«فَمَا احْلَوْلَتْ لَکُمُ الدُّنْیَا فِی لَذَّتِهَا، وَلاَ تَمَکَّنْتُمْ مِنْ رَضَاعِ أَخْلَافِهَا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا صَادَفْتُمُوهَا جَائِلا خِطَامُهَا، قَلِقاً وَضِینُهَا، قَدْ صَارَ حَرَامُهَا عِنْدَ أَقْوَام بِمَنْزِلَةِ السِّدْر الْمَخْضُودِ، وَحَلَالُهَا بَعِیداً غَیْرَ مَوْجُود، وَصَادَفْتُمُوهَا، وَاللّهِ، ظِلّاً مَمْدُوداً إِلى أَجَل مَعْدُود. فَالأرْضُ لَکُمْ شَاغِرَةٌ. وَأَیْدِیکُمْ فِیهَا مَبْسُوطَةٌ; وَأَیْدِی الْقَادَةِ عَنْکُمْ مَکْفُوفَةٌ، وَسُیُوفُکُمْ عَلَیْهُمْ مَسَلَّطَةٌ، وَسُیُوفُهُمْ عَنْکُمْ مَقْبُوضَةٌ. أَلاَ وَإِنَّ لِکُلِّ دَم ثَائِراً، وَلِکُلِّ حَقٍّ طَالِباً وَإِنَّ الثَّائِرَ فِی دِمَائِنَا کَالْحَاکِم فی حَقِّ نَفْسِهِ، وَهُوَ اللّهُ الَّذِی لاَ یُعْجِزُهُ مَنْ طَلَبَ، وَلاَ یَفُوتُهُ مَنْ هَرَبَ. فَأُقْسِمُ بِاللّهِ، یَا بَنی أُمَیَّةَ، عَمَّا قَلِیل لَتَعْرِفُنَّهَا فِی أَیْدِی غَیْرِکُمْ وَفِی دَارِ عَدُوِّکُمْ! أَلاَ إِنَّ أَبْصَرَ الأبْصَارِ مَا نَفَذَ فِی الْخَیْرِ طَرْفُهُ! أَلاَ إِنَّ أَسْمَعَ الأَسْمَاعِ مَا وَعَى التَّذْکِیرَ وَقَبِلَهُ!».