فتنة ضلیل الشام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الثالث1 ـ الملاحم

کشف الإمام(علیه السلام) فی هذا الکلام ـ الذی یمثل فی الواقع جوهر الخطبة ـ النقاب عن الحوادث المستقبلیة الخطیرة التی تنتظر أهل العراق، ثم یشرح(علیه السلام) بعض تفاصیل وجزئیات هذه الحوادث المروعة، بغیة أعداد الاُمّة للحد من أخطاره: «لکأنّی أنظر إلى ضلیل(1) قد نعق(2)بالشام، وفحص(3) برایاته فی ضواحی کوفان»(4).

ثم خاض فی توضیح هذه الفاجعة الکبرى: «فاذا فغرت(5) فاغرته، واشتدت شکیمته(6)وثقلت فی الأرض وطأته، عضت الفتنة أبناءها بانیابها، وماجت الحرب بامواجها، وبدا من الایام کلوحه(7)، ومن اللیالی کدوحه(8)».

هناک قولان رئیسیان لشرّاح نهج البلاغة فی المراد بالضلیل فی عبارة الإمام(علیه السلام):

الأول: أن یکون المراد به معاویة الذی أحکم قبضته على العراق بعد شهادة أمیرالمومنین علی(علیه السلام) وصلحه مع الإمام الحسن (علیه السلام)، وقد نفذ کل ماورد فی العبارة عملیاً، والثانی: أن یکون المراد به عبدالملک بن مروان الذی سلط ذلک المجرم المعروف الحجاج على الکوفة فسام الناس سوء العذاب وجرعهم أنواع الظلم، ومهما کان فالعبارة إشارة إلى الطغاة من حکام بنى أمیة.

والعبارة: «عضت الفتنة أبناءها بأنیابها» إشارة إلى أن هذه الفتن ستطیل حتى أولئک الذین یثیرونها! فعادة ماتعصف بهم الاختلافات الداخلیة، أو أن یتسلط علیهم أعداؤهم فیذیقونهم أشد العذاب.

ثم قال(علیه السلام): «فاذا أینع زرعه وقام على ینعه(9)، وهدرت شقاشقه(10)، وبرقت بوارقه، عقدت رایات الفتن المعضلة، وأقبلن کاللیل المظلم، والبحر الملتطم».

فی إشارة إلى أنّ حکومة هؤلاء لن تدوم، کما لن یلتذ هؤلاء الضلال الظلمة بفتنهم، وسرعان ما تحیط بهم رایات المخالفین.

ویمکن أن تکون هذه العبارة إشارة إلى قیام بنی العباس ضد بنی أمیة.

ثم اختتم(علیه السلام) الخطبة بالقول: «هذا، وکم یخرق الکوفة من قاصف، ویمرعلیها من عاصف، وعن قلیل تلتف القرون بالقرون، ویحصد القائم، ویحطم المحصود».

والعجیب أن ما تکهن به الإمام(علیه السلام) فی هذه العبارات القصار قد وقع سریعاً، فقد طحنت الکوفة بفتن بنی أمیة ومن بعدهم بنی العباس; لتصبح هذه المنطقة مرکزاً المختلف الحوادث العنیفة، وکل من کان له أدنى المام بتاریخ الکوفة یدرک بسهولة عمق کلمات الإمام(علیه السلام) التی أوردها فی هذه الخطبة.

والعبارة: «تلتف القرون بالقرون» إشارة إلى الحروب الطاحنة التی خاضها مختلف الأقوام فی العراق والکوفة، ولاسیما حروب بنی أمیة وبنی العباس.

والعبارة: «یحصد القائم، ویحطم المحصود» کنایة لطیفة عن الاضرار والخسائر التی تلحق بالاُمّة طیلة هذه الحوادث. فمن کان قائما صرع، و من کان مصروعا تحطم.

أمّا ابن أبی الحدید فقد قال فی شرحه للعبارة: «یحصد القائم» کنایة عن قتل أمراء بنی أمیة فی الحرب و«یحطم المحصود» کنایة عن قتل المأسورین منهم صبراً، وهکذا وقعت الحال.

والحق أن ماذکره ابن أبی الحدید هو بعض مصادیق المفهوم الواسع للعبارة المذکورة.


1. «ضلیل» من مادة «ضلال» الشدید الضلال فهو ضال مضل.
2. «نعق» من مادة «نعق» على وزن نعل تعنی فی الاصل صوت الفرس، ثم اطلق على الأصوات التی تطلق لحرکة الحیوانات و أمرها و نهیها، و وردت فی العبارة بمعنى أنّ بنی أمیة قد استضعفوا جماعة، یسوقونها کالحیوانات حیثما أرادوا.
3. «فحص» البحث والتفتیش.
4. «کوفان» بمعنى الکوفة.
5. «فغرت» من مادة «فغر» على وزن فقر فتح الضم.
6. «شکیمة» تعنی فی الاصل الحدیدة المعترضة فی اللجام فی فم الدابة، ویعبر بقوتها عن شدة البأس، ثم اطلقت على کل قوة.
7. «کلوح» عبوس.
8. «کدوح» شدة السعی والجهد، وتعنی فی الأصل الخدش وأثر الجراحات.
9. «ینع» بمعنى نضج الفاکهة، ثم اطلق على کل نضج واستعداد لتلقی نتیجة.
10. «شفاشق» جمع «شقشقة» شیء کالرئة یخرجه البعیر من فیه إذا هاج. 

 

القسم الثالث1 ـ الملاحم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma