الشرح والتفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الأول مصیر الجبابرة

هل من عین باصرة واذن سامعة؟

أشار الإمام(علیه السلام) فی هذا القسم من الخطبة إلى أمرین مهمین: الأول أنّ اللّه یمهل الطواغیت والجبابرة بغیة الیقظة والعدوة. الثانی لانصر دون صعوبات ومعضلات، فقد قال(علیه السلام): «أمّا بعدفإنّ اللّه لم یقصم( 1) جبّاری دهر قطّ إلاّ بعد تمهیل رخاء» نعم فاللّه حکیم وحلیم وغفور ورحیم، واستناداً لهذه الصفات الحسنى فانّه لایعجل بالعقوبة، بل یمهل الاثمین والمذنبین علهم یرغبون ویفیدون على اهداء وصواب ویکفون أنّ الذنوب یرعون والمعاصی، بل أحیاناً یشجعهم فیغرقهم بوابل نعمه وآلائه، کما مر علینا ذلک فی تأریخ نبی اللّه نوح وموسى(علیه السلام)وکذلک فرعون وقوم بنی اسرائیل وقوم سبأ. ثم قال(علیه السلام): «و لم یجبر(2) عظم أحد من الأمم إلاّ بعد أزل(3) وبلاء» لییقدروا النعم فیجدوا فی عدم نفارها وا لحفاظ علیها. ثم قال(علیه السلام): «و فی دون ما استقبلتم من عتب(4) وما استدبرتم من خطب معتبرٌ». وکأنّ الإمام(علیه السلام) أراد أنّ یطیب خواطر صحبه ویرد على تساؤل قد تقتدح فی أذهانهم بشأن إنتصارات بنی أمیة وانزعاجهم من ذلک، فی عدم الاستعجال، فلن یدوم ظلم هؤلاء الظلمة، وهنالک وقت معلوم للمهلة الإلهیة فاذا جاءت حلّ علیهم العذاب. ولا تمتعظوا ممّا یحل بکم من خطوب، فتلک سنة إلهیة فی البلاء والاختبار وتحمل الشدائد ومن ثم الفرج والیسر، حتى فی عهد انبثاق الدعوة اللاسلامیة وفى الحروب والمعارک فلم یکتب اللّه للمسلمین النصر فی موقعة الأحزاب حتى زلزلوا زلزالاً شدیداً; الأمر الذی صوره القرآن بالقول: (وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَـناجِرَ... هُنالِکَ ابْتُلِىَ المُـؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِید)(5). أمّا قوم بنی إسرائیل فقد خاطبوا نبیّهم موسى(علیه السلام)حین إشتد علیهم الاذى «أو ذینا من قبل أن تأتینا ومن بعد ما جئتن» فردّ علیهم موسى(علیه السلام)بالقول: (عَسى رَبُّکُمْ أَنْ یُهْلِک عَدُوَّکُمْ وَیَسْتَخْلِفَکُمْ فِی الأَرضِ فَیَنْظُرَ کَیْفَ تَعْمَلُونَ)(6).

ونخلص ممّا سبق ان هذه السنة الإلهیة جاریة على الاُمّة الإسلامیة کما جرت على الاُمم من قبلها، ولم یستثن من ذلک أصحاب الإمام(علیه السلام). نعم کل هذه الاُمور دروس وعبر، إلاّ أنّها تنفع من کانت له عین باصرة وأذن سامعة وقلب واع!

ثم واصل الإمام(علیه السلام) کلامه قائل: «و ما کلّ ذی قلب بلبیب، ولا کلّ ذی سمع بسمیع، ولاکلّ ناظر ببصیر» فتأریخ البشریة مفعم باللدروس العبر، قصر عمرنا هو الآخر ـ لو تأملنا ذلک بدقة ـ ملئ بالحوادث المعبرة، بل قد ملأت العبر أرکان کل شئ فی عالم الوجود، إلاّ أنّ المؤسف له أنه ینبغی أن یکون هنالک من یسمع ویبصر ویعی ویعتبر، وما أقل هؤلاء، ومن هنا یواصلون طریق الضلالة ویصابون بما أصاب من قبلهم من مصیر أسود وعاقبة مریرة.


1. «یقصم» من مادة «قصم» على وزن غضب تعنی فی الأصل الکسر بشدة وتستعمل کنایة بمعنى الهلاک.
2. «یجبر» من مادة «جبر» تعنی فی الأصل إصلاح الشئ، وجبر العظم طیبه بعد الکسر حتى یعود صحیحاً، کما تطلق على کل قهر وغلبة ولما کان القهر والغلبة ممزوج بالظلم عادة فقد یستعمل الجبار بمعنى الظالم، وأحد أسماء اللّه الحسنى جابر العظم الکسیر.
3. «الأزل» بفتح الهمزة وسکون الزای الضیق والشدة ومادتها الأصلیة أزل على وزن فضل بمعنى الحبس.
4. «عتب» على وزن حتم تعنی الامتعاظ الباطنی ارید به هنا عتب الزمان، وعتب علیه إذا وجد علیه.
5. سورة الأحزاب / 10 ـ 11.
6. سورة الأعراف / 129.  

 

القسم الأول مصیر الجبابرة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma