حین بلغ هذا العالم المشهور ـ شارح نهج البلاغة ـ هذا الموضوع من الخطبة بشأن علم الله قال: لوسمع النضر بن کنانة هذا الکلام لقال لقائله ما قاله علی بن العباس بن جریح لاسماعیل بن بلبل:
جریح لاسماعیل بن بلبل *** قالوا أبو الصقر من شیبان قلت لهم
وکم أب قد علا یابن ذرا شرف *** کما علا برسول الله عدنان إذ کان یفخر به على عدنان وقحطان، بل کان یقر به عین أبیه إبراهیم خلیل الرحمن، ویقول له: أنّه لم یعف ما شیدت من معالم التوحید، بل أخرج الله تعالى لک من ظهری ولدا ابتدع من علوم التوحید فی جاهلیة العرب ما لم تبتدعه أنت فی جاهلیة النبط. بل لو سمع هذا الکلام أرسطو طالیس، القائل بانه تعالى لایعلم الجزئیات، لخشع قلبه و وقف شعره، واضطرب فکره، ألاترى ما علیه من الرواء والمهابة، والعظمة والفخامة، والمتانة والجزالة! مع ما قد أشرب من الحلاوة والطلاوة واللطف والسلاسة، لا أرى کلاماً یشبه هذا إلاّ أن یکون کلام الخالق سبحانه، فانّ هذا الکلام نبعه من تلک الشجرة، وجدول من ذلک البحر، وجذوة من تلک النار; وشرح لآیات الخالق سبحانه(1).