رایة الحق

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الأول1 ـ أولیاء الله

لاشک أنّ الهدف الأصلی للخطبة بیان أوصاف رسول الله(صلى الله علیه وآله) ومقامات أهل بیته(علیهم السلام)، ولکن وعلى ضوء الحدیث المعروف: «أن کل خطبة لیس فیها تشهد فهى کالید الجذماء»(1)، فانّ الإمام(علیه السلام) إستهل کلامه بحمد الله والثناء على والشهادة له بالوحدانیة وللرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) بالنبوة، لتستنیر القلوب بهاتین الشهادتین وتتأهب لسماع المطالب القادمة. فقال(علیه السلام): «الحمد الله الناشر فی الخلق فضله، والباسط فیهم بالجود یده».

فوصف بالله بهذه الصفات هو فی الواقع دلیل على تفرده سبحانه بکل حمد وثناء، نعم فهو الجدیر بکل مدح وحمد وثناء، کیف لا وقد عم فضله وانتشر جوده وملأت أرکان العالم نعمه وآلائه. و لا ینبغی ذلک لمن سواه، فهم عیال على نعمه.

ثم أشار إلى سعة حمده و الثناء علیه قال(علیه السلام): «نحمده فی جمیع أموره، ونستعینه على رعایة حقوقه».

فالعبارة «جمیع أموره» تفید أننا لانحمده عند النعم والرفاه والدعة والعافیة فحسب، بل نحمده ونشکره فی البلاء والشدة وحین الوقائع الخطیرة، وذلک لأنه أولا: کل ما یفعله الله یتفق والحکمة والمصلحة، حتى المصائب التی تصب علینا إختباراً فهى کفارة لذنوبنا، أو أنّها سبب لیقظتنا من نوم الغفلة.

وثانیاً: أنّ هذه الحوادث تجعلنا ننال أجر وثواب الصابرین وجزاء الشاکرین وهذه نعمة کبرى.

والعبارة «ونستعینه...» أی إننا یجب أن نستمد العون منه لطاعته وإمتثال أوامره ورعایة حقوقه، حیث لایسعنا فعل شیء دون عونه، وهذا ما نردده لیل نهار فی صلواتنا (إِیَّاکَ نَعبُدُ وَإِیَّاکَ نَستَعِـین) ولما فرغ(علیه السلام) من حمد الله والثناء علیه، شهد لله بالوحدانیة وأن لا معبود سواء «ونشهد أن لا إله غیره».لأننا إذ سلمنا أنّ النعم منه، فانّ العبودیة والطاعة لاتلیق الا به سبحانه وبذاته المقدسة.

ثم اتبعها بالشهادة للنبی(صلى الله علیه وآله) بالنبوة والعبودیة: «وأن محمدا عبده ورسوله» أمّا تقدیم العبودیة على الرسالة، فتفید نفیها لکافة أنواع الشرک عن المؤمنین، إلى جانب کون مقام العبودیة أفضل وأسمى من مقام النبوة! لأنّ العبد الکامل المخلص لله یرى تمام وجوده لله، فلایفکر فی سواه ولایرجو غیره، وهذا بحد ذاته أوج تکامل الإنسان الذی لیس بعده من مقام. ثم أشار (علیه السلام) إلى بعض صفات النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی أنّه صدح بالحق، وأدى رسالته بکل أمانة حتى مضى إلى ربّه بعد أن ثبت دعائم الحق: «أرسله بأمره صادعاً،(2) وبذکره ناطقاً، فأدى أمینا، ومضى رشیدا; وخلف فینا رایة الحق».

فقد أشار الإمام(علیه السلام) بهذه العبارة إلى الخدمات الجلیلة التی أسداها النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، إلى جانب ابلاغه لأوامر الحق ونواهیه، کما شرح من جانب آخر کل مایلزم لمعرفة الله سبحانه، وأنّه(صلى الله علیه وآله) کان أمیناً فی قیامه بهذه المهمة فی أداء الرسالة، کما عمل(صلى الله علیه وآله) بما قال لیکون للاُخرى أسوة صالحة، کما کان حریصاً على الأجیال القادمة فنصب لهم رایة الحق، حیث خلف فی الاُمّة کتاب الله وسنته.

واختلف الشرّاح فی تفسیر المراد بقوله: «رایة الحق» فذهب البعض الر أن المراد به القرآن الکریم، وقیل الکتاب والسنة، کما فسر بالکتاب والعترة اللذان وردا فی حدیث الثقلین.

إلاّ أنّ تفسیرها بالکتاب والسنة (لأنّ الکتاب دعا إلى السنة) أنسب بالنظر لتصدر الکلام بالعبارة: «دلیلها مکیث الکلام».

ثم أضاف(علیه السلام) قائلاً: «من تقدمها مرق(3)، ومن تخلف عنها زهق(4) ومن لزمها لحق».

فالعبارة تشیر إلى کیفیة التعامل الطوائف الثلاث من الناس مع الحق: طائفة مفرطة تتقدم على الحق فتصیبها الحیرة والضلال کالخوارج الذین ذهبت بهم الظنون بأنّهم إنّما یعملون بالقرآن فتقدموا على إمام زمانهم فعاشوا بحماقتهم ذلک التناقض، أو کأولئک الذین کانوا على عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله) فرأوه أفطر حین سافر فزعموا أنّهم لایفطرون رعایة طرحة شهر رمضان حتى تسموا بالعصاة(5)الطائفة الثانیة من أهل التفریط الذین یتقدمون بضع خطوات فی الحق ثم تحول أهوائهم وضعفهم دون مواصلة الطریق.

والطائفة الثالثة الملازمة للحق التی لا تتقدم علیه ولا تتخلف عنه; فهى تتحرک دائماً فی ضل الحق حتى تبلغ أهدافها.(6)

ثم قال(علیه السلام): «دلیلها مکیث(7) الکلام، بطیىء القیام، سریع إذا قام».

والسؤال الذی یطرح نفسه هنا: هل المراد بالدلیل فی العبارة حامل الرایة؟ أم الشخص الذی یتحرک فی مقدمة العسکر والعارف بالطریق الذی یهدی الآخرین إلى جادة الصواب؟

یبدو الاحتمال الأول هو الاقوى، لأنّ حامل الرایة ینهض بمسؤولیة الهدایة أیضاً، والعسکر مکلف باتباعه أینما حل.

على کل حال فقد صرح أغلب شرّاح نهج البلاغة أنّ المراد به شخص أمیر المؤمنین(علیه السلام)أو جمیع أهل البیت(علیهم السلام); فقد قرنوا (علیه السلام) ـ حسب حدیث الثقلین ـ بالقرآن وأنّهم لن یفترقوا عنه أبداً، حیث جاء فی الحدیث: «إنّی تارک فیکم الثقلین ما أن تمسکتم بهما لن تضلوا بعدی أبداً کتاب الله وعترتی أهل بیتی وقد نبأنی اللطیف الخبیر أنّها لن یفترقا حتى یردا علی الحوض، فانظروا کیف تخلفونی فیهما».

وأمیرالمومنین علی(علیه السلام) من قال له رسول الله(صلى الله علیه وآله) حسب مصادر الفریقین: «انت مع الحق والحق معک حیثما دار»(8).

فقد کان(علیه السلام) القرآن الناطق ومبین سنة رسول الله(صلى الله علیه وآله).

والعبارة «مکیث الکلام» لا تعنی أنّه قلیل الکلام; بل تعنی تریثه فی الکلام، وبعبارة اُخرى أنّه رزین فی کلامه فلا یبادر من غیر رویة. والعبارة «بطیئى القیام، سریع إذا قام» تأکید لهذا المعنى وهو أنّ أعماله هى الاخرى رزینة کأقواله، فلایعجل فی قیامه بالأعمال، ولکن إذا حان العمل لم یفوت الفرصة، فیقدم علیه بکل صرامة دون أدنى تردید. والحق أنّ من عرف سیرة أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) یذعن بهذه الصفات التی انطوت علیها شخصیته. فقد تواتر علیه بعض الأفراد بعد رحیل النبی(صلى الله علیه وآله) وناشدوه القیام; إلاّ أنّه لم یجبهم بسبب عدم توفر الشرائط اللازمة إلى جانب خشیته من الأعداء المتربصین بالإسلام، بینما نهض بالأمر لما تغیرت الظروف.

وهناک شواهد اُخرى کثیرة وردت فی کلماته(علیه السلام) بهذا الشأن(9).

ثم قال(علیه السلام): «فاذا أنتم ألنتم له رقابکم، وأشرتم إلیه باصابعکم، جاءه الموت فذهب به».

إشارة إلى أنّه یعانی الأمرین حتى یجمعکم تحت رایته، وتسلمون لإمامته بحیث تشیرون إلیه من کل جانب، ولکن ما أن تتمهد مقومات الاتحاد وعناصر النصر والغلبة حتى تأخذه ید القدر منکم فتتفرقون ثانیة ویتسلط علیکم الأعداء.

ولعل العبارة إشارة لما أوردناه سابقاً فی سند الخطبة فی أنّ الناس اجتمعوا على الإمام(علیه السلام)فی الشهر الذی قتل فیه بحیث اجتمع له مأة الف سیف، عقد کل عشرة الآف لرجل، فخرج(علیه السلام)یرید الشام، فحال ابن ملجم بینه وبین ذلک. إلاّ أنّ بعض شرّاح نهج البلاغة فسروها بعصره(علیه السلام)، إلاّ أنّ هذا التفسیر یبدو بعیداً، وذلک لأن العبارات قبل هذه الجملة تفید خلاف هذا المعنى، ولاسیما أنّ الخطبة بعد خلافة(علیه السلام) وفیها اشارات إلى المستقبل.

ثم حاول الإمام(علیه السلام) الحیلولة دون شعور أصحابه بالیأس، فبشرهم بالنصر القادم قائل: «فلبثتم بعده ماشاء الله حتى یطلع الله لکم من یجمعکم، ویضم نشرکم».

أمّا من المقصود بهذا القیام؟ فقد أورد الشرّاح احتمالین: أحدهما: أن یکون المراد قیام الإمام المهدی(علیه السلام)، والآخر قیام بنی العباس الذی أنهى حکومة بنی أمیة واجتث جذور ظلمهم وفسادهم، وان ما رسوا بدورهم نوعاً آخر من الجرائم والجنایات. ویبدو الاحتمال الأول أنسب، فلم تکن لبنی العباس مثل هذه الجدارة فی عباراته(علیه السلام)، کما لم تکن جنایاتهم بحق شیعة علی(علیه السلام) وأهل العراق بأقل من جنایات بنی أمیة. أضف إلى ذلک فالکلام فی رافع رایة الحق، ومن المسلم به أنّ رایة بنی العباس کانت باطلة.

کما قیل فی تفسیر العبارة المذکورة أنّ المراد بذلک الاجتماع لأصحابه هو الاجتماع الفکری والثقافی إلى جانب الاجتماع السیاسی والعسکری، وهو المعنى الذی تحقق على عهد الإمام الباقر والصادق والرض(علیه السلام)، والعبارات الأخیرة من الخطبة إنّما تؤید هذا المعنى.

إلاّ أنّ هذا الاحتمال ییدو مستعبداً بالنظر إلى عدم انسجام هذا التفسیر مع العبارات السابقة التی أشارت إلى الاجتماع السیاسی والعسکری. ولکن على کل حال، فالهدف من هذه العبارة نفی ما یسیطر على الأفکار عادة بعد الهزیمة و هو الیأس و التشاؤم. فوصفها بأنها أمواج عابرة و هنالک المستقبل المشرق الذی ینتظر المجتمع الإسلامی. و من هنا ذکر ما یؤید ذلک.

ثم قال(علیه السلام): «فلا تطمعوا فی غیر مقبل، ولاتیأسوا من مدبر، فانّ المدبر عسى أن تنزل به إحدى قائمتیه، وتثبت الاُخرى، فترجعا حتى تثبتا جمیعاً».

قالواقع هو أنّ الإمام(علیه السلام) بین قاعدتین کلیتین لابدّ من الاهتمام بهما فی الحوادث الصعبة: الاولى: لاینبغی التفاؤل المفرط فی مثل هذه الحالات والاعتماد على شیء لم تتوفر بعد مقدماته.

الثانیة: ألاتدعو الهزیمة إلى الیأس والقنوط ـ فیشبه الإمام(علیه السلام) ذلک بمن یتحرک فی جادة فتزل احدى قدمیه، فیظن الناس أنّه سقط ولاسبیل إلى قیامه ثانیة، إلاّ أنّه سرعان مایعتمد على قدمه الاُخرى فینهض من سقطته ویجد فی الحرکة ثانیة.

یناءاً على هذا لاینبغی الیأس عند الحوادث الاجتماعیة الصعبة والاستسلام لمعاناتها، کما لاینبغی التعلق بالحرکات الطائشة.

وذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى أنّ سائر الأئمة(علیه السلام) غیر الإمام المهدی(علیه السلام) هم المرادون بقوله «غیر مقبل»، وأنّ قوله(علیه السلام)لاتطمعوا فی غیر مقبل، إشارة إلى الشرائط اللازمة لقیامهم(علیه السلام) لیست متوفرة، ومدبر إشارة إلى الإمام المهدی(علیه السلام) فلاینبغی الیأس من ظهوره فی أی زمان.

إلاّ أنّ هذا التفسیر لاینسجم قط والعبارات فی آخر هذا المقطع من الخطبة; لأنّ زلل القدم والاعتماد على الاُخرى لاینطبق علیه(علیه السلام) إلاّ بتکلف شدید.

اضافة إلى أنّ التعبیر بمقبل ومدبر بصیغة التنکیر یدل على أنّ المراد بیان قاعدة کلیة، لا الإشارة إلى مصداق شخصیی، وإلاّ کان من المناسب تحلیتها بالالف واللام.


1. شرح نهج البلاغة للمرحوم العلامة الخوئی 7/157.
2. «صادع» من مادة «صدع» فالقا به، کما وردت هذه المفردة بمعنى الاظهار والاعلان، حیث یظهر باطن الشیء عند فلقه وهذا ما ارید بها فی العبارة، وأمّا «الصداع» الذی یطلق على وجع الرأس فکأنه یرید أن یفلقه.
3. «مرق» من مادة «مروق» على وزن غروب الخروج عن الدین، ومن هنا اطلق الخوارج على تلک الفرقة التی خرجت عن الإیمان.
4. «زهق» من مادة «زهوق» الاضمحلال والهلکة.
5. وسائل الشیعة 7/125، ح 7 (ابواب من یصح منه الصوم).
6. یمکن أن یکون مفعول لحق کتاب الله أو رسول الله أو الحق أو جمیعها.
7. «مکیث» من مادة «مکث» الرزین فی قوله فلایبادر من غیر رویة فی قوله وعمله.
8. نقل هذه الحدیث عن أم سلمة بطرق مختلفة عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله). ومن ذلک نقله ابن عساکر فی تاریخ دمشق وأبوبکر البغدادی فی تاریخ بغداد والحموی فی فرائد السمطین. وجاء فی صحیح الترمذی أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال «اللّهم أدر الحق معه حیثما دار» (للوقوف على تفاصیل هذا الحدیث راجع کتاب احقاق الحق 5/623 والغدیر 3/176). والطریف مانقله الفخر الرازی فی تفسیر سورة الحمد فی مورد الجهر بالبسملة عن البیهقی عن أبی هریرة ان رسول الله(صلى الله علیه وآله) کان یجهر بالبسملة، ثم قال: کما کان یجهر بها عمر وابن عباس وعبدالله بن عمر وعبد الله بن الزبیر أمّا علی(علیه السلام) فقد ثبت بالتواتر أنّه کان یجهر بالبسملة دائماً، فمن اقتدى به فی دینه هدى إلى الحق والدلیل على ذلک حدیث النبی(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «اللّهم أدر الحق مع علی حیث دار» (تفسیر الفخر الرازی 1/204 ـ 205.
9. راجع شرح الخطبة الخامسة والسادسة من المجلد الأول من هذا الکتاب. 
القسم الأول1 ـ أولیاء الله
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma