فتنة البصرة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الثانیالخطبة 103

أشار الإمام(علیه السلام) فی هذا الکلام من الخطبة إلى فتنة اُخرى تنتظر أهل العراق ولا سیما البصرة، لعل الاُمّة تستعد للدفاع وتقلل من خسائرها فی هذه الفتنة، وکذلک تخشى العقاب الإلهی الذی یتمثل أحیاناً بظهور الفتن فلا تحید عن الطریق وتلتزم بدینها. فقد وصف(علیه السلام)هذه الفتن بأنّها کقطع(1) اللیل المظلم، والتی لایسع أحد الوقوف برجهها والتغلب علیها «فتن کقطع اللیل المظلم، لا تقوم لها قائمة، ولا ترد لها رایة».

فی إشارة إلى أنّ مثیری هذه الفتن یردون المیدان بکل قوة واقتدار فیأتون على کل ما یقف فی طریقهم.

ثم یواصل الإمام(علیه السلام) کلامه بتشبیه هذه الفتن بالناقة التی وضع علیها رجلها ویسوقها سائقها بسرعة: «تأتیکم مزمومة(2) مرحولة(3) یحفزه(4) قائدها، ویجهدها راکبها».

ثم أشار(علیه السلام) إلى شدة هذه الفتنة وجسامة خسائرها بعد أن شبهها بالناقة المعدة للرکوب وقد استسلمت لراکبها بعبارة أخرى فإن کل شیء جاهز للفتنة بحیث تکون ضربة أصحابها غایة فی الشدة و تلفاتها قلیلة: «أهلها قوم شدید کلبهم(5) وقلیل سلبهم(6)».

فالإمام(علیه السلام) بین خصائص هؤلاء القوم الذین یقتحمون المیدان بکامل العدة والعدد، وسنرى لاحقاً ومن خلال ما ورد فی التواریخ من تنطبق علیه هذه الأوصاف.

ثم أشار الإمام(علیه السلام) إلى نقطة مهمّة وهى عدم تداوم هذه الفتنة لمدة طویلة، حیث یتصدى لها طائفة من أولیاء الله فیهبون للوقوف بوجه أصحاب هذه الفتن (ویقضون علیهم)، ثم وصف هذه الطائفة بأنّها ذلیلة لدى المتکبرین، فهى لیست معروفة فی الأرض، لکنها معروفة فی السماء: «یجاهدهم فی سبیل الله قوم أذلة عند المتکبرین، فی الأرض مجهولون، وفی السماء معروفون».

فهذه الطائفة من أولیاء الله ذات المقام الرفیع لدیه والشدیدة فی الجهاد فی سبیل الله ستخمد نار الفتنة، کما تفقد هذه الطائفة منزلتها لدى المتکبرین بسبب زهدها فی الدنیا وبعدها عن التظاهر والریاء، فهى مجهولة فی الأرض بین الناس، بینما معروفة لدى ملائکة السماء الخبیرة بباطن هذا العالم.

أمّا من هم هؤلاء القوم الذین أخبر الإمام(علیه السلام) عن فتنتهم وفجائهم، ومن هم المجاهدون الذین سیتصدون لهم ویخمدوا نیران الفتنة، فیبدوهنالک اختلاف بین شرّاح نهج البلاغة بهذا الشأن.

فقد ذهب البعض إلى أنّ المراد بأصحاب الفتن هم أنصار رجل یدعى صاحب الزنج واسمه علی بن محمد وقد نسبوه إلى سلالة النبی(صلى الله علیه وآله) (وإن کان هنالک شک فی نسبه) حیث یجمع عددا من الزنوج حوله ومن هنا لقب بصاحب الزنج. فقد نهض فی نصف القرن الثالث وأثار فتنة عظیمة أطراف البصرة، ثم قتل على ید المجاهدین بعد 12 سنة من حکومة لتلک المنطقة.

کما فسرها البعض الآخر بفتنة المغول، الذین لم یسیطروا على العراق فحسب، بل سیطروا على أجزاء واسعة من العالم الإسلامی، ثم تصدى لهم المجاهدون المسلمون بعد مدة طویلة وقضوا علیهم. وأخیرا فسرها البعض بحوادث آخر الزمان وتعم الفتنة أغلب العالم الإسلامی فلا تقتصر على العراق، ثم یهب لهم جیش الإمام المهدی(علیه السلام) فیقضی علیهم.

ولما کان أغلب شرّاح نهج البلاغة یرون هذه الخطبة جزءا من الخطبة 128، لذلک نرجح تناول هذا الموضوع بصورة أعمق حین نخوض فی شرح تلک الخطبة.

ثم اختتم الإمام(علیه السلام) خطبته مخاطبا البصرة: «فویل لک یا بصرة عند ذلک، من جیش من نقم الله! لارهج(7) له ولا حس(8)، وسیبتلى أهلک بالموت الأحمر، والجوع الأغبر(9)».

والعبارة عند ذلک تشیر إلى أنّ حادثة البصرة لیست حادثة منفصلة، بل البصرة إحدى مراکز الفتنة التی یتعرض أهلها إلى أشد الضربات والعقوبات.

والعبارة نقم الله تفید أنّ هذه الفتنة المرعبة جزاء لاعمالهم.

والعبارة لارهج له ولا حس إشارة إلى الاستعداد التام للقوات المهاجمة بحیث تدخل المدینة وفق خطة دقیقة دون أن تثیر بعض الاصوات والجلبة فتسلب زمام المبادرة من الطرف الآخر بحیث لایبقى أمامه من مجال للمقاومة.

والعبارة الموت الاحمر إشارة إلى عظم المقتلة التی تقع فی البصرة، فقد ورد فی تاریخ صاحب الزنج أنّه قتل ثلاثمئة ألف من الناس حین دخل البصرة.(10)

والعبارة الجوع الأغبر إشارة إلى القحط الشدید إثر الحروب والاضطرابات بحیث یشحب وجههم.

وقد صرح بعض المؤرخین بأنّ الظروف الصعبة جعلتهم یقتلون بعض الحیوانات من قبیل الکلب والقط والفأر ویأکلونها، کما کانوا أحیاناً یأکلون میتة الإنسان(11).

وقد فسّر بعض شرّاح نهج البلاغة الموت الأحمر والجوع الأغبر بالطاعون والوباء والغرق أثر السیول وهجوم أمواج البحر، ولا یبدو مثل هذا التفسیر مناسباً.


1. «قطع» جمع «قطعة» ولعله إشارة إلى بعض أقسام اللیل کنصفه، أو الوقت الذی فیه القمر، کما فسّره البعض بالظلمة.
2. «مزمومة» من مادة «زمام» الحیوان الذی الجم.
3. «مرحولة» من مادة «رجل» جهاز الناقة أو أدوات السفر، ومرحولة هنا بمعنى الناقة الجاهزة للرکوب، وهى کنایة عن تمام الفتن وقوتها.
4. «یحفز» من مادة «حفز» على وزن حبس یحث ویدفع.
5. «کلب» على وزن طلب الاذى والشدة.
6. «سلب» محرکة ما یأخذه القاتل من ثیاب المقتول وسلاحه فی الحرب.
7. «رهج» بالتحریک والسکون الغبار کنایة عن دخول الجیش بکل هدوء وبصورة مباغتة دون أن یثیر شیئاً.
8. «حس» الجلبة والاصوات المختلفة.
9. «أغبر» من الغبار والجوع الأغیر کنایة عن المحل والجذب والقحط الشدید; فوجوه الناس تبدو مغبرة فی القحط من شدة الجوع.
10. مروج الذهب 4/119.
11. مروج الذهب 4/119. 
القسم الثانیالخطبة 103
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma