کلامه بیان وصمته لسان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الثانیالخطبة 97

بین الإمام(علیه السلام) فی هذا الکلام بعض صفات رسول الله(صلى الله علیه وآله) کل واحدة منها أعمق من سابقتها. وقد انطلق فی البدایة من جذوره العریقة وموقع ولادته، لیصف مستقره بأنّه خیر مستقر ومکان ترعرعه أفضل مکان: «مستقره خیر مستقر، ومنبته أشرف منبت، فی معادن الکرامة، ومماهد(1) السلامة».

والمراد بالمستقر والمنبت الأرحام المطهرة للامهات والاصلاب الموحدة والمؤمنة للآباء; الأمر الذی ورد فی زیارة المعصومین(علیهم السلام)، ومنها زیارة الإمام الحسین(علیه السلام) المعروفة بزیارة وارث: «أشهد أنک کنت نورا فی الاصلاب الشامخة، والأرحام المطهرة».

وقد ورد مثل هذا المعنى فی رسول الله(صلى الله علیه وآله) عنه، حیث روى الفخر الرازی فی تفسیر الآیة (وَتَـقَلُّـبَکَ فِـی السّـاجِـدِینَ)(2) أنّه (صلى الله علیه وآله) قال: «لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرین إلى أرحام الطاهرات»(3).

و«معادن الکرامة» و«مماهد السلامة» تأکید لهذا المعنى، أو إشارة إلى أنّ آباء النبی(صلى الله علیه وآله)وأمهاته إضافة إلى الطهر والإیمان، یتحلون بالفضائل الإنسانیة والنزاهة من المعایب الأخلاقیة.

کما قیل المراد بالمستقر المدینة موضع إقامة النبی(صلى الله علیه وآله) والمنبت مکة مکان ولادته.

إلاّ أنّ التفسیر الأول أنسب، ولا سیما بالالتفات إلى العبارة: «فى معادن الکرامة، ومماهد السلامة».

ثم خاض(علیه السلام) فی خلقه الجذاب(صلى الله علیه وآله) الذی استقطب القلوب وخطف الأبصار وشدها إلیه: «قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار، وثنیت(4) إلیه أزمة الأبصار».

حقاً کان رسول الله(صلى الله علیه وآله) کذلک فقد استطاع بخلقه وتواضعه وشفقته وعفوه وصفحه المقرون بشجاعته وشهامته أن یستقطب إلیه القلوب کما استطاع أن یشد إلیه الأبصار بجهوده المضنیة فی سبیل هدایة الاُمّة والأخذ بیدها إلى السعادة والصلاح.

ثم أشار(علیه السلام) فی هذه المرحلة إلى بعض الأنشطة الاجتماعیة للنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) ومنها ازالة الاضغان الاحقاد، وأطفا به نیران الفتن والعدوان: «دفن الله به الضغائن(5)، وأطفأ به الثوائر(6)».

أضف إلى ذلک فقد ألف به القلوب وآخى به الناس، کما فرق البعض بسبب التعارض بین الإیمان والکفر: «ألف به إخوانا،وفرق به أقراناً»، کما صرح بذلک القرآن الکریم فی الآیة 62 و63 من سورة الانفال: (هُوَ الَّذِی أَیَّدَکَ بِنَصْرِهِ وَبِالمُـؤْمِنِـینَ * وَأَ لَّفَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ)، وقال فی الآیة 103 من سورة آل عمران (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِـیعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذکُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ إِذ کُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِکُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوان).

ثم أشار(علیه السلام) إلى لطف آخرمن الألطاف الإلهیة ببرکة وجود النبی(صلى الله علیه وآله): «أعز به الذلة، وأذل به العزة».

فقد أعز الله ببرکة نبیه(صلى الله علیه وآله) تلک الثلة المؤمنة التی وقعت فی مخالب الکفر، وفوض الیهم إرادة شؤون المجتمع الإسلامی، وأقصى تلک العناصر الفاسدة عن الساحة، ثم اختتم کلامه(علیه السلام)بالاشارة إلى أبرز صفاته(صلى الله علیه وآله): «کلامه بیان، وصمته لسان».

فاذا نطق(صلى الله علیه وآله) تفتق لسانه باسرار الحکمة وبیان حقائق الوحی، وکشف النقاب عن سبیل النجاة، ومهوى الردى ومستنقع السقوط، وأن سکت وصمت، فکان سکوته یختزن المعنى والمفهوم ولم یکن صمتاً طبیعیاً.

نعم کان سکوته أحیاناً تعبیراً عن انزعاجه وقلقه وعدم رضاه ببعض الأفعال، کما کان یرد بهذا السکوت على بعض الأسئلة غیر الموجهة والخاطئة. وأخیراً کان یستعین بهذا الصمت تجاه سوء ألسنة الجهال. کما لاننسى أن سکوته أحیاناً (ومن خلال بعض القرائن الحالیة) کان یعنی تقریر بعض الأعمال والموافقة علیها).


1. «مماهد» جمع «ممهد» على وزن مکتب اقتبست فی الأصل من «مهد»، ثم اطلقت على کل مکان یستریح فیه الإنسان أو تسکن إلیه روحه.
2. سورة الشعراء/219.
3. تفسیر الفخر الرازى 24/174، کما نقل المرحوم العلاّمة الأمینی عدة روایات بهذا الشأن فی بحارالانوار 15/3.
4. «ثنیت» من مادة «ثنی» بمعنى الاعادة ووردت هنا بمعنى الانتباه.
5. «ضغائن» جمع «ضغینة» البغض والعداء.
6. «ثوائر» جمع «ثائرة» الفتنة والعداء. 
القسم الثانیالخطبة 97
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma