إنّ شقّ الطریق إلى المولى الکریم والقادر العظیم والتحدّث إلى الحبیب والاستفاضة من حضرته وإعلان الوفاء له وعشقه یتطلب إعداد بعض المقدّمات من جهة وتلافی النقائص والاعتذار عن عدم مراعاة أدب الحضور.
والتوجّه لهذه الاُمور یوضّح فلسفة آداب الصلاة ومقدّماتها وآدابها، فحکمة هذه الآداب والمقدّمات والتعقیبات تختصر فی اُمور :
1. لابدّ لهذا الإنسان أن یؤدّب نفسه بعض الآداب ـ الواردة فی الروایات ـ حین توجّهه للصلاة للمولى الکریم والحبیب العزیز ومناجاته واستثمار هذه الفرصة الغالیة ویطرد عنه کلّ ما یسبّب تشتّت حواسّه وأفکاره ویقف للصلاة(11) بعد أن یتعطّر ویتطیّب(12). ویستعدّ لوصال الحبیب والخشیه من تقصیراته إزاء الحقّ تعالى.
2. ربّما لا یستثمر العبد المصلّی هذا المحضر العظیم بصورة تامّة بعد فراغه من الصلاة ولا یعیش حضور القلب بصورة کافیة ویقترن إتیانه بالفریضة بالنقائص، ولذلک فإنّ الإتیان بالنوافل وبعض التعقیبات تلافی النقائص ویعتذر العبد لمولاه عمّا بدر منه من تقصیر(13).
3. أن یأتی بسجدة الشکر ویحمد الله على توفیقه للإتیان بهذه العبادة العظیمة عقب الصلاة(14).
4. عقب الإتیان بالفریضة وکونه ما زال فی محضر الله مستفیض من نور الصلاة موقع استجابة الدعاء ولذلک فإنّ العبد فی تلک اللحظات النورانیة یسأل مولاه الکریم أحسن الطلبات ویلتمسه لمعاده ومعاشه وکرامته وعزّة نفسه وکفافه وقناعته والرزق الحلال والبراءة من الشیطان وسائر اُموره المادیة والمعنویة وحلّ مشاکل الناس الإجتماعیة ویدعو لنفسه وللآخرین(15).
5. قراءة التعقیبات الواردة بعد الصلوات وتأمّل معانیها الرفیعة ومفاهیمها السامیة وسیکون لذلک العروج الروحی تأثیر عمیق وأثر بلیغ فی روح المصلّی وقلبه.
ویتناول هذا القسم عدّة فصول :
الفصل الأوّل : مقدّمات الصلاة وآدابها
الفصل الثانی : تعقیبات الصلاة
الفصل الثالث : سجدة الشکر

1. سورة الحجر : الآیة 29.
2. لم نعثر على هذه العبارة فی الجوامع الروائیة کروایة، بل ما ورد کروایة العبارة : «الصَّلاةُ قُرْبانُ کُلِّ تَقِىٍّ» (الکافی : ج3، ص 265، ح 6) و«إنّ الصَّلاةَ قُرْبانُ المُؤمِنِ» (کنز العمال : ج 7، ص 217، ح 18907 ویفید نفس المعنى، إلاّ أنّ العبارة الواردة فی المتن من الشهرة بحیث استشهد بها العلاّمة المجلسی خلال کلامه (بحار الأنوار : ج 79، ص 284 و303 و ج 81، ص 255).
3. مکارم الأخلاق : ص 461.
4. مجمع البیان : ج 5 ص 346; بحار الأنوار : ج 79، ص 220، ح 41.
5. بحار الأنوار : ج 79، ص 220، ح 41.
6. مکارم الأخلاق : ص 461.
7. أمالی الطوسی : ص 529.
8. الکافی : ج 3، ص 480، ح 1.
9. الکافی : ج 4، ص 574.
10. أمالی الصدوق : ص 113، ح 2; بحار الأنوار : ج 43، ص 172، ح 13.
11. ورد فی الإمام الحسن(علیه السلام) أنّه کان یرتعش عند الوضوء ویشحب لونه. (المناقب : ج 4، ص 14; بحارالأنوار : ج 43، ص 339،
ح 13).
12. قال الصادق (علیه السلام): «رَکْعَتانِ یُؤَدِّیها المُصَلِّی بعد التَطَیُّبِ أفْضَلُ مِن سَبْعِینَ رَکْعَة دُون طِیب». (مفتاح الفلاح : ص 302; بحارالأنوار : ج 81، ص 230، ح 7).
13. یظهر هذا المطلب من مضمون بعض التعقیبات الواردة فی فضلها، کما ورد عن الرضا (علیه السلام) أنّ النوافل مؤثرة فی رفع نقائص الفرائض. (أمالی الطوسی : ص 650، ح 11; بحار الأنوار : ج 79، ص 293، ح 24).
14. هذا المطلب مضمون روایة عن الرضا (علیه السلام) (عیون أخبار الرض : ج 1، ص 281، ح 27; بحارالأنوار : ج 83، ص 198، ح 5).
15. قال (صلى الله علیه وآله) : من أدى فریضة فله عند الله دعوة مستجابة. (عیون أخبار الرضا (علیه السلام) : ج 2، ص 28، ح 22; بحار الأنوار : ج 82، ص 321، ح 7) کما وردت عدّة روایات بهذا المضمون.
روى عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) أنّه قال: إذا فرغ العبد من الصلاة ولم یسأل الله تعالى حاجته یقول الله تعالى لملائکته انظروا إلى عبدی فقد أدى فریضتی ولم یسأل حاجته منّی، کأنّه قد استغنى عنّی، خذوا صلاته فاضربوا على وجه. (بحارالأنوار، ج 82، ص 325، ح 18).