شمولیة العلم الإلهی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الثالث والعشرون1 ـ العلم الکامل

واصل الإمام(علیه السلام) کلامه السابق بالحدیث عن علم الله سبحانه وتعالى بکافة جزئیات عالم الوجود، حیث یتعرض إلى ذلک بعبارات رائعة غایة فی الدقة والجمال، والحق أنّ کلام الإمام(علیه السلام) یفید بما لایقبل الشک أنّه یستند إلى ارتباطه بما وراء هذه الطبیعیة بحیث لایضاهیه کلام، وان علمه(علیه السلام)إنّما یتصل بمصادر العلم الإلهی فقد تطرق بادىء بدء إلى الطیور العائمة فی السماء: «ومستقر ذوات الأجنحة بذر(1) شناخیب(2) الجبال، وتغرید(3) ذوات المنطق فی دیاجیر(4) الأوکار(5)».

فنحن نعلم أنّ کل طائر یصنع لنفسه ما یناسبه من عش، بحیث تتنوع حسب أصناف الطیور، کما نعلم أنّ أنغام الطیور على أقسام، کل واحد منها یبیّن موضوعاً، الأهم من کل ذلک هو علم الله بتمام جزئیاتها.

ثم یغوص الإمام(علیه السلام) فی أعماق البحار لیتحدث عن الاصداف واللؤلؤ والأمواج: «وما أوعبته(6) الاصداف، وحضنت علیه أمواج البحار»، ثم خاض(علیه السلام)فی نظام النور والظلمة فی عالم الخلق وحیاة الإنسان فقال: «وما غشیته سدفه(7) لیل أو ذر(8) علیه شارق نهار، وما اعتقبت علیه أطباق الدیاجیر، سبحات(9) النور» ثم إتجه صوب مختلف حرکات الإنسان قال(علیه السلام): «وأثر کل خطوة، وحس کل حرکة، ورجع کل کلمة، وتحریک کل شفة، ومستقر کل نسمة».

ثم تناول(علیه السلام) أصغر الذرات وأخفى الأصوات فی أنّ الله عالم به: «ومثقال کل ذرة، وهماهم(10) کل نفس هامة(11)» ثم ینتقل إلى الأشجار و الثمار و الناس و النطف التی تشبه إلى حد کبیر بعضها البعض فقال «وما علیها من ثمر شجرة، أو ساقط ورقة، أو قرارة نطفة، أو نقاعة(12) دم ومضغة، أو ناشئة خلق وسلالة».

ویشیر الإمام(علیه السلام) فی آخر الخطبة إلى نقطة مهمّة اُخرى وهى أنّ تلک الاُمور بتلک السعة والشمولیة التی أشار الیها الإمام(علیه السلام)ما یجعل التبادر إلى الذهن صعوبة حسابها والاحاطة بها، بعبارة اُخرى قد یقتدح فی الأذهان هذا السؤال: هل علم الله سبحانه تعالى بهذه الاُمور لایوجد من مشکلة لذاته المطهرة؟ فالإنسان یصاب بالتعب والأعیاء من جراء احاطته بقسم غایة فی الصغر بالنسبة لحوادث هذا العالم وأسراره إلاّ أنّ الإمام(علیه السلام) یعلن بکل صراحة أن لیس هناک أدنى مشقة على الله بهذا الشأن (لیس فقط من ناحیة العلم والاحاطة بها بل) فی حفظ ما أبدع من مخلوقات، کما لیس هنالک من ملل أو فتور عرض له سبحانه فی انفاذ أمره وتدبیر شؤون خلقه: «لم یلحقه فی ذلک کلفة، ولا اعترضته فی حفظ ما ابتدع من خلقه عارضة، ولا اعتورته(13) فی تنفیذ الاُمور وتدابیر المخلوقین ملالة ولافترة»، بل نفذ فیها علمه واحصاها عددا بقدرته وضمها جمیعا تحت لواء عدالته، کما عم المقصرین منهم بفضله وعفوه ولطفه: «بل نفذهم علمه، وأحصاهم عدده، ووسعهم عدله، وغمرهم فضله، مع تقصیرهم عن کنه ما هو أهله»، فقد أکد الإمام(علیه السلام)بهذه العبارات على عدّة اُمور:

الأول: أنّ احاطة لله سبحانه العلمیة بجزئیات جمیع عالم الوجود لاتنطوی على أیة مشکلة بالنسبة له (وذلک لأنّ علم الله علم حضوری ولیس علم حصولی، کما سیأتی شرح ذلک فی البحث القادم).

الثانی: اضافة إلى الاحاطة العلمیة فهو حافظها جمیعاً; الأمر الارفع من العلم; وهذا أیضاً لایسبب أیة مشکلة لذاته المطلقة سبحانه (لأنّ الکل متوقف على وجوده سبحانه).

الثالث: اضافة إلى العلم والحفظ فهو مدبرها وهادیها إلى السمو و الکمال; الأمر الذی لاینطوی على أی ملل أو فتور لذاته المطلقة، وبعیداً عن معرفة الخلائق وأدائها للشکر، فانّ فضله ولطفه شامل للجمیع عدله فیهم نافذ شامل، نعم فعلمه لیس بمحدود وقدرته مطلقة لامتناهیة وفضله مطلق شامل، ولایرتجى منه سوى ذلک.


1. «ذرا» جمع «ذروة» المکان المرتفع وأعلى الشیء.
2. «شناخیب» جمع «شنخوب» على وزن بهلول رؤوس الجبال.
3. «تغرید» أصوات الطیور.
4. «دیاجیر» جمع «دیجور» الظلمة.
5. «أوکار» جمع «وکر» على وزن مکر العش.
6. «أوعبت» من مادة «وعب» على وزن صعب جمعت.
7. «سدفة» ظلمة.
8. «ذرّ» بمعنى نَثَرَ و تأتی ایضاً بمعنى انتشار ضوء الشمس.
9. «سبحات» جمع «سبحة» على وزن لقمة بمعنى شعاع النور، و «سبحات النور» فی الجملة أعلاه جاءت بمعنى أشعة النور.
10. «هماهم» جمع «همهمة» مجاز من المهمة ترید الصوت فی الصدر من الهم.
11. «هامة» قال بعض شرّاح نهج البلاغة من له همة عالیة، کما یراد بها الهموم من الهم والغم وهذا ما اُرید بها فی العبارة.
12. «نقاعة» من مادة «نقع» على وزن نفع جمع الماء و«نقاعة دم» الحفرة التی یجمع فیها الدم، وهى هن 2إشارة إلى رحم (الام) وقال البعض اُرید بها هنا العلقة.
13. اعتورت من مادة اعتوار تداولته وتناولته. 
القسم الثالث والعشرون1 ـ العلم الکامل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma