إضافة إلى إمکانیة حمل عبارة الإمام(علیه السلام) «أنا لکم وزیراً، خیر لکم منی أمیراً»، على نوع من التواضع واتمام الحجة، فانه یمکن توجیهها بشکل آخر، وهو أنّ علی(علیه السلام) لو أصبح أمیراً لکانت معارضته والوقوف بوجهه مدعاة إلى الکفر، وذلک لأنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال له کما روی فی الخبر المعروف «حربک حربی»(1)، ولما کانت حرب رسول الله(صلى الله علیه وآله) کفراً، فان حرب علی(علیه السلام)کفراً. أمّا لو کان(علیه السلام) وزیراً فانّ الخروج على تلک الحکومة لایؤدى إلى الکفر.
وزبدة الکلام فان بعض المغرضین حاول استغلال هذه الخطبة وتفسیرها خلافاً لاُصول وعقائد التشیع، والحال لیس فیها ما یدعوا إلى هذا الأمر، لأنّ الإمام(علیه السلام) أراد أن یبین زهده بهذا المقام الظاهری من جانب وأنّ الآخرین یفقدون صوابهم لأدنى من هذا الأمر. ومن جانب آخر فقد کشف الإمام(علیه السلام) قمة تواضعه بهذه العبارات للمؤمنین من أبناء الاُمّة. کما حذر فیها واتم الحجة بانّی إذا نهضت بالأمر فلن أعمل سوى بالکتاب والسنة والحق والعدل ورضى الله، ولا تتوقعوا أن أواصل ما شهدتم من سیاسة، وترسیخ دعائم الحکم على الظلم والجور.
وأخیراً لا تعتقدوا بأنّی غافل عن عواصف المستقبل وأنّی متطلع إلى الخلافة لأراها سهلة ذلول، فأنّی لعلى یقین من أنّ الخلافة فی هذه الظروف خطیرة کرکوب الدابة الجموح کالمرکب الجموح ولا اقبلها إلاّ بفضلها وظیفة وتکلیف إلهی، وبخلافه فلا قیمة لها عندی.
1. روى ابن المغازلی أحد علماء العامة فی مناقبه عن ابن عباس أنّ النبی(صلى الله علیه وآله) قال لعلی(علیه السلام): «سلمک سلمی وحربک حربی» (مناقب ابن المغازلی/50).
