خصائص الإسلام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الأول1 ـ منزلة الدنیا والآخرة فی النظرة الإسلامیة

أشار الإمام(علیه السلام) فی هذه الخطبة ضمن الخطبة 26 إلى الخصائص المهمة للإسلام والممیزات التی ینطوی علیها بعبارات قصیرة ذات معان عمیقة. وکما أوردنا سابقاً ـ نظرة إلى الخطبة ـ أنّ الإمام(علیه السلام)خطب بهذه الخطبة فی المسجد لعامة الناس، رداً على من سأله عن خصائص الإسلام والکفر والإیمان والنفاق. فقد استهل(علیه السلام) خطبته بحمد الله والثناء علیه قائل: «الحمد لله الذی شرع الإسلام فسهل شرائعه لمن ورده». حیث نعلم أن الشریعة تعنی الطریق الذی یشقه الناس إلى جانب الأنهار الکبیرة نحو الماء لستفید منه الناس.

فقد بین الإمام(علیه السلام) أنّ الإسلام أشبه بالنهر العظیم و وصف طرق الوصول إلیه بأنها سهلة یسیرة. کما أنّ اعتناق الإسلام سهل یخلو من أی تکلف; فیکفی فیه أن ینطق الإنسان من صمیم قلبه بالشهادتین لیخرج من صف الکفر والنفاق ویلتحق بصفوف المسلمین والمؤمنین، کما أنّ البرامج الإسلامیة هى الاُخرى سهلة یسیرة سمحاء، فهناک الأدلة من قبیل «لاضرر» و«نفی الحرج» التی رفعت أی تکلف وثقل عن کاهل الإنسان! کما منحت الاصالة فی الشرع للبراءة وحمل أفعال الآخرین على الصحة. کما رفضت أی إکراه أو إجبار، کما حکم ببطلان کافة العقود التی تبرم على أساس إلاکراه والاجبار والاضطرار. کما صرحت ببعض الواجبات التی لاتدعو إلى المشقة والعسر والحرج. وزبدة الکلام فقد قال النبی(صلى الله علیه وآله): «بعثت إلیکم بالحنیفیة السمحة السهلة البیضاء»(1).

إلاّ أن لسهولتها لا تعنی قدرة أرباب السوء على السیطرة علیها والتغلب علیها، ومن هنا قال: «وأغر أرکانه على من غالبه»، ثم بحکم: (أَشِدّاءُ عَلى الکُفّارِ رُحَماءُ بَیْنَهُمْ)(2) فانّ المسلمین مکلفون بالقوة والشدة تجاه الأعداء والرحمة والرأفة ازاء المؤمنین.

ثم واصل ذکر الصفات الاُخرى للإسلام کونه ملاذاً آمناً لمن لجأ إلیه من الأفراد وسلاماً وأمناً لمن دخل حصنه وولج حریمه، ودلیلاً وبرهاناً قاطعاً لمن اعتمده فی منطقه، وحجة دامغة لمن احتج به على خصمه: «فجعله آمناه لمن علقه(3)، وسلماً لمن دخله، وبرهاناً لمن تکلم به، وشاهداً لمن خاصم به».

نعم فالمسلمون جمیعاً یتمتعون بالأمن قاطبة دون استثناء فی الإسلام، وأسسه ودعائمة رصینة قویة تدعو دعاة الحق للاستدلال بها، کما تسوقهم للدفاع عنها تجاه خصوم الدعوة وأعدائها.

ثم قال(علیه السلام) فی ذکره لعدة صفات أخرى: «ونوراً لمن استضاء به، وفهماً لمن عقل، ولباً لمن تدبر»، فبلوغ الحقیقة یمر عبر ثلاث مراحل: الظفر بموقعها ومن ثم إدراکها وفهمها وأخیراً تحلیلها بصورة دقیقة. وقد بین الإمام(علیه السلام) هذه المراحل الثلاث بالعبارات الثلاث المذکورة، فقال أولاً أنّ الإسلام نور یستقطب نحوه الأفراد لیصلوا إلیه. ثم قال: إنّ من تعقله سید رکه ویفهمه. وأخیراً من تدبر بلغ حقیقته.

والحق أنّ الإسلام یتمتع بکل هذه الصفات، فالقرآن الذی تکفل بشرح الإسلام وتوضیحه إنّما یستند على الدوام إلى الدلیل والبرهان والمنطق والعقل; الأمر الذی نلمسه بوضوح فی الآیة 15 و16 من سورة المائدة: (قد جاءکم من الله نور و کتاب مبین* یَهْدِی بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَیُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلى النُّورِ بِإِذنِهِ وَیَهْدِیهِمْ إِلى صِراط مُسْتَقِـیم).

ثم قال(علیه السلام): «وآیة لمن توسم، وتبصرة لمن عزم، وعبرة لمن اتعظ»، توسم من مادة وسم وضع العلاّمة، والمتوسم تطلق على من یفهم الواقعة من خلال أبسط أثر أو علامة، وهى الفراسة التی ذکرها القرآن فی الآیة الشریفة: (إِنَّ فِی ذ لِکَ لاَیات لِلْمُتَوَسِّمِـینَ)(4). فعبارته فی الواقع إشارة إلى أمور مهمة و ظریفة فی القرآن یدرکها ممن تحلى بالفراسة.

ثم واصل(علیه السلام) ذکره لسائر صفات الإسلام بصفته وسیلة النجاة لمن صدق به، والاطمئنان والثقة لمن استند إلیه وتوکل علیه، کما یغرق الإنسان بالهدوء والراحة إذا ما وکلّ أعماله إلیه وهو الجنّة الواقیة لمن استقام وصبر: «ونجاة لمن صدق، وثقة لمن توکل، وراحة لمن فوض، وجنّة لمن صبر».

فالعبارة تتحدث عن أربع فضائل أخلاقیة هى: التصدیق والتوکل والتفویض والصبر.

فتصدیق الإسلام فی الاعتقاد والعمل إنّما یودی بلا شک إلى النجاة، کما أن الاعتماد على المعارف الإسلامیة یقود إلى الاطمئنان بالمستقبل والحاضر للدنیا والآخرة، وتفویض الاُمور إلى اُصول الإسلام وفروعه بمعنى الحرکة فی ظله هى سبب الهدوء والسکینة والاستقرار والراحة، وأخیراً فان الصبر والاستقامة فی هذه المسیرة وتحمل الشدائد فی سبیل حفظ العقیدة والعمل على ضوء أحکام الشریعة إنّما تجعل الفرد فی جنّة وثیقة تجاه الاُمور التی تهدد سعادته أو سعادة المجتمع.

والواقع هو أنّ الإنسان إنّما یطلب النجاة والاطمئنان والهدوء والراحة والأمن; وهى الاُمور التی لاتحصل الأمن خلال العمل بالبرامج الإسلامیة وعلى ضوء التعالیم السماویة.

ثم تطرق(علیه السلام) إلى خمس صفات اُخرى تمثل فی الواقع النتیجة لما سبق من أوصاف، وهى أنّ طرق الإسلام أوضح الطرق ومداخلها من أظهر المداخل، وعلاماتها جلیة ظاهرة، ومسالکها بینه منیرة «فهو أبلج(5) المناهج(6) وأوضح الولائج(7); مشرف المنار(8) مشرق الجواد(9)، مضیىء المصابیح».

فالواقع هو أنّ الإمام(علیه السلام) رسم هنا صورة للجادة التی تضم کافة الامتیازات.

فهى على درجة من الوضوح بحیث یبلغها کل شخص بسهولة. ولها أبواب متعددة ماثلة امام اصحاب الحق واضحة لدیهم. وتتطلب هذه الجادة بعض العلامات التی تبدو من بعید; وهذه فی الواقع جادة الإسلام.

(فقد کانوا یعمدون فی السابق إلى بناء الأبراج فی الطرق ثم ینصبون المصابیح فوقها لتبدو للعیان من مسافات بعیدة وتحول دون ضلال الطریق ویطلقون علیها اسم المنار; أی موضع النور، إلاّ أنّ المعنى الواسع لهذه الکلمة یشمل جمیع العلامات التی تمنع السالکین من الانحراف).

ولعل هذه العبارات کنایة عن محکمات الآیات القرآنیة وصریح السنة النبویة والمعجزات والکرامات وأدلة العقل والنقل التی تضیئى معالم الطریق للموحدین السائرین على هدى الإسلام.

ثم شبه(علیه السلام) الإسلام بالمسابقة التی تمثل أرکانها ذروة الحسن والکمال.

فللمسابقة عادة بعض الأرکان من قبیل:

1 ـ میدان التمرین 2 ـ نقطة انتهاء المسابقة 3 ـ الخیل الجاهزة 4 ـ الجائزة الکبیرة 5 ـ الفرسان النجباء.

فقال(علیه السلام) أنّ میدان السباق الإسلامی طاهر مطهر وکریم، ونقطة انتهاء السباق هى نقطة رفیعة سامیة، وفرسان هذه المسابقة معروفون بالاصالة والاستعداد، أمّا الجائزة المترتبة على هذه المسابقة فهى عظیمة للغایة، وأهلها من النجباء «کریم المضمار(10)، رفیع الغایة، جامع الحلبة(11)، متنافس(12)، السبقة(13)،شریف الفرسان».

ثم أضاف(علیه السلام) بأنّ التصدیق والیقین هو سبیل (الوصول إلى الأهداف) الإسلام، وعلامة ذلک الأعمال الصالحة (فالواقع هو أنّ الإیمان والعمل الصالح هما العنصران الذان یؤدیان إلى الفوز فی هذا السباق).

«التصدیق منهاجه، والصالحات مناره».

ثم اختتم(علیه السلام) کلامه بالقول: «والموت غایته، والدنیا مضماره، والقیامة حلبته، والجنّة سبقته». لیشخص بصورة جزئیة ما ورد سابقاً بنحو الکلیة.

أمّا عدم ذکر فرسان المسابقة فلوضوح الأمر; فهم لیسوا سوى المؤمنین من ذوی الأعمال الصالحة.

وقد مرعلینا مثل هذا التشبیه الرائع مع إختلاف طفیف فی الخطبة 28 إذ قال(علیه السلام): «ألا وإنّ الیوم المضمار، وغدا السباق، والسبقة الجنّة والغایة النار».


1. بحار الانوار 65/346.
2. سورة الفتح/29.
3. «علق» من مادة «علوق» التعلق بالشیء والالتصاق به.
4. سورة الحجر/75.
5. «أبلج» من مادة «بلوج» على وزن بلوغ واضح ونیر.
6. «المناهج» جمع «منهج» الطریق الواضح والمستقیم.
7. «ولائج» جمع «ولیجة» من مادة «ولوج» بمعنى الدخول فولائج أبواب الدخول.
8. «مشرف» من مادة «اشراف» بمعنى المرتفع.
9. «جواد» جمع «جادة» الطریق الواسع الواضح، کما تطلق على مطلق الطریق.
10. «المضمار» موضع تضمیر الخیل وزمان تضمیرها.
11. «الحلبة» من مادة «حلب» على وزن قلب خیل تجمع من کل صوب للنصرة کما تطلق على حلب اللبن من الحیوان، ثم اطلقت على الخیل التی تتسابق فی المیدان.
12. «متنافس» من مادة «تنافس» سعی الإنسان للحصول على شیء نفیس.
13. «سبقة» جزاء السابقین. 
القسم الأول1 ـ منزلة الدنیا والآخرة فی النظرة الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma