مقارنة بین أهل العراق والشام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
العمل بالتکلیفالقسم الرابع

لقد أورد الإمام(علیه السلام) عبارة عجیبة فی إطار مقارنته بین أهل العراق والشام لم یرمثیلها حیث قال: لوددت والله أنّ معاویة صرفنی بکم صرف الدینار بالدرهم، فأخذ منی عشرة منکم وأعطانی رجلا منهم. والحال کان ینبغی أن تکون القضیة معکوسة، فقد عقد القرآن الکریم مثل هذه المقارنة بین المؤمنین والکفار فقال: (إِنْ یَکُنْ مِنْکُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ یَغْلِبُوا مِاَتَیْنِ)(1)، ترى لم انقلب هذا المعیار القرآنی بشأن أهل العراق والشام؟

یبدو أنّ التحلیلات الدقیقة من شأنها ایقافنا على ماورد فی کلام أمیرالمؤمنین(علیه السلام) بهذا الشأن.

فالکوفة منطقة حربیة حدیثة، وأنّ أهلها الذین کانوا یمثلون القسم الأعظم من جیش الإمام(علیه السلام) قد قدموا هناک من عدّة مناطق وهم ینحدرون من مختلف القبائل بحیث لم یکن یسودهم الانسجام والانضباط المطلوب. فکان لکل واحد منهم أهدافه وطموحاته وطروحاته الفکریة، بینما کانوا أهل الشام کتلة واحدة عاشت هناک لیتحلوا بکافة عناصر الوحدة والانسجام ووحدة الفکر والثقافة. هذا أولا.

وثانیاً: کان فی جیش الإمام(علیه السلام) من قدم بغیة الحصول على الغنائم، فان کانت هناک غنیمة سارعوا لمیادین القتال، بینما یقبعون فی بیوتهم حیث التضحیة والفداء والشهادة.

ثالثاً: کان أهل الشام ینظرون إلى منطقتهم کوطن لابدّ من الدفاع عنه والذود عن حیاضه، بینما کان لأغلب أهل الکوفة وطن آخر خارج الکوفة، وکلما ضاقت علیهم السبل فی الکوفة عادوا إلى أوطانهم.

أضف إلى ذلک فانّ ضعف إرادتهم وسرعة خداعهم وانفعالهم بالأعیب العدو، ومن ذلک خدیعتهم فی صفین، وعدم معرفتهم بمقام الإمام(علیه السلام) ومنزلته، والاغماض عن الحوادث المستقبلیة، کل هذه الاُمور کانت تفعل فعلها فیهم فی میدان القتال.

ومن هنا کانوا یختلقون مختلف الذرائع للهروب من ساحة الحرب، ولایتوانون فی اغتنام أیة فرصة تسنح لهم من أجل الفرار، منهم یتذرعون تارة بحرارة الجو، واُخرى ببرودته والحال یصرخ فیهم الإمام(علیه السلام): «فاذا کنتم من الحر والقر تفرون، فأنتم والله من السیف أفر».(2)

وکأنّ القتال لابدّ أن ینشب فی فصل الربیع; على ظلال الأشجار وسط الحقول الخضراء والمیاه المتدفقة وتغرید العصافیر والطیور.

العنصر الآخر الذی أدى إلى ضعف جیش الکوفة وعدم تحلیه بالانضباط هو أنّ أشرافهم کانوا مرفهین على عهد عثمان، حیث کان یقسم أموال بیت المال دون حساب بین الناس، وکانت الحصة العظیمة تمنح للزعماء والاشراف والبطانة والأقرباء. فلما تسلم الإمام(علیه السلام) زمام الاُمور تغیرت الأوضاع لیعیشوا مرارة العدالة بعد أن أنسوا بالظالم والجور، ومن هنا کانوا لا ینفکون عن الشکوى، هذا من جانب ومن جانب آخر فانّ معاویة کان یسعى جاهداً لتحقیق أهدافه دون الاکتراث لدین الله والقیم الإسلامیة والموازین الشرعیة، فکان یبذل الآف الدنانیر لشراء هذا الفرد أو ذاک من أجل ترسیخ دعائم حکومة، فان لم یسعفه ذلک عمد إلى التهدید والارعاب والقتل.

ومن هنا نقف على عمق حکمة الإمام(علیه السلام) وبعد أفقه وتدبیره فی کیفیة تمکنه من زج هؤلاء القوم فی الجمل وصفین والنهروان، وإن شهدت هذه الوقائع بعض الانکسارات بسبب تمرد البعض وعدم طاعتهم لأوامر الإمام(علیه السلام).

وهنا نکتشف عمق ماقاله ابن أبی الحدید: إنّ سیاسة علی(علیه السلام) إذا تأملها المنصف متدبراً لها بالاضافة إلى أحواله التی دفع الیها مع أصحابه، حِرت محِرى المعجزات، لصعوبة الأمر وتعذره ثم کسربهم الأعداء، وقتل بهم الرؤوساء، فلیس یبلغ أحد فی حسن السیاسة وصحة التدبیر مبلغه(3).

والحق إننا إذا أردنا أن نصدر حکمنا على سیاسة أمیرالمؤمنین(علیه السلام) ونعلن رأینا بهذا الشأن، کان علینا أن نأخذ هذه الاُمور بنظر الاعتبار. وناهیک عن کل ما سبق فانّ الإمام(علیه السلام)لم یکن لیعتمد أیة وسیلة من أجل بلوغ الهدف، حیث یمنعه دینه وعدله وورعه وتقواه عن ذلک.


1. سورة الانفال/65.
2. نهجالبلاغة، خطبة 27.
3. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 7/73. 
العمل بالتکلیفالقسم الرابع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma