احذروا المستقبل المشؤوم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم السادسالقسم السابع

خاطب(علیه السلام) صحبه من أجل الفات نظرهم إلى ما ینتظرهم من حوادث صعبة مأساویة ـ ستصیب المسلمین فی المستقبل ـ بهدف کبس خسائرها واضرارها أو إرشادهم إلى طرق الإبتعاد عنها، فقال(علیه السلام): «أین تذهب بکم المذاهب، وتتیه(1) بکم الغیاهب(2) وتخدعکم الکواذب؟ ومن أین تؤتون، وأنّى تؤفکون».

وهکذا قام(علیه السلام) هذا الزعیم الربانی بایقاظ مخاطبیه من نوم الغفلة واعدهم لسماع قول الحق، ثم لفت انتباهم إلى الموت وانتهاء أجل الإنسان، فقال(علیه السلام): «فلکل أجل کتاب، ولکل غیبة إیاب».

فلا تتصوروا أنّ أعمارکم ممتدة لانهایة لها وأنّ الفرصة سانحة على الدوام لتدارک مافرط، ولا تظنوا أنّ أعمالکم خافیة مستترة ولا تعود علیکم، فالموت حق والعمر محدود والأعمال محفوظة عند الله تنتظر الثواب أو العقاب.

وعلیه فالمراد بقوله: «لکل غیبة إیاب» إمّا الموات وأعمال الإنسان!

کما نرى مثل هذا التعبیر فی سائر خطب نهج البلاغة. فقد خاطب(علیه السلام) الاُمّة فی الخطبة 83 داعیاً إیاها إلى التوبة قبل حلول الموت الذی عبر عنه بالقول: «قبل قدوم الغائب المنتظر».

کما ورد مثل هذا المعنى فی الخطبة 64(3).

ثم قال(علیه السلام): «فاستمعوا من ربانیکم، واحضروه قلوبکم، واستیقظوا إن هتف(4) بکم».

ثم واصل الإمام(علیه السلام) کلامه بالنصح والوعظ والتحذیرات، على أنّ الزعیم لابدّ أن یتحدث بصدق إلى اتباعه، ویحرص على لم شملهم وجمع کلمتهم، ویحضر لدیهم ذهنه بغیة نجاتهم وانقاذهم وهذا ما علیه الحال بالنسبة لزعیمکم «ولیصدق رائد(5) أهله، ولیجمع شمله(6)، ولیحضر ذهنه».

وخلاصة القول فانّ لزعیم الجماعة وظیفة، کما للاُمّة وظیفة أیضاً، فهو یجب علیه أنّ یبیّن للاُمّة الواقع والحقائق من جانب، ومن جانب آخر علیه أن یجمع أفراده وینظمهم ویمنحهم فکره وذهنه، فاذا قام الإمام بهذه الاُمور، کانت وظیفة الامة تتمثل بالجد والاجتهاد من أجل امتثال أوامره.

ثم قال(علیه السلام): «فلقد فلق(7) لکم الأمر فلق الخرزة(8)، وقرفه(9) قرف الصمغة».

فالعبارة کنایة عن بیان الحقائق والواقعیات واظهار باطن الاُمور، والعبارة: «قرفه قرف الصمغة(10)» إشارة إلى أنی أخرجت لکم عصارة المطالب وجوهرتها، کما تجری تلک المادة اللزجة من الأشجار. خاض الإمام(علیه السلام) هنا ثانیة فی الحدیث عن الحوادث القادمة التی ذکرها سابقاً حیث أتمها ببیان الوقائع الإجتماعیة و الأخلاقیة و الدینیة للحکومات المستبدة، و قد أوضح الآثار المختلفة الإجتماعیة و الدینیة لهذه الحکومات. و إرتباط هذا القسم من الخطبة بالأقسام السابقة واضح تماما، و إن تخللها بعض العبارات لإیقاظ أصحابه. و العجیب ما ذهب إلیه بعض شراح نهج البلاغة من مجانبة هذا القسم للأقسام السابقة بفعل عادة السید الرضی(ره) فی الإقتطاف، و کأن هذا الإقتطاف الرائع للسید أصبح ذریعة لمن لم یتأمل الإرتباط بین أقسام الخطبة لیحملها جامع نهج البلاغة.

ثم قال(علیه السلام): «فعند ذلک أخذ الباطل ماخذه، ورکب الجهل مراکبه، وعظمت الطاغیة، وقلت الداعیة».

یمکن أن یکون للطاغیة هنا معنى مصدری: أی أنّ الطغیان یکبر ویتسع على مستوى المجتمع، کما یمکن أن یکون لها معنى اسم الفاعل; أی یستفحل أمر طائفة طاغیة، ویقل عدد دعاة الحق أمامها، فأمّا أن تقضی علیهم أو تقصیهم عن الساحة الاجتماعیة، وهذه أهم الأخطار التی تنبثق من هذه الحکومات الباطلة المستبدة التی تجهد فی کم أفواه دعاة الحق.

ثم قال(علیه السلام): «وصال الدهر صیال السبع العقور، وهدر فنیق الباطل بعد کظوم».

نعم فقد اقتحمت الساحة ثانیة من قبیل الجماعات المنافقة وسلیلة الجاهلیة ـ التی طردت من المیدان ـ أثر ضعف دعاة الحق. وعلى هذا الضوء تقلب کافة الموازین والقیم: «وتوافى الناس على الفجور، وتهاجروا على الدین، وتحابوا على الکذب، وتباغضوا على الصدق».

وهکذا وبمقتضى «الناس على دین ملوکهم» فانّ هؤلاء الحکام الفسقة والفجرة عدیمی الدین یجدون فی طبع الاُمّة بهذه الصفات الخبیثة بحیث یحیلون الساحة الإسلامیة إلى جحیم لایطاق.

ورغم أنّ الدین یشمل ترک الکذب والفجور، وهجر الدین یعنی هجر القیم والمثل، إلاّ أنّ الإمام(علیه السلام) یرکز بالخصوص على مسألة الفجور والکذب، لأنّ هذه الرذائل لمن من أخطر الرذائل التی تفرزها طبیعة الحکومات المستبدة الفاقدة للدین، حیث ترکز على الفساد والتحلل الأخلاقی والکذب.

أمّا التعبیر «توافی وتهاجروا وتحابوا وتباغضوا» تشیر إلى نقطة لطیفة وهى أنّ الناس فی مثل هذه المجتمعات تتجه زرافات وجماعات نحو الکذب والفجور، وبعبارة اُخرى لیس لها من بعد فردی، بل بعد اجتماعی عظیم الخطر.


1. «تتیه» من مادة «تیه» على وزن «بیه» بمعنى الضلال والحیرة.
2. «غیاهب» جمع «غیهب» على وزن «حیرت» بمعنى شدة ظلام اللیل.
3. ذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى ان هذه العبارة منقطعة حیث لم یروا من إرتباط واضح بینها وبین العبارات السابقة على أنّ السید الرضی فصلها طبق عادته فی الانتخاب، والحال هذا لیس من عادة الرضی (ره) فی ان یحذف عبارة دون أن یشیر إلیها کما مرمعنا ذلک بقوله (ومنها) وعلیه وکما ذکرنا فان هناک علاقة معنویة وطیدة.
4. «هتف» من مادة «هتاف» صراخ.
5. «الرائد» من یتقدم القوم لیکشف لهم مواضع الکلأ ویتعرف سهولة الوصول الیها من صعوبته.
6. «شمل» بمعنى الجمع.
7. «فلق» بفتحتین بمعنى الشق.
8. «الخرزة» الجواهر القیمة النفیسة او قلیلة الثمن.
9. «قرف» من مادة «قرف» على وزن حرف بمعنى التقشیر.
10. «صمغه» ما یجری من الشجرة من مادة لزجة. 

 

القسم السادسالقسم السابع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma