بعد أنّ حمد الإمام(علیه السلام) الله سبحانه وتعالى وأثنى علیه وأشار إلى أدلة وجوده، تطرق فی القسم الثانی من الخطبة إلى ذکر فضائل النبی(صلى الله علیه وآله) حیث عدد فضائله الفریدة ببضع عبارات قصیرة و ستة تشبیهات فقال(علیه السلام):«إختاره من شجرة الأنبیاء، ومشکاة الضیاء، وذؤابة العلیاء، وسرة البطحاء، ومصابیح الظلمة، وینابیع الحکمة».
فکل تشبیه واستعارة فی هذه العبارة تشیر إلى فضیلة من فضائل رسول الله(صلى الله علیه وآله).
التشبیه الأول ـ حسب قول أغلب شرّاح نهج البلاغة ـ إشارة إلى آل ابراهیم(علیه السلام) الذی ظهر منه الأنبیاء العظام، وینتمى رسول الله(صلى الله علیه وآله) إلى نبی الله ابراهیم(علیه السلام) عن طریق إسماعیل.
التشبیه الثانی: إشارة إلى أنّ أنوار المعارف الإلهیة فی مشکاة وجود الأنبیاء، وحامل هذه الأنوار هو رسول الله(صلى الله علیه وآله). والمشکاة وعاء لحفظ السراج لاتطفأه الریح، وعلیه فالأنبیاء حفظة أنوار المعارف الإلهیة.
التشبیه الثالث: بالالتفات إلى أنّ ذؤابة شعر مقدم الرأس، وعلیاء المرتفع، فهى إشارة إلى أنّ نسب رسول الله(صلى الله علیه وآله) ینتهی إلى أفضل السلالات البشریة وقد ورث عنها ذلک الشرف والمجد.
التشبیه الرابع: بالنظر إلى أنّ البطحاء جزء من مکة سکنته قبیلة قریش، والسرة تعنی المرکز، فهى إشارة إلى أنّ النبی(صلى الله علیه وآله)قد انحدر من مرکز قبیلة تعتبر أشرف القبائل (وإن دفع حب الدنیا البعض منها إلى عدم اجابة دعوة النبی(صلى الله علیه وآله) حتى عرفوا بکفار قریش).
التشبیه الخامس: أنّ الأنبیاء والرسل هم مصابیح الهدى ومشکاة الأنوار التی تکشف ظلمات الکفر والجهل، وأنّه(صلى الله علیه وآله)مرکز هذه الأنوار وحاملها.
التشبیه الأخیر الذی شبه الأنبیاء بینابیع العلم والحکمة وأنّ النبی(صلى الله علیه وآله) أحد هذه الینابیع.
