«الْمُنْشِىُ أَصْنافَ الاَْشْیاءِ بِلا رَوِیَّةِ فِکْر آلَ إِلَیْها، وَلا قَرِیحَةِ غَرِیزَة أَضْمَرَ عَلَیْها، وَلا تَجْرِبَة أَفادَها مِنْ حَوادِثِ الدُّهُورِ وَلا شَرِیک أَعانَهُ عَلَى ابْتِداعِ عَجائِبِ الاُْمُورِ، فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ، وَأَذْعَنَ لِطاعَتِهِ، وَأَجابَ إِلَى دَعْوَتِهِ، لَمْ یَعْتَرِضْ دُونَهُ رَیْثُ الْمُبْطِىِ، وَلا أَناةُ الْمُتَلَکِّىِ، فَأَقَامَ مِنَ الاَْشْیاءِ أَوَدَها، وَنَهَجَ حُدُودَها، وَلاءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَیْنَ مُتَضادِّها، وَوَصَلَ أَسْبَابَ قَرائِنِها، وَفَرَّقَها أَجْناساً مُخْتَلِفات فِی الْحُدُودِ وَالاَْقْدارِ، وَالْغَرائِزِ وَالْهَیْئاتِ، بَدایا خَلائِقَ أَحْکَمَ صُنْعَها وَفَطَرَها عَلَى ما أَرادَ وَابْتَدَعَها!».