أشار الإمام(علیه السلام) هنا إلى دوره فی انتشار الدعوة الإسلامیة ودحر عسکر الکفر فقال(علیه السلام): «وایم الله، لقد کنت من ساقتها حتى تولت بحذافیره(1)، واستوسقت قیادها»(2).
ساقه جمع سائق. وقد کان سائداً فی السابق أن یتقدم حرکة الرکب أو القافلة شخص یسمى القائد، ویقال عن خلفه السائق.
وهکذا کان الأمر بالنسبة للجیوش فقد کان القادة فی مقدمة الجیش و الأمراء خلفه. فالإمام(علیه السلام) یشیر إلى أنّ الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) کان القائد للجیش وهو بمنزلة السائق، کما ورد السائق أحیاناً بمعنى القائد. أضف إلى ذلک فان ساقة الجیش وردت بمعنى القسم الخلفی منه و فی هذه الحالة لاتکون جمع سائق.
على کان حال فانّ العبارة تکشف عن دور الإمام(علیه السلام) فی زعامة جیش الإسلام وهزیمة جیش الکفر.
ثم قال(علیه السلام): «ما ضعفت، ولا جبنت، ولا خنت، ولا وهنت» فالواقع هو أنّ الهزیمة إنّما یفرزها أحد هذه العناصر الأربعة: الضعف الخوف، الخیانة والوهن.
والفارق بین الضعف والوهن هو أنّ الضعف یعنی العجز وعدم وجود القدرة، بینما هناک قدرة فی الوهن، غیر أنّ هناک مسامحة فی الاستعمال. وعلیه فلا یمکن العثور على أی من هذه العناصر فی شخص الإمام(علیه السلام)، ومن هنا کان منتصراً على الدوام.
ثم اختتم الخطبة بالقول: «وایم الله، لأبقرن الباطل حتى أخرج الحق من خاصرته».
فالعبارة تفید وجود الحق فی الدنیا دائماً، وإن غطاه الباطل وعلیه فبقر الباطل وطرح حجابه یظهر منه الحق. و هى نقطة رائعة أشار إلیها الإمام(علیه السلام) بکلامه.
کلام السید الرضی:
قال السیّد الشرّیف الرّضى: وَقَدْ تَقَدَّمَ مُخْتَارُ هذِهِ الْخُطْبَةِ، إِلاَ أنّنِی وَجَدْتَها فِی هذِهِ الرِّوایَةِ عَلَى خِلَافِ مَا سَبَقَ مِنْ زِیَادَة وَنُقْصَان، فَأَوْجَبَتِ الْحَالُ إِثْبَاتَهَا ثَانِیَةً. (و هذا یکشف بدوره عن مدى دقة السید الرضی(ره) فی ذکر الخطب حیث لم یهمل حتى إختلاف الروایات).