هناک رابطة لطیفة بین القسم الأخیر من هذه الخطبة، الذی یدعو الناس من جانب إلى اتباع اهل البیت، ومن جانب آخر إلى بیان خصائص أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله)، والاقسام السابقة من الخطبة التی عرضت بالذم الشدید لأهل العراق والکوفة. وذلک لأنّها تفهمهم من جانب أن لیس لکم من عذر عند الله، لأنّ قادتکم أهل بیت رسول الله(صلى الله علیه وآله)، الذین ما انفک رسول الله(صلى الله علیه وآله) یوصی الاُمّة بالتمسک بهم وعدم مفارقتهم، فهم عدل القرآن وسفن النجاة، والحال زعیم اهل الشام معروف بالظلم والانحراف والسلب والنهب، وعلیه فقد تمت علیکم الحجة.

والآخر أنّ ضعفکم وهو أنّکم لیس لعدم قدرتکم البدنیة، بل لضعف ارتباطکم بالله وخواؤکم الروحی وانعدام معنویاتکم، ومن هنا دعاهم لاقتفاء آثار تلک الثلة من صحب رسول الله(صلى الله علیه وآله) بصورة عملیة حیث کانت لها أعظم رابطة بالله سبحانه وتعالى.

ثم تطرق(علیه السلام) إلى بیان صفاتهم التی تدعوا إلى الغلبة والنصر فقال: لقد کانوا یصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجداً وقیاماً، یراوحون بین جباههم وخدودهم، ویقفون على مثل الجمر من ذکر معادهم. إذا ذکر الله هملت أعینهم حتى تبل جیوبهم، ومادوا کما یمید الشجر یوم الریح العاصف، خوفاً من العقاب، ورجاء للثواب. و قد کان هذا التعبد و الإلتزام هو سر إنتصارهم على خصومهم.