بالنظر إلى أنّ الإمام(علیه السلام) اورد هذه الخطبة فی أحد أیام صفین، وأنّها ناظرة إلى حادثه فی بدایة صفین حیث انسحب أصحاب الإمام(علیه السلام) وتراجعوا ثم عادوا فانتصروا على العدو، فمقصود الإمام(علیه السلام) هو ذم تراجعهم بالفاظ لطیفة رقیقة، ومن ثم الإشارة بحملتهم ثانیة إلى جانب حثهم وتشجیعهم على الصمود والمقاومة. ولایخفى التأثیر الذی یلعبه الکلام حین یتصدر ببیان نقاط الضعف، ثم یتتابع بذکر عناصر القوة.
«وَقَدْ رَأَیْتُ جَوْلَتَکُمْ، وَانْحِیَازَکُمْ عَنْ صُفُوفِکُمْ، تَحُوزُکُمُ الْجُفَاةُ الطَّغَامُ، وَأَعْرَابُ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَنْتُمْ لَهَامِیمُ الْعَرَبِ، وَیآفِیخُ الشَّرَفِ، وَالأَنْفُ الْمُقَدَّمُ، وَالسَّنَامُ الأعْظَمُ. وَلَقَدْ شَفَى وَحَاوِحَ صَدْرِی أَنْ رَأَیْتُکُمْ بِأَخَرَة تَحُوزُونَهُمْ کَمَا حَازُوکُمْ، وَتُزِیلُونَهُمْ عَنْ مَوَاقِفِهمْ کَمَا أَزَالُوکُمْ; حَسّاً بِالنِّصَالِ، وَشَجْراً بِالرَّمَاحِ، تَرْکَبُ أُولاهُمْ أُخْرَاهُمْ کَالإِبِلِ الْهِیمِ المَطْرُودَةِ; تُرْمَى عَن حِیَاضِهَا; وَتُذَادُ عَن مَوَارِدِهَا!».