الإنسان والغفلة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الثالث 1 ـ فلسفة خفاء الموت

قال الإمام(علیه السلام) مستهلا قوله بفاء التفریع کنتیجة لما سبق: «فاتّقى عبدٌ ربّه، نصح نفسه، وقدّم توبته، وغلب شهوته»( 1) فقد أوصى(علیه السلام) بالتقوى کتوضیح لقوله(علیه السلام):«فتزوّدوا فی الدّنی»; لأنّها خیر الزاد إلى المعاد، ثم خاض فی التفاصیل بثلاث عبارات: الاولى نصح النفس ومن ثم التوبة وأخیرا غلبة الشهوة والتی تمثل بمجموعها وصفة کاملة لسعادة البشریة; البشریة التی قد تغفل عن نصح نفسها ولا تفکر فی التوبة وتدارک ما فرط منها; الأمر الذی یجعلها أسیرة أهوائها وشهواتها. ثم تطرق(علیه السلام)إلى موضوع یمثل الدلیل على ما ورد سابقاً «فإنّ أجله مستورٌ عنه، وأمله خادعٌ له، والشّیطان موکّلٌ به، یزیّن له المعصیة لیرکبها،یمنّیه التّوبة لیسوّفه(2) إذا هجمت منیّته علیه أغفل ما یکون عنه» واستناد إلى أنّ جملة «أغفل ما یکون عنه» حالیة فمفهوم العبارة هو أنّ مثل هذا الإنسان الأسیر للشهوات والوساوس الشیطانیة یکون فی أشد مراحل الغفلة إذا هجم علیه الموت، فان فتح عینه وأفاق إلى نفسه لایرى أمامه إلاّ الأجل وقد سبق السیف العذل. کما یحتمل إلاّ تکون إذا شرطیة فی العبارة وتفید المفاجئة والمباغتة، فیکون مفهوم العبارة «یباغته الموت، وهو فی أشد حالات الغفلة» وبالطبع فانّ نتیجة کلا التعبیرین واحدة وهى حلول الموت دون الاستعداد له. ثم واصل الإمام(علیه السلام) کلامه قائل: «فیالها حسرةً على کلّ ذی غفلة أن یکون عمره علیه حجّةً، وأن تؤدّیه أیّامه إلى الشّقوة!». أجل لیس هناک رأس مال أعظم من ساعات عمر الإنسان وأیامه، فلعل ساعة من الساعات تقود الإنسان إلى ذروة الکمال والعظمة والمجد فیخرج الإنسان فیها على غرار الحربن یزید الریاحی من زمرة الأشقیاء لیلتحق بصفوف الصالحین والشهداء. أو یغتنم لحظة فیسدد ضربة موجعة لجسد الکفر بحیث یکون ثوابها أفضل من عبادة الثقلین، (کما صرح بذلک رسول اللّه(صلى الله علیه وآله) بشأن ضربة علی(علیه السلام)یوم الخندق)، أو یبیت لیلة على فراش لیکسب تجارة عظیمة الربح والفائدة، کاللیلة التی بات فیها أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام)على فراش رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)لیلة الهجرة. فلو غفل الإنسان عن قیمة هذه الساعات وا للحظات فی حیاته ولم یستشمرها بما یعادلها، أفلا یدعو ذلک إلى الاسى والحزن، ومن هنا أعرب الإمام(علیه السلام) عن أسفه وعمق حسرته على مثل هذا الإنسان وأخیراً یختتم الإمام(علیه السلام)خطبته بهذا الدعاء العظیم: «نسأل اللّه سبحانه أن یجعلنا وإیّاکم ممّن لاَ تبطره(3) نعمَةٌ وَلاَ تقَصّر به عن طاعة ربّه غایةٌ، ولاَتَحلّ به بَعدَ المَوت نَدَامَةٌ وَلاَ کَآبَةٌ(4)».

فالإمام(علیه السلام) یعلم الجمیع ثلاثة دروس بهذه العبارت التی أوردها بصیغة الدعاء: الأول الحذر من الغرور والسکر عند النعمة، الثانی الحذر من الأهداف المادیة التی تصد عن طاعة اللّه والثالث التحذیر من عدم التزود للآخرة والشعور بالندم والخیبة والخسران حین حلول الأجل.


1. إنّ الأفعال وإن وردت بصیغ الماضی إلاّ أنّها تفید معنى الأمر. وکأن السامع على درجة من الطاعة بحیث یمتثل الاوامر قبل سماعها.
2. «یسوفها» من «التسویف» بمعنى التأخیر فی العمل واصل العبارة «سوف أفعل کذا».
3. «تبطر» من مادة «بطر» على وزن نظر بمعنى بقر الشئ ومنه «البیطار» الذی یبقر بطن الحیوان، ثم أطلق على کل طغیان وتجاوز للحد فی السرور عند إقبال النعم، ویمکن القول بان البطر السکر والغرور الذی تفرزه النعمة، فالعبارة تعنی لاتطغیه ولا تسدل على بصیرته حجاب الغفلة عما هو صائر إلیه.
4. «کآبة» على وزن خرابة لها معنى المصدر وإسم المصدر وتعنی الامتعاظ والانکسار من الهم والحزن، وقیل تطلق على الامتعاظ من الحزن الظاهر على الوجه.  

 

القسم الثالث 1 ـ فلسفة خفاء الموت
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma