من هم المجسمة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
انت المنزه عن الشبیه والمثیل القسم السادس

تطلق المجسمة (بکسر السین) على من نسب الجسمیة لله و هم الذین یقولون بأنّ له ید ورجل واذن وعین، کما یقال لهؤلاء المشبهة بکسر الباء، وذلک أنّهم یشبهون اللّه سبحانه بمخلوقاته المادیة. ویبدو أنّ مثل هذا الاعتقاد کان سائدا بین أفراد البشر منذ قدیم الزمان حیث جعلهم قصر فکرهم یعجزون عن تصور ماوراء هذه الطبیعة المادیة، حتى ألفوا المادیات والجسام فظنوا أنّ اللّه سبحانه مثلهم أو کسائر الأجسام المادیة. ومن هنا نشأ الاعتقاد بسائر المعبودات کالشمس والقمر والکواکب وسائر أجسام المشابهة. ویفید تأریخ الیهود رسوخ عقیدتهم بجسمیة الحق سبحانه وتعالى، ومن ذلک مدى اصرارهم على نبیهم موسى(علیه السلام)فی أن یریهم اللّه سبحانه جهرة ولا تخفی علینا قصة جبل الطور والصاعقة التی أخذت طائفة من بنی إسرائیل فبعد أن نجى بنی اسرائیل من البحر أتوا موسى(علیه السلام) وقد مروا بقوم یعکفون على أصنام لهم فقالو لنبیهم موسى(علیه السلام) اجعل لنا إلها کما لأولئک، بل لم یثوبوا إلى رشدهم حتى بعد أن أخذتهم الصاعقة، ثم سارعوا لعبادة العجل الذی أخرجه لهم السامری، حتى ضلت فیه جماعة من بنی اسرائیل. فرجع الیهم موسى(علیه السلام) غضبان أسفاً وآخذهم بما فعلوا.

تاریخ النصارى أیضاً یشهد بأنّ عقیدة التثلیث (اللّه والابن والروح القدس) کانت شائعة بین النصارى والتی تفید القول بالجسمیة على اللّه. فهم یصرحون جهرة بأنّ المسیح(علیه السلام) ابن اللّه وأنّه أحد الآلهة الثلاث. والحال لم یکن المسیح(علیه السلام) سوى بشراً من سائر الناس.

ولما نزل القرآن الکریم على صدر الرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله) أبطل هذه العقائد الفاسدة بما فیها القول بالتجسیم والتشبیه. والشاهد على ذلک الآیات القرآنیة: (لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیءٌ)(1) و: (لا تُدْرِکُهُ الأَبْصارُ)(2) و(لَنْ تَرانِی)(3) و(وَهُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ ما کُنْتُمْ)(4) و(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِیدِ)(5) و(فَأَیْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ)(6) التی تنفى جسمیة اللّه سبحانه وتعالى. إلاّ أنّ المؤسف له هو أنّ بعض الأفکار الانحرافیة الموروثة من الاُمم الوثنیة والیهودیة والنصرانیة والمجوسیة قد وردت الإسلام لتخترق عقائد بعض السذج من المسلمین الذین اصطلح علیهم بالمجسمة أو المشبهة.

ولعل بعض التعبیرات الکنائیة التی وردت فی بعض الآیات القرآنیة من قبیل الآیة الکریمة: (یَدُ اللّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ)(7) والآیة: (الرَّحْمـنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى)(8) قد أصبحت ذریعة لدى بعض المنحرفین من أصحاب النظرة القاصرة والأفکار الضیقة و المنحرفة لیحثوا الخطى نحو هذه المذاهب المشرکة الفاسدة; والحال من المسلم به أنّ الید فی الآیة تعنى القوة والقدرة واستوى بمعنى السلطة والسیطرة، لا بمعنى الجلوس والاستقرار على الشی، وبالطبع فانّ هذه الکنایات کانت سائدة لدى مختلف الأقوام قبل نزول القرآن وبعده، من قبیل قولهم، لیس له ید على هذا الأمر، وهکذا فإن مفردة الاستواء التی تستعمل بشأن استیلاء سلطان وسیطرته على بلاد.

وناهیک عما سبق فانّ الأدلة العقلیة والمنطقیة هى الاُخرى تنفی بوضوح أیة جسمیة عن اللّه; لأنّ کل جسم محدود وله زمان ومکان واجزاء، وعلیه فهو محتاج من مختلف الجهات، ونعلم أن لیس للحاجة والمحدودیة من سبیل إلى ذاته المطلقة سبحانه. والأهم من کل ذلک أنّ کافة الأجسام یعتریها التغییر بل وحتى الزوال، فی حین لیس لهذا التغییر والزوال أن یدنس ساحة کبریائه وعظمته.

ورغم کل ما مرّ من أدلة واضحة، فمما یؤسف له ـ کما أشرنا إلى ذلک سابقاً ـ فانّ عقیدة الجسمیة المنحطة قد طالت جمعاً من جهال المسلمین حتى أوغلوا فی الانحراف والضلال، و حسب ما نقله «المحقق الدوانی» فان البعض یعتقد بأنّه جسم مرکب من لحم ودم تنبعث منه أشعة قضیة شفافة وله قامة من سبعة أشبار، کما اعتقد البعض الآخر بانه على هیئة شاب أمرد له شعر مجعد حسب ما ذکره المحقق الدوانی بشأن هذه الفئات الضالة.

فقد أورد العلاّمة الحلى فی کتابه منهاج الکرامة قصة عن بعض المجسمة، لا بأس أن أنقلها. فقد حکى عن بعض المنقطعین التارکین من شیوخ الحشویة أنّه إجتاز علیه فی بعض الأیام نفاط ومعه أمرد حسن الصورة قطط الشعر على الصفات التی یصفون ربّهم بها. فألح بالنظر إلیه لیلا وکرره، فتوهم منه النفاط أمراً، فجاء إلیه لیلاً وقال له: رأیتک تلح بالنظر إلى هذاالغلاموقد أتیتک به، فان کان لک فیه نیة فأنت الحاکم. فرد علیه وقال: إنّمأکررت النظر لأنّ مذهبی: أن اللّه ینزل على صورة هذا الغلام، فتوهمت أنّه اللّه. فقال له النفاط: واللّه ما أنا علیه من النفاطة أجود ممّا أنت علیه من الزهد مع هذه المقالة.(9)


1. سورة الشورى/11
2. سورة الانعام/103.
3. سورة الأعراف/143.
4. سورة الحدید/4.
5. سورة ق/16.
6. سورة البقرة/115.
7. سورة الفتح/10.
8. سورة طه/5.
9. شرح نهج البلاغة للعلاّمة التسترى 1/333 
انت المنزه عن الشبیه والمثیل القسم السادس
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma