آلاف التحیة والسلام على النبی(صلى الله علیه وآله)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
القسم الثانی القسم الثالث

یصلی الإمام(علیه السلام) أفضل الصلوات وأزکاها على النبی(صلى الله علیه وآله) ذاکراً أکثر من عشرین صفة من صفاته البارزة(صلى الله علیه وآله) التی تستلزم أطهرا الصلوات علیه «اجعل شرائف(1) صلواتک ونوامى(2)برکاتک على محمّد عبدک ورسولک» فالصلوات هى رحمة اللّه، والبرکات نعمه سبحانه کما تطرق الإمام(علیه السلام) إلى صفتین بارزتین مهمتین من صفاته(صلى الله علیه وآله): الاولى العبودیة، والثانیة الرسالة. فالعبودیة تشکل إحدى إفتخارات الإنسان المسلم للّه سبحانه، فیرى کل شئ للّه حتى امواله التی یملکها بالظاهر فهى، فقد ورد عن أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) أنّه قال «إلهی کفى بی عزّاً أن أکون لک عبداً وکفى بی فخراً أن تکون لی ربّ»(3) ثم أشار إلى ختمه للأنبیاء فی الصفة الثالثة فقال: «الخاتم لما سبق» فان کانت ما تعود إلى العاقل فالعبارة تفید الأنبیاء السابقین وخاتمهم رسول اللّه(صلى الله علیه وآله). وان کانت لغیر العاقل عنت اختتام الشرائع السابقة بشریعة نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله). ثم قال(علیه السلام) «والفاتح لما انغلق، والمعلن الحقّ بالحقّ» والمراد بالعبارة «الفاتح لما انغلق» أبواب العلوم والمعارف والمسائل الإنسانیة الإخلاقیة والاجتماعیة المعقدة التی فتحها رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)بوجه البشریة بدینه ونوره وهدایته، والعبارة «المعلن الحق بالحق» یمکن أن تکون إشارة إلى المعجزات التی تبیّن أحقیة النبی(صلى الله علیه وآله)، کما یمکن أن یراد بها منطقه الذی یکشف النقاب عن الحقائق، أو المعارک والغزوات التی أقصت خصوم الدعوة لترى الاُمّة الحقائق، أو توضیح الحقائق بقرائن بعضها البعض الآخر من قبیل تفسیر بعض الآیات القرآنیة ببعضها الآخر، وأخیراً یمکن أن تکون جمیع هذه المعانی مرادة بالعبارة.

ثم قال(علیه السلام) «والدّافع جیشات(4) الاباطیل، والدّامغ(5) صوْلات(6) الاضالیل» والجدیر بالذکر فی العبارة التعبیر عن الباطل بالجیشات وعن عوامل الضلال بالصولات حیث تصور کل منهما عمق ما تختزنه هذه المفردات فالباطل ملیء بالصخب والضجیح، کما أنّ عناصر الضلال غالباً ماتهجم على العزل من الناس. ثم قال(علیه السلام) فی مقام بیان علة الدعوة لهذه الصلوات الوافرة «کما حمّل فاضطلع»(7) فکما هنا بمنزلة التعلیل وتفید معنى لأنّه، والواقع أنّ قبول هذه المسؤولیة العظمى وتحمل کافة تبعاتها بعد من أهم خصائص النبی(صلى الله علیه وآله)التی تجعله یستحق الشکر والثناء. وقال(علیه السلام) «قائماً بأمرک، مستوفز(8) فی مرضاتک» فالقیام بالأمر إشارة إلى جدیة الأوامر الإلهیة لأنّ الإنسان ینهض من أجل القیام بالأعمال الجادة. فالتعبیران لایشیران إلى مدى إمتثال النبی(صلى الله علیه وآله)لأحکام السماء فحسب، بل کان یسارع إلى الاتیان بکل ما یرضى اللّه سبحانه وان لم تصدر إلیه الأوامر. ثم قال(علیه السلام):«غیر ناکل(9) عن قدم،(10) ولاواه فی عزم» فکثیر هم الجدیون فی قرارتهم والانطلاق فی أعمالهم، إلاّ أنّهم یضعفون فی الاستمرار والمواصلة، والمهم أن یواصل الإنسان نشاطه وعمله. ویفید التأریخ أنّ النبی(صلى الله علیه وآله) لم ینکل أو یضعف أمام الوساس والضغوط، کما لم یکن یلین تجاه أی مبادرة منحرفة، ومن ذلک قوله «واللّه لو وضعوا الشمس فی یمینی والقمر فی یساری على ان اترک هذا الأمر ما ترکته حتى یظهره اللّه او أهلک دونه»(11). ثم قال(علیه السلام):«واعی(12) لوحیک، حافظاً لعهدک، ماضیاً على نفاذ أمرک». ثم اشار الإمام(علیه السلام) إلى النتیجة التی تمخضت عنها جهود النبی(صلى الله علیه وآله)وتضحیته «حتّى أورى(13) قبس(14) القابس، وأضاء الطّریق للخابط،(15) وهدیت به القلوب بعد خوضات(16) الفتن والاْثام».

والعبارة تلمح إلى سرعة إنتشار الإسلام واشراقة شبه الجزیرة العربیة التی کانت مهد الکفر والشرک ومرکز الجهل والجریمة، ولا یشک فی هذه الحقیقة من کان له أدنى إلمام بالتأریخ الإسلامی; الأمر الذی إعترف به حتى خصوم الدعوة. ثم قال(علیه السلام): «و أقام بموضحات الأعلام، و نیّرات الأحکام». فالواقع وبغیة الحیلولة دون تلکؤ أصحاب الحق فی مسیرتهم، لابدّ من نصب العلامات الدالة على الطریق واضاءت کافة ظلماته، وهذا ما فعله رسول اللّه(صلى الله علیه وآله)حین أضاء کل معالم الطریق ونصب الأدلاء علیه. ومن ذلک الأحکام المتعلقة بالصلوات الیومیة وصلاة الجمعة ـ وبمراسها الخاصة ـ وحج بیت اللّه الحرام التی من شأنها هدایة أتباع الحق وصدهم عن الحیرة والضلال، إلى جانب بیانه للأحکام ذات الصلة بالقضایا الاجتماعیة والتربویة والسیاسیة والاقتصادیة. ثم یختتم(علیه السلام)هذا الفصل من الخطبة بخمس صفات أخرى للنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فقال: «فهو أمینک المأمون، وخازن علمک المخزون، وشهیدک یوم الدّین،بعیثک بالحقّ، ورسولک إلى الخلق» فبعض هذه الصفات مقدمة وبعضها الآخر نتیجة. فکونه أمین اللّه وخازن علمه إنّما هى مقدمة من أجل الرسالة إلى الخلق والبعث بالحق، کما أنّ شهادته یوم القیامة إنّما تمثل نتیجة هذه الرسالة. أمّا قوله(علیه السلام): «أمین مأمون» هو تأکید لمدى أمانته(صلى الله علیه وآله)واشارة إلى العصمة المشروطة فی النبوة .وأمّا قوله(علیه السلام):«خازن علمک المخزون»، فالمراد به علمه(صلى الله علیه وآله)باسرار الغیب، وقد أشرنا إلى ذلک فی حینه إلى تعذر قیام الأنبیاء والأئمة بوظیفتهم بصورة تامة دون العلم بتلک الاسرار والخفایا، وقد أشار القرآن بهذا الشأن: (عالِمُ الغَیْبِ فَلا یُظْهِرُ عَلى غَیْبِهِ أَحَداً * إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُول فَإِنَّهُ یَسْلُک مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِـیَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ)(17)والعبارة «شهیدک یوم الدین» مستوحاة من الآیة 143 من سورة البقرة: (وَکَذلِکَ جَعَلْناکُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَـکُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ وَیَـکُونَ الرَّسُولُ عَلَیْکُمْ شَهِـید) والآیة 89 من سورة النحل: (وَیَوْمَ نَبْعَثُ فِی کُلِّ أُمَّة شَهِـیداً عَلَیْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِکَ شَهِـیداً عَلى هـؤُلاءِ...)التی تشیر إلى شهادة النبی(صلى الله علیه وآله)على أعمال الاُمّة وشهادته على شهداء سائر الاُمم. ولما کانت الشهادة من فروع العلم، فان هذه التعبیرات تشکل دلیلاً آخر على علمه(صلى الله علیه وآله)بأسرار الغیب.


1. «شرائف» جمع «شریفة» بمعنى ذاقیمة.
2. «نوامی» جمع «نامیة» من مادة «نمو» بمعنى التوسعة والزیادة والتطور.
3. بحارالأنوار 74/400.
4. «جیشات» جمع «جیشة» من مادة «جیش» على وزن عیش من جاشت القدر إذ إرتفع غلیانها، ومنه الجیش لحرکته.
5. «دامغ» من مادة «دمغ» على وزن ضرب إذا شجه حتى بلغت الشجة دماغه.
6. «صولات» جمع «صوله» بمعنى الحملة من أجل الغلبة. ویستعمل هذا الاصطلاح أیضا فی التعبیر عن عضة البعیر.
7. «اضطلع» من مادة «اضطلاع» بمعنى القوة والقدرة على القیام بالعمل. وفی الأصل من مادة «ضلع» على وزن جسم، بمعنى الضلع، وهو العظم المقاوم فی مقابل الحوادث، وکذلک یطلق على اصطلاح «ضلع» وهو على وزن «منع» بمعنى القوة والقدرة.
8. «مستوفز» من مادة «استیفاز» بمعنى المسادع المستعجل.
9. «ناکل» من مادة «نکول» بمعنى الناکص والمتأخر.
10. «القدم» بضمتین المشیی إلى الحرب ومضى قدما سار ولم یخرج.
11. الکامل لابن اثیر 1/489 (کما ورد هذا الکلام فی سیرة ابن هشام وتأریخ الطبری).
12. «واعیا» أی حافظا وفاهما، وعیت الحدیث فهمته وحفظته.
13. «أورى» من مادة «ورى» على وزن نفی بمعنى اشعال النیران وعلیه فان (اورى) فعل متعدی.
14. «القبس» على وزن قفص بمعنى شعلة من النار.
15. «خابط» من مادة «خبط» على وزن ضبط بمعنى الحرکة فی طریق غیر صحیح، وکذلک تأتی بمعنى عدم التعادل أثناء المسیر أو القیام.
16. «خوضات» جمع «خوضة» من مادة «خوض» على وزن حوض، وفی الاصل یأتی بمعنى الدخول التدریجى فی الماء، والسیر والسباحة فی الماء، وکذلک یأتی کنایة عن معنى الدخول أو البدء بعمل أو خطاب سیء وغیر مطلوب.
17. سورة الجن / 26 ـ 28.  
 
 
القسم الثانی القسم الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma