فرائض الإسلام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الأولفلسفة الأحکام

تحدث الإمام(علیه السلام) هنا عن أفضل الأعمال التی یؤدیها سالکی طریق العبودیة ودعاة الحق للتقرب إلى الله فقال(علیه السلام): «إنّ أفضل ما توسل به المتوسلون(1) إلى الله سبحانه وتعالى، الإیمان به وبرسوله».

وکان هذه العبارة إشارة إلى الآیة الشریفة: (یا أَیُّها الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَابْتَغُوا إِلَیْهِ الوَسِـیلَةَ)(2). إلى جانب شرحها و تفسیرها، فقد أمر الله سبحانه فی هذه الآیة بالتقوى ومن ثم انتخاب الوسیلة إلى الله.

وعلى هذا فالمراد بالوسیلة الإیمان والجهاد وسائر الاُمور الواردة فی هذه الخطبة ولیس هناک من منافاة بین هذا الکلام والتفسیر الآخر الذی عنى الوسیلة هنا بشفاعة أولیاء الله; لأنّ کل هذه الوسائل یمکن جمعها فی الآیة الشریفة.

على کل حال فانّ الوسیلة الاولى التی ذکرت هى الإیمان; الإیمان بالله والنبی، لأنّ الإیمان أساس الحرکة البناءة والفاعلة.

الطریف فی کلام الإمام(علیه السلام) أنّه تطرق فی کل نقطة دلیلها بصیغة تعلیل وفلسفة لکافة الواجبات العشر الواردة فی العبارة، سوى مسألة الإیمان بالله والنبی. وذلک لأنّ هذه المسألة غنیة عن ذکر الدلیل، وبعبارة اُخرى فانّ أساس الصالحات والخیرات واعمال البر إنّما یکمن فی الإیمان، وبدونه لیس هنالک من حرکة نحو الفرائض الإلهیة والواجبات الدینیة. فالأمر على درجة من الوضوح بحیث لایحتاج إلى دلیل.

ثم أشار(علیه السلام) إلى الواجب الثانی: «والجهاد فی سبیله، فانه ذروة(3) الإسلام» وللجهاد هنا معنى واسع یشمل الجهاد العلمی والإعلامی والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وکافة الجهود والمساعی البناءة من أجل النهوض بالاهداف الإسلامیة وحتى جهاد النفس، إلى جانب الجهاد العسکری والمقاومة ضد العدو.

والعبارة «ذروة الإسلام» تفید عدم جدوى الجهاد ما لم یکن عاماً شاملاً. وقد قال الإمام(علیه السلام)فی موضع آخر من نهج البلاغة بشأن فلسفة الأحکام ومنها الجهاد: «والجهاد عن للإسلام»(4).

ورغم سعی إعداء الإسلام إلى استغلال مفردة الجهاد الإسلامی واساءة تفسیرها من خلال وصفها بالعنف إلاّ أنّهم یغفلون عن المعنى الواقعی للجهاد والذی یتمثل بالصمود من أجل الحیاة ومقاومة العناصر الهدامة; وهو الأمر الذی أودع طبیعة کل إنسان.

فالحق أنّ الحیاة لتتعذر علینا ولو ضعفت الخلایا لیوم واحد کتلک التی رکبت فی بدن الإنسان وتقوم بوظیفتها فی الدفاع عنه ومهاجمة المکروبات والجراثیم التی تحاول اختراق البدن، وما المرض الخطیر الذی یصطلح علیه بالایدز إلاّ اختلال القوى الدفاعیة للبدن. فالمجتمع الذی یتخلى عن الجهاد إنّما یکون کهذا المریض المصاب بالایدز، فیصبح مسرحاً لهجوم أنواع المشاکل والمعضلات.

وبالطبع أن أولئک الذین صوبوا سهام حقدهم نحو الجهاد الإسلامی، لیعلمون جیداً أنّ التسلط على المسلمین متعذر مادام هذا الأصل المتمثل بالجهاد نابض بالحیاة، فلو حذف الجهاد بحجة العنف، لم تعد هنالک من مشکلة أمام تسلط الاعداء.

على کل حال فان ذکر الإمام(علیه السلام) للجهاد کواجب بعد الإیمان بالله والنبی یفید موت الدین فی حالة غیاب هذا الواجب.

فقد ورد فی حدیث عن علی(علیه السلام): «والله ما صلحت دنیا ولا دین إلاّ به»(5).

ثم ذکر(علیه السلام) الواجب الثالث «وکلمة الاخلاص فانها الفطرة».

والمراد بکلمة الاخلاص «لا إله إلاّ الله» التی تتضمن الشهادة لله بالوحدانیة والعبودیة ونفی الشرک والوثنیة.

وتفید بعض الروایات أنّ للاخلاص بعد عملی یتمثل بالاقبال على الحق سبحانه والأغماض عما سواه إلى جانب التحفظ عن ارتکاب الذنب والمعصیة. فقد ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «من قال لا إلاّ الله عما حرم الله»(6).

ومن الواضح أنّ من یقارف الذنوب أو ینقاد للشیطان أو الأهواء فانّه مشرک فی عمله، وهذا ما یتناقض وحقیقة الأخلاص.

ثم قال(علیه السلام): «واقام الصلاة فانّها الملة»، والملة هنا تعنی الدین، أمّا أنّ الصلاة لم تعد جزءاً من الدین بل الدین کله، وذلک لأنّ الصلاة الدعامة الأساسیة للدین. فقد جاء فی الحدیث النبوی المعروف أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال: «الصلاة عماد الدین، فمن ترک صلاته متعمداً فقد هدم دینه»(7).

کما ورد عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط إذا ثبت العمود ثبتت الأطناب والأوتاد والغشاء، وإذا انکسر العمود لم ینفع طنب، ولا وتد ولا غشاء»(8).

ثم قال(علیه السلام): «وایتاء الزکاة فانها فریضة واجبة».

تطلق الفریضة عادة على الواجب، وبناءاً على فانّ ذکر الواجبة بعدها للتأکید، إلاّ أنّ للفریضة معنى آخر أنسب لموضع بحثنا، وهو قطع وفصل الشیء، وهنا قسم من المال الذی یفصل لهدف.

أو بعبارة اُخرى الضریبة التی فرضت لمساعدة الضعفاء فی المجتمع وتأمین بعض تکالیف الحکومة الإسلامیة.

وقد ورد فی القرآن بشأن أسهم الإرث: (نَصِـیباً مَفْرُوض)(9).

ومن هنا عبر العلماء الاعلام فی مباحث الإرث بکتاب الفرائض بدلاً من کتاب الارث.

على کل حال فانّ مسألة الزکاة من أهم أرکان الإسلام بعد الصلاة.

وقد جاء فی حدیث عن الإمام الباقر(علیه السلام) أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) کان فی مسجده فنادى خمسة أشخاص وقال: «لاتصلوا فیه وانتم لا تزکون»(10).

ثم قال(علیه السلام): «وصوم شهر رمضان فانّه جنّة من العقاب».

ورد التعبیر هنا «جنّة من العقاب» بینما وردت العبارة فی الحدیث المعروف «جنّة من النار»(11).

ویکفی فی فضل الصوم أنّه یخرج الإنسان من البهیمیة إلى عالم الملائکة ویجلسه على بساط القرب الإلهی.

ثم بین الرکن السابع من أرکان الإسلام فقال: «وحج البیت واعتماره فانّهما ینفیان الفقر ویرحضان(12) الذنب».

لاشک أنّ لزیارة بیت الله برکات مادیة واُخرى معنویة وروحانیة، وقد أشیر إلیهما هنا، وقد وردت خلاصة ذلک فی الآیة الشریفة 28 من سورة الحج: (لِـیَشْهَدُوا مَـنافِـعَ لَهُمْ )وقد ورد فى الحدیث «یخرج من ذنوبه کهیئة یوم ولدته أمه»(13) أما تأثیره فی ازالة الفقر ـ علاوة على برکاته المعنویة ـ فذلک أنّ المسلمین یستطیعون أن یقیموا الاسواق الاقتصادیة إلى جانب مراسم الحج من أجل ممارسة الانشطة والمبادلات التجاریة بحیث بدیرون نوعاً من التجارة العالمیة فیما بینهم، فقد کان هناک مثل هذه الأسواق البدائیة على عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله).

ولو جد المسلمون الیوم فی تقویة بناهم الاقتصادیة لتمکنوا حقاً من سد حاجات الفقراء والمعوزین. ومن هنا ورد فی حدیث الإمام الصادق(علیه السلام): «ما رأیت شیئا أسرع عنی ولا أنفى للفقر من إدمان حج البیت»(14).

ثم قال(علیه السلام) فی بیان الرکن الثامن: «وصلة الرحم فانّها مثراة(15) فی المال ومنسأة(16) فی الأجل».

فصلة الرحم واضافة إلى تأثیرها فی ازدیاد المال تؤدی إلى نماء العمر وزیادته، ولعل ذلک لدعاء الأرحام بعضهم لبعض، إلى جانب معونة بعضهم البعض فی الأمراض; الأمر الذی یؤدی إلى طول العمر، ناهیک عن تقلیلها من الهم والغم والحزن.

فقد جاء عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «صلة الأرحام تزکی الأعمال، وتنمی الأموال، وتدفع البلوى، وتیسر الحساب، وتنسىء فی الأجل»(17).

ثم قال(علیه السلام) فی الرکن التاسع من أرکان الإسلام: «وصدقة السر فانّها تکفر الخطیئة، وصدقة العلانیة فانّها تدفع میتة السوء»، المراد بصدقة السر المساعدات التی یقدمها الإنسان إلى الأفراد المحتاجین والمحترمین بدافع من نیة خالصة إلى جانب السعی لحفظ ماء وجههم، ومن هنا کانت برکاتها جمة، والعبارة تشمل الصدقات الواجبة کالکفارات والنذورات والصدقات المتجة والانفاقات. والمراد بصدقة العلانیة، المعونة الظاهرة ومن برکاتها تشجیع الاخرین على أفعال الخیر. والعبارة اقتباس من الآیة الشریفة: (الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ وَالنَّهارِ سِرّاً وَعَلانِـیَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلا هُمْ یَحْزَنُونَ)(18).

وتفید روایات الفریقین أنّها نزلت فی علی(علیه السلام) حین کان له أربعة دراهم انفق واحد منها فی النهار وآخر فی اللیل وآخر سراً وآخر علانیة.(19)

طبعا تطلق الصدقة فی الفقه الإسلامی على ما یعطى للفقراء بقصد القربى إلى الله، إلاّ أنّ للصدقة مفهوم واسع یشمل کل عمل خیر اجتماعی کبناء المساجد والمدارس والطریق والمستشفیات والأعمال الثقافیة، ومن هنا جاء فی روایة الإمام الکاظم(علیه السلام): «عونک للضعیف من أفضل الصدقة»(20) ولاشک أنّ بناء المستشفیات والمدارس وأمثال ذلک مصداق لعون الضعیف. وورد فی الحدیث النبوی: «کل معروف صدقة»(21).

وورد عنه(صلى الله علیه وآله) أیض: «الکلمة الطیبة صدقة»(22).

وقال الصادق(علیه السلام): «إسماع الاصم من غیر تزجر صدقة هنئة»(23).

ونختتم هذا الکلام بحدیث عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی أنّه قال: على المسلم أن یتصدق کل یوم. فقال رجل: لانقدر کلنا على ذلک.

فقال(صلى الله علیه وآله): «إماطتک الاذى عن الطریق صدقة، وإرشادک الرجل إلى الطریق صدقة، وعیادتک المریض صدقة، وأمرک بالمعروف صدقة، ونهیک عن المنکر صدقة»(24).

والمراد بمیتة السوء، الموت تحت التعذیب والالام، کالاحتراق فی النار، أو أثر الاصابة بمرض خطیر شاق وحوادث الطریق.

ثم قال فی الرکن العاشر من أرکان الإسلام: «وصنائع(25) المعروف فانّها تقی مصارع(26)الهوان».

والعبارة بصنائع المعروف تشمل کل عمل صالح، من قبیل ذکر العام بعد الخاص، کما یحتمل أن یکون المراد بصنائع المعروف مساعدة عباد الله.

وقد وردت عن الائمة(علیه السلام) عدة روایات أکدت مسألة صنایع المعروف، منها ماورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال: «أول من یدخل الجنّة أهل المعروف»(27)، وقال أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام): «علیک بصنائع المعروف فانها نعم الزاد إلى المعاد»(28).

کما ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه کان یحث أصحابه على صنائع المعروف ویقول: إنّ للجنّة باب اسمه المعروف لا یدخله إلاّ من کان یصنع المعروف فی الدنیا، ثم قال: «إنّ العبد لیمشی فی حاجة أخیه المؤمن، فیوکل على الله عزوجل به ملکین واحداً عن یمینه، وواحدا عن شماله، یستغفرون له ربّه ویدعوان بقضاء حاجته»(29).


1. «متوسلون» من مادة «وسیلة» بلوغ الشیء مع المیل والرغبة.
2. سورة المائدة/35.
3. «ذروة» على وزن قبلة أعلى الشیء.
4. نهج البلاغة، الحکمة 252.
5. وسائل الشیعة 1/9.
6. بحار الانوار 8/359.
7. جامع الأخبار (طبق نقل بحار الانوار 79/202).
8. منهاج البراعة 7/398 وبحار الانوار 79/218.
9. سورة النساء/7.
10. شرح نهج البلاغة للمرحوم الشوشتری 13/102.
11. الکافی 4/62 ح 1.
12. «یرحضان» من مادة «رحض» على وزن محض الغسل، إشارة إلى أنّ الحج والعمرة یغسلان الذنوب.
13. بحار الانوار 69/26.
14. بحار الانوار 66/406.
15. «مثراة» من مادة «ثرى» و «ثروة» وتعنی الزیادة، وعلى هذا الاساس، یقال للمال الکثیر «الثروة» و «مثراة» مصدر میمی بمعنى اسم فاعل و یعنی سبب الزیادة.
16. «منسأة» من مادة «نسأ» على وزن نسخ بمعنى التأخیر، ومنسأة: مصدر میمی بمعنى اسم فاعل یعنی سبب التأخیر.
ویقال للعصا «المنسأة» لانها تستعمل لازالة الاشیاء الضارة التی تعترضنا أثناء السیر.
17. الکافی 2/150.
18. سورة البقرة/274.
19. احقاق الحق 3/246ـ251.
20. تحف العقول، الکلمات القصار للإمام الکاظم(علیه السلام).
21. الخصال 1/134.
22. بحار الانوار 80/369.
23. بحار الانوار 71/388.
24. بحار الانوار 72/50 ح 4.
25. «صنائع» من مادة «صنع» على وزن «قفل» بمعنى صناعة الشیء وابداعه.
وفی لغة العرب یقال للاعمال الجیدة والحسنة «الصنائع» وهو جمع «صنیعة». «نقل من المعجم الوسیط».
26. «مصارع» جمع «مصرع» بمعنى السقوط على الارض، ویطلق لمحل القتل بالمصرع، ویقال للصراع بین طرفین «المصارعة» لان کل طرف من هذین الطرفین یحاول أن یطرح الآخر أرضاً.
27. میزان الحکمة 2/1931 ح 12611.
28. غرر الحکم، 6166.
29. الکافی 2/195 ح 10. 
القسم الأولفلسفة الأحکام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma