نظرة إلى الخطبة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
الخطبة 91القسم الأول

هذه من الخطب القیمة التی تفیض رقة وفصاحة وبلاغة وعذوبة، وهى شهادة اُخرى على عظمة أمیر المؤمنین على(علیه السلام)وإرتباطه بالعالم القدسى وانفتاحه على خزائن العلم الإلهی.

قال ابن أبی الحدید فی تعلیقه على هذه الخطبة: «إذا جاء هذا الکلام الربانىّ، واللفظ القدسی، بطلت فصاحة العرب، وکانت نسبة الفصیح من کلامها إلیه، نسبة التراب إلى النضار الخالص; ولو فرضنا أنّ العرب تقدر على الألفاظ الفصیحة المناسبة، أو المقاربة لهذه الألفاظ، من أین لهم المادة التی عبرت هذه الألفاظ عنها؟ ومن أین تعرف الجاهلیة بل الصحابة المعاصرون لرسول اللّه(صلى الله علیه وآله) هذه المعانى الغامضة السمائیة; لیتهیأ لها التعبیر عنها أمّا الجاهلیة فانّهم إنّما کانت تظهر فصاحتهم فی صفة بعیر أو فرس أو حمار وحش، أو ثورة فلاة، أو صفة جبال أو فلوات; ونحو ذلک. وأمّا الصحابة فالمذکورون منهم بفصاحة إنّما کان منتهى فصاحة أحدهم کلمات لا تتجاوز السطرین أو الثلاثة، إمّا فی موعظة تتضمن ذکر الموت أو ذم الدنیا، أو ما یتعلق بحرب وقتال; من ترغیب أو ترهیب...».

ثم أضاف ابن أبی الحدید بعد أن أشاد بالخطبة قائلاً: «وأقسم أنّ هذا الکلام إذا تأمله اللبیب اقشعر جلده، ورجف قلبه، واستشعر عظمة اللّه العظیم فی روعه وخلده، وهام نحوه وغلب الوجد علیه وکاد أن یخرج من مسکه شوقاً; وأن یفارق هیکله صبابة ووجداً»(1).

على کل حال فانّ هذه الخطبة تشتمل على عدّة أقسام، یکمل کل واحد منها الآخر. وهى على عشرة أقسام:

القسم الأول: فی جانب من صفات اللّه سبحانه وتعالى من أجل إعداد الأفکار لتقبل ما یرد علیها من حقائق.

القسم الثانی: یتضمن إجابة عن سؤال السائل عن صفات اللّه و یجعل القرآن میزانا فی دائرة أسماء الله و صفاته، و یوصیه بالتمسک بآیاته سیّما فی هذا البحث.

القسم الثالث: الإشارة إلى عجز الإنسان عن الاحاطة العلمیة بکنه الذات و الصفات الإلهیة المقدسة وما تنطوى علیه من صفات.

القسم الرابع: بحث القدرة الإلهیة فی تدبیر عالم الخلقة ـ الذی یمثل المرآة التی تعکس صفاته سبحانه ـ .

القسم الخامس: الحدیث عن خلق السموات العلى والتی تمثل جانباً من عظمة البارئ سبحانه.

القسم السادس: الحدیث عن خلق الملائکة وصفاتهم وخصائصهم.

القسم السابع: لفت انتباه الناس إلى العالم العلوى; إلى جانب الحدیث عن خلق الأرض.

القسم الثامن: خلق آدم(علیه السلام) وبعث الأنبیاء وارسال الرسل.

القسم التاسع: یتحدث عن علم اللّه سبحانه بالغیب واحاطته بکافة أسرار وجود الإنسان وخفایاه و ما یضمره من أعمال و أفکار ونیات.

والقسم العاشر: والأخیر حیث یختتم الإمام(علیه السلام) خطبتة العمیقة المضامین بأدعیه روحیة عظیمة، لتشکل الخطبة بکافة أقسامها لوحة روحیة سامیة تلطف روح الإنسان وتأخذ بیده إلى السیر نحو اللّه واصلاح فکره وأعماله(2).

وأمّا سبب تسمیة هذه الخطبة بالاشباح فهناک اختلاف بین الشرّاح بهذا الخصوص. فقد ذهب البعض إلى أنّ «الاشباح» کنایة عن الملائکة، حیث تضمنت الخطبة جانباً مهما فی الحدیث عنها ومن هنا سمیت هذه الخطبة بالأشباح.

کم رأى البعض الآخر أنّ مفردة الأشباح ذکرت فی الخطبة، وحیث اعتاد السید الرضی(ره) على اختیار قطوف من الخطبة، فقد اسقط تلک العبارة والتی احتمل البعض أنّها وردت بهذا الشکل فی الخطبة «وکیف یوصف بالأشباح وینعت بالألسن الفصاح». وهى العبارة التی أوردها المرحوم الشیخ الصدوق فی کتاب التوحید ضمن خطبة قسما من خطبة الاشباح(3).

الاحتمال الآخر فی سبب هذه التسمیة هو أنّ الخطبة طویلة، وأحد معانی الشبح هو الطول والامتداد. حیث أورد ابن فارس فی مقاییس اللغة فی تفسیر «الشبح» قائل: «أصل صحیح یدل على إمتداد الشی فی عرض، من ذلک الشبح» وهو الشخص سمى بذلک، لأنّه فیه إمتداد أو عرض(4).

وهنا یبرز هذا السؤال: ورد فی مقدمة الخطبة أنّ رجلاً سأل أمیرالمؤمنین(علیه السلام) صف لنا ربّنا مثلما نراه عیاناً لنزداد له حبّاً وبه معرفة. فغضب ونادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فصعد المنبر وخطب بهذه الخطبة. والسؤال مم کان غضب الإمام(علیه السلام)؟

یبدو أنّ هناک بعض النقاط التی ینبغی الالتفات إلیها لتتضح الإجابة على هذا السؤال ومنها: صیغة السؤال تفید أنّ السائل کان یتوقع للّه صفات على غرار صفات مخلوقاتة، حیث عبر عن ذلک بالرؤیة «مثلما نراه عیانا»; الأمر الذی یکشف عن عقیدة المجسمة الذین کانوا یرون اللّه جسماً.

أمّا النقطة الثانیة فلعل غضبة(علیه السلام) کان لهذا السبب وهو: لم لایزال بعض المسلمین لا یملکون الرؤیة الواضحة عن صفات اللّه سبحانه رغم تقادم الزمان على انبثاق الدعوة الإسلامیة وسعة المعارف والعلوم والخزین الدینی.

أو تأسفاً على تلک الحادثة التی أقصت الإمام(علیه السلام) عن الساحة وجعلته رهین الدار مدة خمس وعشرین سنة لیحول دونه ودون تعلیم أبناء الاُمّة الإسلامیة وتعریفهم بالمفاهیم الإسلامیة الحقة والمعارف الدینیة.


1. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 6/425.
2. لابدّ من الالتفات هنا إلى أنّ الخطبه تقسم بشکل عام إلى عشرة أقسام، حیث تقسم هذه الأقسام بدورها إلى عدّة أقسام اُخرى. ولذالک عمدنا فی النهایة إلى شرحها على أساس جعلها أربعة وعشرین قسماً.
3. توحید الصدوق /79 ح 34.
4. ابن فارس، مقاییس اللغة.  

 

الخطبة 91القسم الأول
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma