یعانی الکثیر من الأفراد من الوسواس الفکرىّ فی الاُمور العقائدیة ویظنّون أحیاناً أنها توجب زعزعة الإیمان، والحال لیس الأمر کذلک.
قال الصادق(علیه السلام) : «لَیْسَ مِنْ مُؤمِن یَمُرُّ عَلَیْهِ أرْبَعُونَ صَبَاحاً إلاّ حَدَّثَ نَفْسَهُ فَلْیُصَلِّ رَکْعَتَیْنِ وَلْیَسْتَعِذْ باللهِ مِن ذلِکَ»(1135). وقال(علیه السلام) : «قالَ رَسولُ اللهِ(صلى الله علیه وآله): إنَّ آدَمَ شَکَا إلى اللهِ عزَّوجلَّ مَا یَلْقى مِن حَدِیثِ النَّفْسِ والحُزْنِ فَنَزَل عَلَیهِ جَبْرَئِیلُ فقالَ له : یا آدَمُ قُل «لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ اِلاَّ بِاللهِ» فَقالَها فَذَهَبَ عَنْهُ الوَسْوَسَةُ والحُزْنُ»(1136).
ویظهر من هذه الروایات أن هذه الوساوس شیطانیة والنجاة منها فی الاستعاذة بالله وعدم الاکتراث إلیها.
ففی الخبر عن الإمام الصادق(علیه السلام) قال : «جاء رَجُلٌ إلى النّبىِّ(صلى الله علیه وآله) فقال: یا رَسولَ اللهِ قَد لَقِیْتُ شِدَّةً مِنْ وَسْوَسَةِ الصَّدْرِ وأنَا رَجُلٌ مَدِینٌ مُعِیلٌ مُحْوِجٌ فقال له: کرِّر هذهِ الکَلِماتِ:
تَوَکَّلْتُ عَلَى الْحَىِّ الَّذى لایَمُوتُ، وَالْحَمْدُلِلّهِ الَّذى لَمْ یَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً،
وَلَمْ یَکُنْ لَهُ شَریکٌ فِى الْمُلْکِ، وَلَمْ یَکُنْ لَهُ وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ وَکَبِّرْهُ تَکْبیراً.
فَلَمْ یَلْبَثْ أن جَاءَهُ فقالَ: أذْهَبَ اللهُ عَنِّی وَسْوَسَةَ صَدْرِی وقَضى عَنِّی دَیْنِی وَوَسَّعَ عَلیَّ رِزْقِی»(1137).
وروی أیضاً قل لدفع الوساوس إذا عرض لک شک :
هُـوَ الاَْوَّلُ وَالاْخِرُ، وَالظّاهِرُ وَالْباطِنُ، وَهُوَ بِکُلِّ شَىْء عَلیـمٌ(1138).
وفی روایة اُخرى عن الإمام الصادق(علیه السلام) قال : «لِوَسَاوِسِ الشَّیْطانِ إمْسَحْ بِیَدِکَ صَدْرَکَ وقُلْ :
بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، وَلاحَوْلَ وَلا قُوَّةَ اِلاَّ بِاللهِ
الْعَلِىِّ الْعَظیمِ، اَللّهُمَّ امْسَحْ عَنّى ما اَحْذَرُ.
ثُمَّ امْسَحْ بَطْنَکَ وَقُلْهُ ثَلاثَ مَرّات فَتَزولُ إنْ شاءَ اللهُ»(1139).
وطبق ما ورد فی الروایات هذه الاُمور مؤثرة فی رفع الوسوسة :
غسل الرأس بالسدر(1140) والمسواک(1141) وأکل الرمان(1142) والشرب من ماء نیسان(1143)،(1144) وصوم ثلاثة أیّام من کلّ شهر الخمیس الأوّل والأخیر من الشهر ویوم الأربعاء وسط الشهر(1145).
ویقول أیضاً :
اَعُوذُ بِاللهِ الْقَوِىِّ مِنَ الشَّیْطانِ الْغَوِىِّ، وَاَعُوذُ بِمُحَمَّد الرَّضِىِّ مِنْ شَرِّ
ما قُدِّرَ وَقُضِىَ، وَاَعُوذُ بِاِلهِ النّاسِ مِنْ شَرِّ الْجِنَّـةِ وَالنّاسِ اَجْمَعیـنَ(1146).
لابدّ من الالتفات إلى أنّ للوساوس جذور جسمیة وروحیة ولابدّ من السعی لدفعها بمجردّ الوقوف علیها والحق أنّ إهمال الوساوس أحد الطرق المهمة للعلاج (طبعاً بعد العلم والاطلاع الکافی على المسائل العقائدیة والعملیة) ومن یهتم بها کثیراً یعیش العذاب دائماً. والوسواس فی المسائل العملیة والعبادات خاصة فی بعض الأمور کالطهارة والنجاسة کثیر جدّاً، وأفضل وأعظم طریق لدفعها (بعد العلم بالمسائل الشرعیة) أن ینظر إلى المؤمنین العادیین ویرى ما المقدار الذی یصرفه هؤلاء (مثلاً) فی غسل أبدانهم أو ثیابهم ویکتفون بذلک المقدار وإن وسوس الشیطان وهمس لم یطهر فلا یعتنی أصلاً بهذه الشکوک فإننا نتعهد بمسؤولیة أعماله.

1. مکارم الأخلاق : ص 328; بحار الأنوار : ج 88، ص 354، ح 17.
2. أمالی الصدوق : ص 543، ح 5; بحار الأنوار : ج 90، ص 186، ح 5.
3. الکافی : ج 2، ص 555، ح 3.
4. بحار الأنوار : ج 92، ص 137، ح 4.
5. المصدر السابق : ص 138، ح 3.
6. ثواب الأعمال : ص 20; بحار الأنوار : ج 73، ص 87، ح 6.
7. أمالی الطوسی : ص 667، ح 3; بحار الأنوار : ج 73، ص 139، ح 52.
8. المحاسن : ج 2، ص 543، ح 845; بحار الأنوار : ج 63، ص 161، ح 33.
9. «نیسان» أحد الأشهر الرومیة ویکون أول یوم من هذا الشهر بعد ما ینصرم من شهر فرودین 23 یوماً، وعدد أیّامه 30 یوماً وقد أسلفنا فی الدعاء والذکر فیه فی الأشهر الرومیة.
10. مهج الدعوات : ص 356; بحار الأنوار : ج 63، ص 477.
11. بحار الأنوار : ج 94، ص 96، ح 12.
12. بشارة المصطفى : ص 27; بحار الأنوار : ج 74، ص 273.