نعلم أنّ الوحی یحصل بعدة صور: فقد یکون أحیاناً بواسطة الملک الذی یحمل رسالة اللّه من قبیل نزول الوحی على نبی الإسلام بواسطة جبرئیل(علیه السلام). کما یکون أحیاناً اُخرى عن طریق سماع الأمواج الصوتیة التی تحدثها القدرة الإلهیة فی الفضاء کنزول الوحی على نبی اللّه موسى(علیه السلام) عن هذا الطریق. کما نزل على النبی(صلى الله علیه وآله)ـ طبق بعض الروایات ـ مثل هذا الوحی فی المعراج. کما یحصل عن طریق الالهام و الإلقاء فی الروع; الأمر الذی حصل للنبی(صلى الله علیه وآله) فی بعض المواقع الضروریة. وهنا یبرز هذا السؤال: مادام هناک طریق للوحی من خلال ایجاد الصوت أو الالهام، فما الضرورة لأن تکون الملائکة واسطة للوحى؟
للإجابة على هذا السؤال المهم، یمکن القول أنّ لنزول الملائکة بعض المزایا منها :
1ـ لما کانت الملائکة موجودات مجردة، وللإنسان ـ کائنا من کان ـ بعد مادی وجسمانی وروحانی فانّ تلقى الوحی عن طریق الملائکة أهون وأسهل على الأنبیاء من تلقى الوحی بصورة مباشرة. بینما یکون أصعب و أثقل إن کان بصورة مباشرة.
2ـ أنّ نزول الملک یفید الاطمئنان أکثر إلى الوحی، إلى جانب الأهمیة الفائقة لهذا لأمر، لأنّ اللّه أمر أعظم ملائکتة للقیام بوظیفة ابلاغ الوحی. والجدیر بالذکر أنّ بعض الروایات والأخبار صرحت بتشییع فریق من الملائکة (یصل عددهم أحیاناً إلى سبعین ألف ملک) لبعض السور القرآنیة حین نزول جبرئیل بها على النبی(صلى الله علیه وآله) لتتضح للجمیع أهمیة ذلک الموضوع، وبالطبع فانّ هذا الأمر لایتحقق فی ظل الالهام أو سماع الصوت. وإن کانت لهذه الأخیرة خصائصها وممیزاتها.
