تعد هذه الخطبة من أفصح وأبلغ خطب نهج البلاغة إلى جانب عظم محتواها ومن هنا أسموها بالزهراء. حتى صرح ابن أبی الحدید قائلاً: من أراد أن یتعلم الفصاحة والبلاغة، ویعرف فضل الکلام بعضه على بعض فلیتأمل هذه الخطبة، فانّ نسبتها إلى کل فصیح من الکلام نسبة الکواکب المنیرة الفلکیة إلى الحجارة المظلمة الأرضیة، ثم لینظر الناظر إلى ماعلیها من البهاء، والجلالة والرواء والدیباجة وما تحدثه من الروعة والرهبة والمخافة والخشیة; حتى لو تلیت على زندیق ملحد مصمم على اعتقاد نفی البعث والنشور لهدت قواه، وأرعبت قلبه، وأضعفت على نفسه، وزلزلت اعتقاده.(1)
والخطبة تتألف بصورة عامة من ثمانیة أقسام:
القسم الأول: یتحدث عن عظمة قدرة الله وعجز المخلوقات أمامه حیث یورد بعض الاُمور الدقیقة بهذا الشأن.
القسم الثانی: فی خلقة الملائکة وبعض صفاتها وخصائصها، التی ستحقر عبادتها تجاه عظمة الحق، لو اطلعت على اسرار الغیب، رغم اجتهادها وذوبانها فی العبادة والطاعة.
القسم الثالث: عن غفلة العباد واقبالهم على الدنیا وابتعادهم عن دعوة الأنبیاء مع وجود الآخرة ونعمها الدائمة.
القسم الرابع: یعالج عشاق الدنیا من أهل الذنوب والمعاصى حین الموت، بعبارات بلیغة مؤثرة تسوق الغافل إلى التفکیر وإعادة النظر فی سلوکه وتصرفاته.
القسم الخامس والسادس: حول القیامة ومقدمات یوم الحساب وسؤال الإنسان عن أعماله، وسعادة المؤمنین، وتعاسة المذنبین وعاقبة کل من هاتین الطائفتین.
القسم السابع: عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وزهده بالدنیا ورغبته عنها. و کونه الأسوة التی ینبغی لأهل الایمان الاقتداء بها.
القسم الثامن: عن أهل البیت(علیهم السلام) واتباعهم وعظم منزلتهم.