صحب النبی(صلى الله علیه وآله)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الرابع1 ـ ولایة أهل البیت وعصمتهم

أشار الإمام(علیه السلام) ـ فی المقطع الأخیر من هذه الخطبة ـ إلى نقطتین مهمتین; الاُولى: تعریفه بالقادة الذین لایضلون أبداً، بهدف تمسک الاُمّة بهم وعدم الانفراج عنهم والتماس الهدایة عن طریقهم بغیة الفوز بالفلاح والسعادة ـ والثانیة: یتحدث عن صفات أصحاب النبی(صلى الله علیه وآله)لتکون نموذجاً للاخرین، فیکونوا مصداقاً لمضمون الآیة الشریفة: (وَالَّذِینَ اتَّـبَعُوهُمْ بِإِحْسان)(1)، فیجدوا ویجتهدوا فی هذا السبیل ویسعوا لأن یتحلوا بصفاتهم. فقال(علیه السلام): «انظروا أهل بیت نبیکم فالزموا سمتهم، واتبعوا أثرهم، فلن یخرجوکم من هدى، ولن یعیدوکم فی ردى».

فهذا الکلام فی الواقع إشارة إلى حدیث الثقلین الذی یعتبرمن الأحادیث المتواترة والذی
أوصى بالتمسک بالقرآن وأهل البیت اللذان لن یفترقا حتى یردا الحوض، ولن تضل الامة أبدا إن تمسکت بهما.

ومن الواضح طبعاً أنّ المراد بأهل البیت، هم أئمة العصمة(علیهم السلام) الذین قال فیهم الحق سبحانه وتعالى: (إِنَّما یُرِیدُ اللّهُ لِـیُذهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِـیر)(2).

ثم أمرهم(علیه السلام) بالحرکة خلفهم أن تحرکوا ونهضوا، والقعود أن جلسوا وصمتو: «فان لبدوا فالبدو(3)، وإن نهضوا فانهضوا».

فالحق أن الشرائط والظروف الزمانیة والمکانیة فی تغیر مستمر; فان کانت الظروف تقتضی القیام والنهضة وخوض غمار الجهاد، فان السکوت یقود قطعاً إلى البؤس والشقاء، وان کانت الظروف لاتسمح بالقیام، فانّ النهضة لاتنطوی سوى على الخیبة والخسران وهدر الطاقات. وأئمّة العصمة من أهل البیت(علیهم السلام) أعلم من غیرهم بهذه الظروف والشرائط وینطلقون فی حرکتهم وسکونهم من خلالها، وعلیه فعدم الاقتداء بهذا الاُسلوب إنّما یؤدی إلى الخسران.

ومن هنا قال(علیه السلام): «ولاتسبقوهم فتضلوا، ولاتتأخروا عنهم فتهلکوا»، فالمجتعمات لاتخلو على الدوام من الأفراد الذین یعیشون حالة الافراط والتفریط. فالمفرطون یحکمون یبطىء حرکة الزعماء الحق فیتقدموا علیهم، لیقودوا المجتمع إلى الهاویة. والمفرطین على العکس یرون حرکتهم مستعجلة فیتأخرون عنهم بذریعة الحزم والاحتیاط وإجالة الفکر; الأمر الذی یؤدی إلى هلاکهم واختلال حرکة المجتمع.

والواقع هو أنّ عبارة الإمام(علیه السلام) تنسجم والحدیث النبوی المشهور: «مثل أهل بیتی فکیم، مثل سفینة نوح من رکیها نجى ومن تخلف عنها هلک»، وقد ورد هذا الحدیث بعبارات مختلفة فی مصادر الفریقین، وهو یکشف عن علم أهل بیت النبی(علیهم السلام)المستقى من القرآن الکریم والسنة النبویة المطهرة، کونهم السفینة الوحیدة للنجاة فی هذه البحار العاصفة; على غرار الطوفان الذی لم یکن فیه من وسلیة للنجاة سوى سفینة نبی الله نوح(علیه السلام)(4).

والجدیر ذکره ماورد شبیه هذه العبارة فی الخطبة 87 بشأن القرآن فی وصفه خلص عباد الله الذین جعلوه محوراً فی حیاتهم «فهو قائده وإمامه، یحل حیث حل ثقله، وینزل حیث کان منزله».

وهذا تأکید آخر لحدیث الثقلین.

ثم تطرق(علیه السلام) إلى خصائص طائفة معینة من صحب النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) لیقتدی بها صحبه، فقال(علیه السلام): «لقد رأیت أصحاب محمد صلى الله علیه وآله، فما أرى أحدا یشبههم منکم لقد کانوا یصبحون شعث(5) غبراً».(6)

ثم قال فی صفتهم الثانیة: «وقد باتوا سجداً وقیاماً، یراوحون(7) بین جباههم وخدودهم(8)».

وقال أیض: «ویقفون على مثل الجمر(9) من ذکر معادهم».

نعم فقد شعروا بعظم العذاب الإلهی بکل کیانهم، فلم یهدأ بالهم ویسکن روعهم: «کأنّ بین أعینهم رکب(10)المعزى(11) من طول سجودهم»، فقد ذاقوا حلاوة العبودیة، فتراهم یطیلون سجودهم، حتى بدت آثار السجود على جباههم.

«إذا ذکر الله هملت(12) أعینهم حتى تبل جیوبهم».

فقد تنهمر دموعهم حیاً لله تارة، وخوفاً من العقاب وخشیة الفراق تارة اُخرى: «ومادو(13) کما یمید الشجر یوم الریح العاصف، خوفاً من العقاب، ورجاءا للثواب».

والتشبیه بالشجر الذی یمید من جراء الریح العاصف، هو تشبیه رائع، وقد أشار(علیه السلام) إلى دلیل ذلک والذی یکمن فی خوف العقاب تارة ورجاء الثواب تارة اُخرى.

فهم یبکون بعین شوقا إلى لقاء ربّهم، بینما تهمل الاُخرى خشیة من عقاب ربّهم! وهذا هو دیدن الصالحین من عباد الله الذین یعیشون بین الخوف والرجاء.


1. سورة التوبة/100.
2. سورة الاحزاب/33.
3. «لبدوا» من مادة «لبود» الإقامة فی المکان.
4. نقل هذا الحدیث المرحوم السید حامد حسین الهندی فی کتاب عبقات الأنوار عن 92 کتاب من 92 عالم من علماء العامة.
5. «لشعث» جمع «أشعث» وهو المغیر الرأس وهى کنایة عن الفقر أو الزهد.
6. غیر جمع أغیر بمعنى الغبار.
7. «یراوحون» من مادة «تراوح» القیام بالأعمال الواحد بعد الاخر.
8. «خدود» جمع «خد» طرفا الوجه.
9. «جمر» جمع «جمرة» قطعة من النار، وتطلق الجمرة وجمعها جمرات.
10. «رکب» جمع «رکبة» موصل الساق من الرجل بالفخذ.
11. «معزى» و«معز» معروف.
12. «هملت» من مادة «همول» الجریان والنزول.
13. مادوا من مادة میدان الحرکة و الاضطراب. 
القسم الرابع1 ـ ولایة أهل البیت وعصمتهم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma