الثواب والعقاب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم السادساُسلوب الهدایة

أشار الإمام(علیه السلام) فی هذا الموضع من الخطبة ـ الذی یمثل فی الواقع آخر مرحلة سیر الإنسان ـ إلى جانب من ثواب المحسنین وعقاب المسیئین فقال: «فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره، وخلدهم فی داره».

ثم تحدث(علیه السلام) عن خصائص تلک الدار بعبارات قصار بعیدة المعنى «حیث لایظعن(1)النزال، ولا تتغیر بهم الحال». وإلى جانب ذلک فلا من خوف ولا مرض ولاخطر ولاسفر یخرج من الدیار «ولا تنوبهم الأفزاع(2)، ولا تنالهم الأسقام، ولا تعرض لهم الأخطار ولا تشخصهم(3) الأسفار».

وعلیه فالحوادث المزعجة والعوارض المقلقة التی تصدع باستمرار هدوء الإنسان فی الحیاة الدنیا، لا وجود لها فی الآخرة، والإنسان فی راحة تامة هناک ینعم بالسکینة والاستقرار والحیاة المملوءة بالفرح والسرور، فلیس هنالک من خطر یهدده، ولامرض ولا عوامل طبیعیة مرعبة من قبیل السیول والزلازل والقحط وسائر الحوادث الاجتماعیة التی تدعوا إلى النزاع والحرب فتهدد أمنه.

والفارق بین العبارة «لایظعن النزال» والعبارة «ولا تشخصهم الأسفار» فی أنّ الاولى إشارة إلى السفر الاضطراری الذی قد یجبر علیه الإنسان فی الدنیا أحیاناً فیترک وطنه بالمرة، والثانیة إشارة إلى الأسفار التی یضطر لها الإنسان فی الدنیا بهدف تلبیة حاجاته ومتطلباته فیتحمل المشاق والمصاعب، ولیس هنالک أی من هذین السفرین فی الدار الآخرة.

نعم فالحیاة الدنیا مهما کانت مریحة مفعمة بالنعم إلاّ أنّها لیست حلوة مرجوة بسبب تلک الآفات والعوارض; بینما حلوة هى الدار الآخرة لخلوها من هذه الآفات والعوارض.

وهنا قد یقتدح إلى الأذهان هذا السؤال اننا لندرک قیمة النعمة حین نفقدها والصحة والعافیة والسلامة حین السقم والمرض، وما لم نر ظلمة اللیل فلا نقف على أهمیة شعاع الشمس فی النهار، أفلا یغیب عن الإنسان إدراک لذة تلک النعم إذا لم تطرأ علیها الحوادث المذکورة؟

وللاجابة على هذا السؤال لابدّ من الالتفات إلى نقطتین: الاولى أنّ نعم الآخرة فی حالة تغییر، أی هناک نعمة تستبدل باُخرى على الدوام، وکل یوم یفاض علیهم نعم جدیدة، ومن شأن هذا التغییر أن یقضی على حالة الرتابة. والثانیة ما یجعل نعم الدنیا مریرة هو أنّها محفوفة بالاخطار، والذی یؤرق الإنسان هو عدم انفکاکه عن التفکیر فی سلبها وزوالها، وقد أشار الإمام(علیه السلام) إلى عدم وجود هذه الاُمور فی نعم الآخرة.

فقد ورد على لسان أهل الجنّة حین حمدهم لله وثنائهم علیه: (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِی أَذهَـبَ عَنّا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَـکُورٌ * الَّذِی أَحَـلَّنا دارَ المُـقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا یَمَسُّنا فِـیها نَصَـبٌ وَلا یَمَسُّنا فِـیها لُـغُوبٌ)(4).

ثم خاض(علیه السلام) فی تفاصیل أهل المعصیة وما یتعرضون له من مشقة «وأمّا أهل المعصیة فأنزلهم شر دار، وغل الایدی إلى الاعناق، وقرن النواصی بالأقدام».

والعبارات إشارة إلى ما صرح به القرآن الکریم: (إِذِ الأَغْلالُ فِی أَعْناقِـهِمْ وَالسَّلاسِلُ یُسْحَبُونَ * فِی الحَمِـیمِ ثُمَّ فِی النّارِ یُسْجَرُونَ)(5).

ثم واصل(علیه السلام) کلامه قائلاً: «وألبسهم سرابیل القطران، ومقطعات النیران، فی عذاب قد اشتد حره، وباب قد أطبق على أهله، فی نار لها کلب(6) ولجب(7)، ولهب ساطع، وقصیف(8)هائل».

فالعبارات تفید شدة حرارة نار جهنم المحرقة، حیث تتصاعد السنتها إلى عنان السماء مصحوبة بالأصوات المرعبة.

ثم قال(علیه السلام): «لایظعن مقیمها، ولا یفادى أسیرها، ولا تفصم(9) کبوله(10) لا مدة للدار فتفنى، ولا أجل للقوم فیقضى».

ولو تصور الإنسان فی ذهنه لحظة هذا العذاب الشدید والمرعب، لما قارف الذنب، وهذا هو هدف الإمام(علیه السلام) من شرح هذا العذاب!

وقد أکدت الروایات الإسلامیة التمعن فی الآیات القرآنیة التی تتحدث عن الثواب، والتوقف عند تلک التی تتحدث عن العذاب.

وهو ذات الأمر الذی أکده الإمام(علیه السلام) فی الخطبة 93 وهو یصف المتقین: «فاذا مروا بآیة فیها تشویق رکنوا إلیها طمعاً، وتطلعت نفوسهم إلیها شوقاً، وظنوا أنّها نصب أعینهم، وإذا مروا بآیة فیها تخویف أصغوا إلیها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفیر جهنم وشهیقها فی أصول آذانهم».


1. «یظعن» من مادة «ظعن» السفر.
2. «أفزاع» جمع «فزع» الخوف.
3. «تشخص» من مادة «إشخاص» الاخراج من منزل إلى آخر.
4. سورة فاطر/34 ـ 35.
5. سورة غافر/71ـ 72.
6. «کلب» من مادة «کَلْب» على وزن «جلب» وفی الاصل بمعنى الضغط على الحصان بواسطة المهماز و ذلک لکی یُسرع فى عدوه، وهذا الاصطلاح یستعمل لأی نوع من أنواع الشدة.
7. «لجب» له معنى المصدر واسم المصدر الصوت المرتفع.
8. «قصیف» أشد الصوت.
9. «تفصم» من مادة «فصم» على وزن نظم کسر الشیء دون فصله، وتعنی القطع.
10. «کبول» جمع «کبل» القید. 
القسم السادساُسلوب الهدایة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma