طغاة بنی أمیة یأتون على الأخضر و الیابس

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الرابع
القسم الخامسالحکومات المستبدة

ذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى أنّ هذا المقطع من الخطبة منفصلا عن الاقسام السابقة، ویرون أنّ بینهما مطالب اُخرى حذفها السید الرضی (ره) جریا على عادته فی اقتطاف بعض المقاطع من الخطب على أساس فصاحتها وبلاغتها. ومن هنا اعتبر اولئک الشرّاح هذا المقطع إشارة إلى حوادث وفتن آخر الزمان. فی حین لایرى البعض الآخر من الشرّاح انفصالاً بین هذه المقاطع، ومنهم ابن میثم البحرانی، فیرى هذا الکلام فی طغاة بنی أمیة وحکامهم الظلمة، ویبدو هذا الاحتمال قریباً لأنّ عادة السید الرضی (ره) حین یحذف بعض مقاطع الخطبة یذکرها بقوله (ومنها ومنها)، الأمر الذی شاهدناه بوضوح فی الخطب السابقة.

على کل حال قال الإمام(علیه السلام): «رایة ضلال قد قامت على قطبها، وتفرقت بشعبها».

ورغم أنّ ذلک اخبار عن الحوادث الآتیة لیتأهب الناس ویقللوا من اضرارها وخسائرها إلى أقل حد ممکن، مع ذلک فقد أوردها بصیغة الفعل الماضی، أی أنّ مثل هذه الاُمور واقعه لا محالة!

کما صرّح بذلک الاُدباء بأنّ المضارع المتحقق الوقوع بمنزلة الماضی. والعبارة «قد قامت على قطبها» إشارة إلى أنّ رایة الضلالة التی سترفعها الطغمة الفاسدة والمفسدة من بنی اُمیة على درجة من الثبات والرسوخ بحیث لایمکن الاطاحة بها بهذه السهولة.

والعبارة «تفرقت بشعبها» وإن بدت ظاهراً فی تفرق فروع هذه الرایة، إلاّ أنّ المراد فی الواقع فرقة الانصار فی البلاد الإسلامیة، ثم قال(علیه السلام): «تکیلکم(1) بصاعها، وتخبطکم بباعه(2)»

فی إشارة إلى أنّهم یحملونکم على أساس معاییرهم، فمن وافقها رغبوا فیه وإلاّ فلا، کما یحتمل أن یکون المراد بالعبارة الاولى أنّهم یمسکون بجمیع مقدراتکم، ویعطون لکل شخص ما یریدون.

والعبارة «تخبطکم بباعها» بالنظر إلى «تخبط» التی تعنی تساقط ورق الأشجار بضرب الخشب وباع بمعنى الأیدی المفتوحة إشارة إلى أنّهم یستذلونکم بکل ما اُوتوا من قوة، وهذا هو اُسلوب الحکام الظلمة الذین یحرقون الاخضر والیابس فی البلاد. و هذا هو أسلوب الحکومات المستبدة التی تسوق الجمیع حسب معاییرها و یفنى کل من یخالف تلک المعاییر.

ثم یصف(علیه السلام) هذه الحکومة الجائرة بأنّها خارجة عن الإسلام، وقائمة على أساس الضلال والفساد: «قائدها خارج من الملة، قائم على الضلة».

هذه العبارة التی تشیر إلى معاویة أو سائر حکام بنی أمیة، ناظرة إلى هذه المعنى وهو أنّ زعماء هذه الجماعة لیس فقط لایعملون على ضوء قوانین الإسلام ویتجاوزون ضروریات الدین فحسب، بل أساس عملهم ونشاطهم هو الضلال; الأمر الذی یشهد به التأریخ.

ثم أشار(علیه السلام) إلى النهایة المأ ساویة لهذه الأحداث فی أنّه لا یبقى منکم آنذاک إلاّ النزر الیسیر کالذی یتبقى فی قعر القدر فاذا حرک وقع: «فلا یبقى یومئذ منکم إلا ثفالة(3) کثقالة القدر، أو نفاضة(4) کنفاضة الحکم(5)».

فالعبارة تفید عدم سلامتهم فیها سوى القلة القلیلة منهم، لأنّ هؤلاء الظلمة لا یدعون بقاء أحد من المؤمنین الصالحین.

ولا یکتفون بذلک بل: «تعرککم(6) عرک الأدیم(7) وتدوسکم(8) دوس الحصید».

ویفصلون أهل الإیمان منکم فیقضون علیهم کما تلتقط الطیور الحبوب القویة من الضعیفة: «وتستخلص المؤمن من بینکم استخلاص الطیر الحبّة البطینة(9) من بین هزیل(10) الحبّ».

فی إشارة إلى أنّ ظلمهم یعم الجمیع، إلاّ أنّ ظلمهم وجورهم یتضاعف تجاه المؤمنین من الأفراد.


1. «تکیل» من مادة «کیل» على وزن ذیل بمعنى المکیال وتستعمل عادة فی المواد الغذائیة کاحنطة والشعیر، کما تستعمل فی غیرها مجازاً.
2. «باع» یعنی فی الأصل المسافة بین أصابع الیدین، حین یفتحها نحو الیمین أو الیسار بصورة تامة، کما یستعمل مجازاً بمعنى القدرة الکاملة للإنسان.
3. «ثفالة» من مادة «ثفل» هو ما استقر تحت الشیء من کدره.
4. «النفاضة» من مادة «نفض» على وزن نبض ما یسقط بالنفض.
5. «العکم» بمعنى الکیس الذی یحفظ فیه الأشیاء.
6. «تعرک» من مادة «عرک» شدید الدلک ومن هنا تطلق المعرکة على میدان القتال حیث یدک کل منها الطرف الآخر.
7. «الادیم» فی الأصل بمعنى جلد أی شیء. ویستفاد من هذه الکلمة بشکل أکثر عند الحدیث عن جلود الحیوانات.
8. «تدوس» من مادة «دوس» على وزن قوس.
9. «بطینة» من مادة «بطن» سمین.
10. «هزیل» ضد بطین بمعنى الضعیف وخفیف الوزن.  
القسم الخامسالحکومات المستبدة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma