تجلى الله للعباد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الأولفی سعة علم الله

کما أوردنا سابقاً فانّ الإمام(علیه السلام) استهل الخطبة بحمد الله والثناء علیه وذکر جماله وجلاله وأدلة وجوده سبحانه بعبارات قصار رائعة وهو یشیر إلى أدلة التوحید، فقال(علیه السلام): «الحمد لله المتجلی». والواقع هو أنّ العبارة تشیر إلى برهان النظم الذی ورد فی عدة آیات قرآنیة التی تأخذ بید الإنسان أحیاناً إلى السموات والسیارات والثوابت والمجرات العظیمة کما تصحبه أحیانا اُخرى إلى عمق الذرة ودقة بنائها العجیب وتنتقل به تارة إلى عجیب خلقة الطیور، کما تریه تارة اُخرى اسرار البحار والمحیطات، فهى تریه عظمة الخالق من خلال المخلوقات، ویتضح ممّا تقدم ان الخلق فی (لخلقه) تشیر إلى الإنسان، وفی بخلقه إلى جمیع المخلوقات فاحدها خاص والآخر عام.

ثم أشار(علیه السلام) فیما بعد إلى برهان الفطرة فقال: «والظاهر لقلوبهم بحجیته».

فأیة حجة أعظم من هذه، وهى حین یعود الإنسان إلى قلبه وروحه یستمع نداء التوحید یأتیه من کل مکان. ومن هنا مهما سعت الشیاطین لانکار ذاته، وجهدت من أجل انحراف العباد، فبمجرّد زوال هذه التزیینات، وتلاشى السحب القاتمة للوساوس الشیطانیة، تتجلى هذه الفطرة التوحیدیة فی الإنسان فیعود إلى ربّه وخالقه.

ثم أشار فی العبارة الثالثة إلى ما یمکن تسمیته ببرهان الابداع فقال(علیه السلام): «خلق الخلق من غیر رویة، إذ کانت الرویات لاتلیق إلاّ بذوی الضمائر(1)، ولیس بذی ضمیر فی نفسه».

نعلم أنّ جمیع المصنوعات البشریة إنّما تعود إلى الفکر والبرمجة والخطط والمشاریع المسبقة، وهذه بدورها إلى المخلوقات والمصنوعات فی هذا العالم. أی کل ما یصنعه الإنسان فقد شاهد شبیهه فی عالم الخلقة، کما قد یرکب أحیانا بین عدة أشیاء لیصنع منها شیئاً معیناً، فقد یحتذی بطیور البحر فی صنعه للسفینة وبخلقة الطیور فی صنعه للطائرة وهکذا، وعلیه فهو یحتاج إلى التفکیر فی صناعته من جانب، ویحتاج إلى موجودات اُخرى لکی یقلدها ویستعین بها فی صناعته من جانب آخر. أمّا الابداع بمعنى الخلق دون الحاجة إلى التفکیر أو النموذج للاقتداء فانّما یختص به وحده سبحانه. ثبت الیوم أن على الأرض فقط ملایین الأنواع من النباتات و الحیوانات و الحشرات، حیث لم تکشتف بعد للإنسان لأنها تعیش فى أعمال البحار أو فی متاهات الغایات أو فی الصحاری النائیة و المناطق القطبیة، و کل ذلک یرمز إلى الإبداع الإلهی فی عجائب خلقتها، و یشیر هذا الإبداع إلى وجوده و علمه و قدرته.

و بغض النظر عن کل ذلک فإن الصناعات البشریة إنما تتکامل مع تقادم الزمان و الإنفتاح على تجارب الآخرین، و الحال مخلوقات الله لیست کذلک، فتکاملها یستند إلى ذاتها، لا إلى التجارب الجدیدة.

ثم فسر قوله السابق(علیه السلام) قائل: «خرق علمه باطن غیب السترات(2)، وأحاط بغموض عقائد السریرات(3)».

فان کان غنیاً سبحانه فی تنویعه لخلقه عن التفکیر والمثال الذی یحتذیه فانّما ذلک لعلمه المطلق النافذ فی کل شىء والمحیط بکل شیء.

نعم فمن یحتاج إلى الفکر والانفتاح على تجارب الآخرین، من کان علمه محدوداً، جاهلاً بما غاب عنه.

والعبارة السابقة من قبیل ذکر الخاص بعد العام; أی أنّها تحدثت أولاً عن علم الله بباطن جمیع الأشیاء، ثم علمه بالعقائد الخفیة للإنسان.


1. «ضمائر» جمع «ضمیر» من مادة «ضمور» على وزن قبول تعنی فی الأصل الضعف کما یراد بها باطن الإنسان.
2. «سترات» جمع «ستره» على وزن قربة ما یستربه.
3. «سریرات» جمع «سریرة» ما یخفیه الإنسان ویکتمه، وقد تجمع سریرة جمع تکسیر فیقال سرائر، کما تجمع جمع مؤنث سالم. 
القسم الأولفی سعة علم الله
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma