دروس الدنیا وعبرها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الثالثالقسم الرابع

واصل الإمام(علیه السلام) هذا المعلم الربانی العظیم کلامه السابق من أجل نفخ الیقظة فی هذه الأرواح التی تعیش السبات والغفلة من خلال للدنیا وتقلب أحوالها فقال(علیه السلام): «أو لیس لکم فی آثار الأولین مزدجر(1)، وفی آبائکم الماضین تبصرة ومعتبر، ان کنتم تعقلون».

ثم وضح(علیه السلام) هذه العبارة بقوله: «أولم تروا إلى الماضین منکم لا یرجعون، وإلى الخلف الباقین لا یبقون».

إشارة إلى قانون الموت والفناء; القانون العام الشامل الذی لیس فیه أی إستثناء، فمن ذهب لایعود، ومن بقى فهو سائر اثر تلک القافلة إلى الزوال وعدم العودة. مع هذا الفارق وهو أنّ البعض فی الصفوف المقدمة والبعض الآخر فی الصفوف المؤخرة; على غرار عباراته التی خاطب بها الأموات ممن دفنوا ظهر الکوفة: «أنتم لنا فرط سابق، ونحن لکم تبع لاحق»(2).

ثم خاض(علیه السلام) فی بیان هذا الکلام بعبارات أدق وأوضح و تحلیل دقیق و بلیغ بعد أن قسم أحوال أهل الدنیا فی مصابهم بالحوادث إلى سبعة أقسام لیقول: «أولستم نزون أهل الدنیا یصبحون ویمسون على أحوال مشتى: فمیت یبکی، وآخر یعزى، وصریح مبتلى، وعائد(3) یعود، وآخر بنفسه یجود(4)، وطالب للدنیا والموت یطلبه، وغافل ولیس بمغفول عنه; وعلى أثر الماضی مایمضی الباقی».

یا لها من عبارات رائعة وشاملة عظیمة الثأثیر إذا استطاع الإنسان أن یتمثل صورها للناس وهم یتحرکون; فهذا یموت ویبکى علیه، وهنالک مجلس للعزاء تتوافد علیه الناس جماعات لیعزوا ذوی الفقید. وهناک من رقد على فراش المرض وقد عاده جمع من الاخوة والأصدقاء. وهناک من یعالج سکرات الموت ویحتضر ولیس لأحد أن یفعل له شیئاً. وهناک صورة اُخرى یطالعک فیها الناس وهم یسارعون فی الرکض والحرکة دون الالتفات إلى الحلال والحرام والمشروع والممنوع بغیة الحصول على شیء من حطام الدنیا; بینما کمن لهم الموت فی الطریق; وإذا به یباغتهم لیقضی على جمیع آمالهم وأحلامهم. وبالتالی هناک فئة غافلة مشغولة بالذائذ العیش وسکر النعم والفرح والسرور دون أن تلتفت إلى الموت الذی ینتظرها; فاذا هجم الموت على أحدهم أحال فرحهم حزناً وغماً.

هذه هى صور الحیاة السائدة طیلة تاریخ البشریة وستکون کذلک، ویا لها من صور تنطوی على الدروس والعبر، إلاّ أنّ القلة القلیلة من تعتبر.


1. مزدجر من مادة زجر المانع، مصدر میمی بمعنى اسم الفاعل.
2. نهج البلاغة، کلمات القصار 130.
3. «عائد» من یذهب لعبادة أحد.
4. «یجود» من مادة «جود» السخاء، وتستعمل فی الاحتضار وکأنّ الإنسان یسخو بانفس ما لدیه وهى روحه. 
القسم الثالثالقسم الرابع
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma