«قَدْ ذَاقُوا حَلاَوَةَ مَعْرِفَتِهِ، وَشَرِبُوا بِالْکَأْسِ الَّروِیَّةِ مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَتَمَکَّنَتْ مَنْ سُوَیْدَاءِ قُلُوبِهِمْ وَشِیجَةُ خِیفَتِهِ، فَحَنَوْا بِطُولِ الطَّاعَةِ اعْتِدَالَ ظُهُورِهِمْ، وَلَمْ یُنْفِذْ طُولُ الرَّغْبَةِ إِلَیْهِ مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ، وَلاَأَطْلَقَ عَنْهُمْ عَظِیمٌ الزُّلْفَةِ رِبَقَ خُشُوعِهِمْ، وَلَمْ یَتَوَلَّهُمْ الإِعْجَابُ فَیَسْتَکْثِرُوا مَا سَلَفَ مِنْهُمْ وَلاَ تَرَکَتْ لَهُمُ اسْتِکَانَةُ ا ْلإِجْلاَلِ نَصِیباً فِی تَعْظِیمِ حَسَنَاتِهِمْ، وَلَمْ تَجْرِ الْفَتَراتُ فِیهِمْ عَلَى طُولِ دُؤُبِهِمْ، وَلَمْ تَغِضْ رَغَبَاتُهُمْ فَیُخَالِفُوا عَنْ رَجَاءِ رَبِّهِمْ، وَلَمْ تَجِفَّ لِطُولِ الْمُناجَاةِ أَسَلاَتُ أَلْسِنَتِهِمْ، وَلاَ مَلَکَتْهُمُ الأَشْغَالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ الْجُؤَارِ، إِلَیْهِ أَصْوَاتُهُمْ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ فِی مَقَاوِمِ الطَّاعةِ مَنَاکِبُهُمْ، وَلَمْ یَثْنُوا إلَى رَاحَةِ التَّقْصِیرِ فِی أَمْرِهِ رَقَابَهُمْ، وَلاَتَعْدُو عَلَى عَزِیمَةِ جِدِّهِم بَلاَدَةُ الْغَفَلاَتِ، وَلاَ تَنْتَضِلُ فِی هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ الشَّهَوَاتِ».