الرزق وسیلة الامتحان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الحادی والعشرونهل رزق کل إنسان مقدر؟

واصل الإمام(علیه السلام) کلامه بالأدلة الدامغة و الواضحة بشأن اتمام الله سبحانه للحجة على العباد من خلال إ نزال الکتب السماویة وبعث الأنبیاء والرسل بالحدیث هنا عن وسیلتین للامتحان الإلهی للعباد فی مختلف مراحل تکلیفهم، فأشار فی الاولى إلى مسألة الرزق التی قدرها وتعرضها للزیادة والنقیصة: «وقدر الارزاق فکثرها وقللها، وقسمها على الضیق والسعة» وبغیة الحیولة دون التصور بأنّ هذا التفاوت فی الرزق بین العباد یتناقض والعدالة، بادر الإمام(علیه السلام) إلى القول بتقسیمها على ضوء العدل «فعدل فیها» فی إشارة إلى أنّ العدالة لاتعنی المساواة والتکافى، بل العدالة تعنی الایصال على ضوء مصلحة الشخص، فقد ورد فی الحدیث عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)أنّ الله سبحانه وتعالى قال: «إنّ من عبادی من لا یصلحه إلاّ الفاقة ولو أغنیته لأفسده ذلک، وإنّ من عبادی من لایصلحه إلاّ الصحة ولو أمرضته لأفسده ذلک»(1)، ثم تعرض(علیه السلام) بصورة أعمق لهذا الأمر قائل: «لیبتلی من أراد بمیسورها ومعسورها، ولیختبر بذلک الشکر والصبر من غنیها وفقیرها»، یمکن أن یکون هذا التفاوت فی الأشخاص مختلفاً; فتتمتع فئة بنعمة جمة لترى فی میدان الاختبار هل أدت شکر هذه النعمة وأفاضت بعضها على المحرومین، ووضعت الأموال مواضعها الصحیحة، أم بالعکس فانّ زیادة الثروة أبعدها تماماً عن الخالق والمخلوق وجعلها تسبح فی بحر من الغرور والغفلة. أم أن ضیق الرزق حطم صبر هذه الجماعة وقضى على استقامتها واضطراها إلى مقارفة الحرام وجحود النعمة والأعراض عن الله سبحانه وتعالى.

بل إنّ هاتین الحالتین قد تتحققان فی نفس الشخص، فقد یکون غنیاً أحیاناً، کما قد یکون فقیراً أحیاناً اُخرى، وهو ممتحن فی الحالتین فی شکره وصبره وجحوده وجزعه ثم یواصل الإمام(علیه السلام) کلامه بالإشارة إلى هذه النقطة فی أنّ الغنى والفقر والصحة والمرض لیست من الاُمور المنفصلة عن بعضها لیستند الإنسان على واحدة منها، بل هى قریبة متداخلة مع بعضها، فی أنّ البارىء سبحانه خلط سعة الرزق بما یتبقى من الفقر والفاقة، والصحة والعافیة والسلامة بالحوادث الإلهیّة، والسرور والافراح بالأحزان والاتراح: «ثم قرن بسعتها عقابیل فاقتها، وبسلامتها طوارق آفاتها، وبفرج أفراحها غصص أتراحه(2)»، حتى لا یغتر أحد بغناه وعافیته وفرحه وسروره، ویعلم الجمیع بان هذه الاُمور معرضة للزوال والتبدل والعدم على الدوام وفی کل مکان ولدى کائن من کان و أنها تنقلب یوماً إلى ما یضادها.

وسالمتک اللیالی فاغتررت بها *** وعند صفو اللیل یحدث الکدر

و بالنظر إلى أنّ «عقابیل» جمع عقبولة على وزن جرثومة تعنی الشدائد وبقایا الأمراض والمشاکل التی تتمثل بقروح صغیرة تخرج یالشفة: فانّ العبارة المذکورة تفید أنّ المشاکل والمصائب وآثارها وبقایاها تلازم دائما الراحة والهدوء ولا تفارقهما أبداً، والعبارة: «یفرج أفراحها غصص أتراحها» تأکید آخر لهذا المعنى; لأنّ أتراح جمع ترح على وزن فرح بمعنى الحزن والغم والهم. فبالنتیجة ذکر الإمام(علیه السلام) أنّ هذه الافراح والسرور مقرونة با لهم والحزن، النقطة الآخرى التی أشار إلیها الإمام(علیه السلام) هى الوقت المحدد. للحیاة، فلها نهایة حتمیة عاجلا أم آجلاً، والشیء الذی لیس للإنسان منه وسیلة للهرب هو الموت: «وخلق الاجال فأطالها وقصرها، وقدمها وأخرها». فالموت موصول بالحیاة (وجعل الأمراض وسیلة لانهاء الحیاة) من شأنه القضاء علیها «و وصل بالموت أسبابها، وجعله خالج(3) لأشطانه(4)، وقاطعا لمرائر(5) أقرانها»، فقد أشار الإمام(علیه السلام) فی هذه العبارة القصیرة إلى عدّة نقاط، منها أنّ البعض یعمر کثیراً بصورة طبیعیة، والبعض الآخر یعمر قلیلاً، کما قد یقصر ذلک العمر الطویل بفعل بعض الأعمال الشائنة أو الذنوب والمعاصى، بینما قد یطال فی ذلک العمر القصیر إثر رعایة القضایا المرتبطة بالصحة والسلامة، أو بفعل الأعمال الطیبة والخیر والاحسان. کما أشار(علیه السلام)إلى أنّ للموت عدّة أسباب، إذا هرب الإنسان من بعضها وقع فی مخالب الاخر، بل لاینجو من الموت أقوى الأقویاء. وعلیه لاینبغی لأحد أن یغتر بصحته وسلامته وشبابه وقوته، ولابدّ لکل أحد أن یتأهب للموت ویعد له الزاد المطلوب متوقعاً الموت فی أی وقت.(6) کما احتمل بعض شرّاح نهج البلاغة أنّ المراد بالتقدیم والتأخیر، هو أنّ الله سبحانه وتعالى خلق البعض فی الأزمنة الماضیة والبعض الآخر فی الأزمنة اللاحقة على ضوء المصالح، إلاّ أنّ المعنى الأول أنسب.


1. بحارالأنوار 68/140، وقد ورد شبه هذا المعنى فی الغنى والفقر والصحة والمرض والتوفیق للعبادة من عدمه فی بحارالانوار 5/284 عن النبی(صلى الله علیه وآله) عن الله سبحانه.
2. «أتراح» جمع «ترح» على وزن فرح بمعنى الغم والهم، وفسر ضد الفرح کما فسر أیضاً بالهلاک وقطع الخیر والاحسان.
3. «خالج» من مادة «خلج» بمعنى الجذب، والخلجان شیء فی ذهن الإنسان یعنى انجذابه أمام الشیء، ومن هنا اطلق الخلیج لجذبه ماءاً کثیراً من البحر.
4. «أشطان» جمع «شطن» على وزن وطن وهو الحبل الطویل، کما وردت هذه المفردة بمعنى العبد، ومنه «الشیطان» لبعده عن الهدایة والرحمة.
5. «مرائر» جمع «مریر» الحبل المحکم.
6. اوردنا بحثاً مفصلاً فی الخطبة 62 من المجلد الثالث بشأن الأجل ونهایة عمر الإنسان. 
القسم الحادی والعشرونهل رزق کل إنسان مقدر؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma