفاف. وبالطبع کل ذلک دون حصول الاجبار. والنبی(صلى الله علیه وآله)کان نموذجاً بارزاً فی هذا الأمر; فهو ینتهی لآل ابراهیم(علیه السلام) والأنبیاء الذین إنحدروا من نسله، من صلب بنی هاشم المعروفون بالشجاعة والکرم والاثرة، من ولد عبدالمطلب المشهور بإیمانه وعدله وشجاعته. فقد انفرد(صلى الله علیه وآله) بکل هذه الصفات.

الحقیقة الاُخرى التی لاغبار علیها هى أنّ الأبناء من ذوی الشخصیات والأحفاد من أهل الفضائل دلیل آخر على شخصیة کل إنسان وقد یما قیل (الظرف ینضح بما فیه).

ومن هنا ذکر الإمام(علیه السلام) بأنّ عترته من أهل بیته من أفضل العتر وأطیبها، واسرته(صلى الله علیه وآله) من خیر الاسر، وشجرته المبارکة من أحسن الشجر: «عترته(2) خیر العتر، وأسرته خیر الاُسر، وشجرته خیر الشجر» الشجرة التی نبتت فی حرم الله الأمن، وبسقت فی سماء الکرامة والفضیلة: «نبتت فی حرم، وبسقت فی کرم».

وتمتاز هذه الشجرة بفروعها الطویلة وثمارها الطیبة القیمة التی لاتبلغها أیادی السفلة: «لها فروع طوال، وثمر لاینال».

فالحق أنّ الإمام(علیه السلام) أدى حق الکلام بهذه العبارات اللطیفة الرائعة بشأن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)وعترته الطاهرة(علیهم السلام)، واماط اللثام عن عظمة وبرکة هذه الشجرة الطیبة، لیبیّن بتشبیهات وعبارات جمیلة فضائله ومناقبه(صلى الله علیه وآله) وأهل بیته.

وقد ذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى أنّ المراد بالحرم فی قوله: «نبتت فی حرم» الحرم المکی، الذی نمت فیه شجرة النبی (صلى الله علیه وآله)، وترعرعت ونمت فی ظله، بینما ذهب البعض الآخر إلى أنّ المراد بالحرم هنا العترة والحرمة; أی أن شجرته(صلى الله علیه وآله) نبتت فی غایة الحرمة والعزة، ولکن یبدو المعنى الأول أنسب.

والعبارة «بسقت فی کرم» إشارة إلى أنّ النبی(صلى الله علیه وآله) لم یلد فی أرض وأسرة عزیزة کریمة فحسب، بل ترعرع وتربى فی بیئة مفعمة بالکرامة والشموخ (لأن البسوق فی الأصل تعنی ارتفاع وطول فروع وأغصان النخل).

والعبارة «ثمر لاینال» لا تعنی أن ید أحد لاتصل إلى ثمار هذه الشجرة المبارکة; لأن هذه لیست فضیلة، بل کما ذکرنا سابقاً إمّا ان یکون المراد أنّه لاتبلغ ید الطالحین ثمار هذه الشجرة الفاضلة، وإمّا أن یکون المراد أنّ ثمار هذه الشجرة المبارکة إلى درجة من الفضل والکرامة بحیث لایمکن أن یصافها أحد.

ویتبین ممّا ذکرنا آنفاً أنّ الشجرة فی العبارة الاولى إشارة إلى إبراهیم(علیه السلام) والأنبیاء السابقین، وفی العبارة الاُخرى إشارة إلى شجرة وجود النبی(صلى الله علیه وآله) وعترته فروعها.

ثم أشار بعد ذلک بتسع عبارات فصار إلى سائر الخصال المهمة الحمیدة للنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، فقال(علیه السلام): «فهو إمام من اتقى وبصیرة من اهتدى، سراج لمع ضؤوه، وشهاب سطع نوره، وزند(3) برق لمعه، سیرته القصد، وسنته الرشد، وکلامه الفصل، وحکمه العدل» فالعبارة: «إمام من اتقى...» شبیهة «هدى للمتقین» بشأن القرآن التی وردت فی الآیة الثانیة من سورة البقرة. والمراد إنّما یستضیئى بنور هذا السراج الهادی والزعیم الاوحد من کانت له عین باصرة وقلب واع ینشد الحقیقة والفضیلة، بعبارة اُخرى یتحلون بالتقوى التی تجعلهم مستعدین لقبول الحق; ولذلک فلیس من العجیب ألایهتدی بهدیه أهل التعصب والعناد والأحقاد والضغان من عمی البصائر، على غرار مکفو فی البصر الذین لایرون الشمس فی رابعة النهار فلا یستفیدون من ضیائها، والعبارة: «سیرته القصد» شبیهة ما ورد فی القرآن الکریم: (وَکَذ لِکَ جَعَلْناکُمْ أُمَّةً وَسَط)(4)، فهى إشارة إلى اعتدال سیرة النبی(صلى الله علیه وآله)وابتعاده عن کل افراط وتفریط فی کافة الشؤون العبادیة والاخلاقیة والسیاسیة والاقتصادیة.

ولعل هناک من یتصور أن هناک تضاد بین العبارة «وحکمه العدل» وما ورد فی الحدیث الشریف عن النبی(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «إنّما أقضی بینکم بالبینات والإیمان، وبعضکم ألحن بحجته من بعض; فأیما رجل قطعته من مال أخیه شیئا، فانما قطعت له به قطعة من النار».(5)

وذلک لأنّ النبی(صلى الله علیه وآله) قد یحکم بخلاف الواقع على ضوء مفهوم هذا الحدیث. إلاّ أنّ الجواب على هذا الإشکال یبدو واضحاً، وهو أنّ النبی(صلى الله علیه وآله) لم یستعن فی إصداره للأحکام على الوحی والغیب، وإنّما یصدر أحکامه دائماً على ضوء الأدلة والمدارک المتعارفة الموجودة، وهذا بحد ذاته عین العدالة، فی أن یستند القاضی إلى المدارک الموجودة فی إصداره للأحکام والقضاء، فاذا کان هناک من یضعف عن بیان الحق، أو لا یستطیع أن یقدم المدارک المطلوبة فیتعرض إلى نوع من الاجحاف فانّ ذلک لا یخدش البتة فی عدالة القاضی، ولو کان غیر ذلک لما أمکن تسمیته عادلاً.

ثم اختتم الإمام(علیه السلام) کلامه بالاشارة إلى الظروف الصعبة والملابسات التی رافقت ظهور النبی(صلى الله علیه وآله) لیکشف النقاب عن عظمة دعوة النبی(صلى الله علیه وآله) والجهود الجبارة التی بذلها فی هذا الشأن، فقد بعثه الله بعد مدة طویلة من الرسل (ومن هنا) ابتعد الناس عن العمل الصالح وعاشوا الانحراف، وساروا نحو الجهل والظلام: «أرسله على حین فترة من الرسل، وهفوة(6) عن العمل، وغباوة(7) من الاُمم» وتتضح حقیقة هذه العبارات من خلال التأریخ البشری إبان ظهور الدعوة الإسلامیة، ولاسیما أوضاع عرب الجاهلیة.(8)

ومن الطبیعی أن تکون وظیفة أولیاء الله والمصلحین الربانیین ودعاة العدل والحق والاخلاق والفضیلة أصعب وأعقد کلما کانت الظروف السائدة قاسیة تدعو إلى الجهل والبلادة والفساد والانحراف، ومن هنا نکتشف عظمة النبی(صلى الله علیه وآله) وعظم جهوده فی تغییر ذلک المجتمع.


1. «أرومات» جمع «ارومة» بمعنى أصل الشیء وأساسه، کما تطلق على جذر الشجرة.
2. «عترة» من مادة «عتر» على وزن سطر آل بیت الرجل ونسله ورهطه الأقربون، والعشیرة. ومعناها الأصلی هو الأصل.
3. «زند» ما تشعل به النار مثل الکبریت، أو الوسائل القدیمة التی کانت توقد منها النار.
4. سورة البقرة/142.
5. وسائل الشیعة 18/169 ح 1.
6. «هفوة» من مادة «هفو» الزلل.
7. «غباوة» من الغباء وعدم الفهم.
8. راجع شرح الخطبة الاولى 1/228. 
القسم الثالث1 ـ منزلة النبی(صلى الله علیه وآله) لدى الآخرین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma