النور الذی کشف الظلمة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
نظرة إلى الخطبةالخطبة 96

خاض الإمام(علیه السلام) کراراً فی خطبه فی نهج البلاغة بشأن أوضاع الجاهلیة التی کانت علیها العرب، حیث رسم صورة واضحة عن دقائق تلک الفترة، لیلتفت الناس فی عصر الإمام(علیه السلام)ممن لم یدرک ذلک العهد إلى عظمة الدعوة الإسلامیة، ولیعلموا حجم التغییر الذی حدث فی المجتمع، فیتعرفوا أکثر على منزلة النبی(صلى الله علیه وآله) وعظم قدره; وذلک لأن مثل هذا العمل الجبار إنّما یتطلب إرادة حدیدیة وعزماً راسخاً وتدبیراً عالیاً وبرامج وخطط واضحة، جمعت کلها فی شخص النبی(صلى الله علیه وآله). فقد بین الإمام(علیه السلام) وضع العصر الجاهلی بسبع عبارات، أشار فی العبارة الاولى والثانیة إلى أنّ الله بعث النبی(صلى الله علیه وآله) حین کان الناس یعیشون الحیرة والضلال ویسبحون فی بحر من الفتن: «بعثه والناس ضلال فی حیرة، وحاطبون فی فتنة».

لا شک أن الإنسان یمکنه أن ینقذ نفسه من الضلالة ما لم تکن مقرونة بالحیرة والتخبط کالذی ضل الطریق ثم اکتشفه من خلال بعض القرائن والعلامات; إلاّ أنّ المشکلة تبدو معقدة إذا اقترنت الضلالة بالحیرة، وهذا هو الوضع الذی کان علیه الناس فی الجاهلیة. والحاطب تطلق على من یجمع الحطب. فالناس فی عصر الجاهلیة وفی ذات الوقت الذی یعیشون فیه الفتن، کان یزیدون من حطب نیران هذه الفتن.

ثم قال(علیه السلام) فی العبارة الثالثة والرابعة: «قد استهوتهم الأهواء، واستتنزلتهم الکبریاء».

فمن البدیهی أن تقود الأهواء المجتمع إلى مستنقع الضلالة، فاذا رافقها العجب والخیلاء لسقط فی ذلک المستنقع.

ثم قال(علیه السلام): «واستخفتهم الجاهلیة الجهلاء، حیارى فی زلزال من الأمر، وبلاء من الجهل».

وهکذا یتجسم بؤس هؤلاء القوم وشقائهم فی الجهل والضلال والأهواء والافتتان والتکبر; الرذائل التی تکفی کل واحدة منها فی سقوط المجتمع، فضلاعن جمعها مع بعضها فیه. ومن هنا یتبیّن مدى حجم مشاکل عصر الجاهلیة وتعقیدها وتهدیدها للمجتمع، کما یتضح على سبیل الیقین أنّ من یتغلب علیها، إنّما استند إلى التأیید الإلهی والغیب والامداد.

ثم أشار(علیه السلام) فی آخر الخطبة إلى جهود النبی(صلى الله علیه وآله) ومدى نصحه للقوم بذلک الاُسلوب الروحی الذی یستند إلى الوحی السماوی حتى نفذ إلى القلوب: «فبالغ فی النصیحة، ومضى على الطریقة، ودعا إلى الحکمة والموعظة الحسنة».

فالواقع أن عناصر تقدم البعثة النبویة والتطور الذی أحرزه النبی(صلى الله علیه وآله) على صعید الرسالة إنّما یکمن فی أربع: الأول: النصح وإرادة الخیر، بحیث أیقن الناس أنّه یسعى جاهداً من أجل نجاتهم. الثانی: کان ممن قرن القول بالعمل، فیأتمربما یأمر وینتهی عما ینهى.

الثالث: قد دعا اولئک الناس الذین أصیبوا بالجهل والخرافة والحیرة والضلال إلى العلم والمعرفة. وأخیراً کان یدعوا إلى ربّه بالحکمة والموعظة الحسنة والکلمات الرقیقة التی تخترق القلوب.

وقد ذکر البعض من شرّاح نهج البلاغة تفسیراً آخر للعبارتین الآخیرتین، وهو أنّ النبی(صلى الله علیه وآله) کان یدعو الناس إلى الله بالحکمة والموعظة الحسنة، کما ورد ذلک فی الآیة الشریفة: (أُدْعُ إِلى سَبِـیلِ رَبِّکَ بِالحِکْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ)(1)(2).

إلاّ أنّ التفسیر الأول یبدو أنسب من خلال الالتفات إلى العبارات السابقة التی اعتبر الإمام(علیه السلام) عامل بؤسهم یکمن فی: «الجاهلیة الجهلاء» و«بلاء من الجهل».

على کل حال فانّ ماورد فی هذه الخطبة بشأن الأوضاع المأساویة والظروف الشائکة والفضائع التی سادت العصر الجاهلی، تدعو الإنسان إلى التفکیر والتأمل، حیث یمکنه الوقوف على عمق هذه المسألة من خلال الرجوع إلى التواریخ والروایات والأخبار التی تناولت تلک الفترة، فهناک المصادر الکافیة التی أشارت إلى هذا الأمر. ولما کانت مقارنة تلک الاوضاع والظروف بما حدث بعد انبثاق الدعوة الإسلامیة ونهوض رسول الله(صلى الله علیه وآله)بالأمر والتی تعدّ من معاجز التأریخ الإسلامی، یبدو من الضروری تسلیط الضوء أکثر على هذا الموضوع ودراسته من قبل الجمیع، ولا سیما من قبل شریحة الشباب.

هذا وقد قدمنا شرحاً مفصلا بهذا الشأن فی الخطبة الاولى من المجلد الأول، والخطبة 36 و33 من المجلد الثانی، ولا نرى هنا من ضوررة للتکرار، إلاّ أنا نوصی القراء الأعزاء بالرجوع مرة اُخرى إلى هذه الخطب.


1. سورة النحل/125.
2. بحسب هذا التفسیر فان «إلى» جاءت بمعنى «به»، أو أن الذی یأتی بعد «إلى» یجب ان یکون مقدراً، «إلى ربه بالحکمة». 

 

نظرة إلى الخطبةالخطبة 96
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma