فصل فی الدعاء ودوره فی حیاة الإنسان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
من الأدعیة التربویة للإمام على(علیه السلام)الخطبة 79

یلعب الدعاء دورا هاما فی تربیة النفس البشریة وسوقها نحو مدارج السمو والرفعة والکمال، وهى الحقائق التی قد یغفلها أغلب الداعین. والدعاء کمطر الربیع الذی یسقى بغیثه أرض القلوب فتتفتح أوراق الإیمان والاخلاص والعشق والعبودیة والدعاء هو النسیم القدسی الذی یطبع الروح بمعانی الطهر والعفة إلى جانب القوة والقدرة التی تهب ا لعظام الرمیم الحیاة کدعاء السید المسیح(علیه السلام)، ناهیک عما تشتمل علیه بعض الأدعیة من فضائل أخلاقیة ومعارف ربانیة تسبغ بها النفس فتمنحها الهدوء والسکینة فالنفس حیة بالدعاء نابضة بالورع والتقوى ومن هنا فانّ الدعاء هو الأکسیر العظمى وکیمیاء السعادة وماء الحیاة وروح العبادة، حتى ورد فی الحدیث أن «الدعاء مخ العبادة»( 1) والجدیر بالذکر أنّ القرآن یرى قیمة الإنسان تکمن فی دعائه وتضرعه إلى اللّه: (قُلْ ما یَعْبَؤُاْ بِکُمْ رَبِّی لَوْلا دُعاؤُکُمْ)(2). وکیف لایکون الدعاء بهذه الأهمیة وهو یدعو الإنسان إلى معرفة اللّه وعشق والمعبود بغیة نیل رحمته والظفر بعفوه ومغفرته من خلال التوسل باسمائه الحسنى، من جانب آخر فانّه یحث الداعی على التحلی بشرائط الاستجابة وفى مقدمتها التوبة من الذنوب والمعاصی والتعفف عن مقارفتها. أضف إلى ذلک فانّ الدعاء یدفع بصاحبه إلى إزالة موانع الاستجابة ویتمثل أبسطها فی المواظبة على الحلال فی المأکل وا لملبس وإجتناب المال الحرام والسعی لأداء حقوق الآخرین وترک الذنوب والمعاصی من قبیل الغیبة والنمیمة وشرب الخمر وقطیعة الرحم التی تعدّ من موانع إستجابة الدعاء. ولذلک یمکن القول إنّ ما یترتب على ذات الدعاء بالنسبة للإنسان یفوق یکثیر ما یعود علیه من إستجابته. وناهیک عن کل ماسبق فانّ المضامین العمیقة التی تضمنتها أدعیة أئمة الدین تعدّ دروساً قیمة والمتاع العظیم الذی یتزود به السالکین إلى اللّه سبحانه على سبیل المثال إذا ألقینا نظرة إلى دعاء یوم الأحد من أدعیة أیام الاسبوع تطالعنا العبارة «و اجعل غدی وما بعده أفضل من ساعتی ویومى» التی ترشدنا إلى أهمیة العمر وضرورة إغتنام کل لحظاته بحیث تکون اللحظة الحاضرة أفضل من الماضیة والقادمة أعظم من الحاضرة وهکذا، وبخلافه فمن العبث أن یرى الإنسان لعمره معنى دون أنّ یستثمر أوقاته. أو تطالعنا هذه العبارة فی دعاء کمیل «اللّهمّ اغفرلی الذّنوب الّتی تحبس الدّعاء» فنقف على حجاب النفس الذی یحول دون إستجابة الدعاء; الأمر الذی یجعلنا نفتش عن مواضع الضعف فی ذاتنا. کما نرى أنفسنا مطالبین باستئناف نهارنا على أساس نور الهدایة ونختتمه بالغلبة على العدو; الأمر الذی ورد فی دعاء عرفة «واجعل غنای فی نفسی» أن غنى النفس لیس بالشئ الذی یتحقق فی الخارج بواسطة جمع الثروات الطائلة وسکن القصور الفخمة ونیل المناصب الرفیعة، بل لابدّ من البحث عن الغنى فی الذات التی ألا تشبع وتعیش الغنی من ذاتها فانّها تبقى عطشى وان صبت علیها الدنیا بما فیها، فلا تکون سوى کالمصاب بمرض الاستسقاء فیطلب الماء دائماً بینما تستقر روح الإنسان ویکفیها أدنى ما فی هذه الدنیا إذا تنورت بالمعارف الإلهیة. کما نقرأ فی دعاء الندبة: «واجعل صلاتنا به مقبولة وذنوبنا به مغفورة ودعائنا به مستجاباً واجعل ارزقنا به مبسوطة وهمومنا به مکفیة وحوائجنا به مقضیة» فنفهم أن کافة الابواب مغلقة بوجوهنا دون إدراک حقیقة الولایة، فقبول صلاتنا وغفران ذنوبنا واجابة دعائنا وسعة رزقنا وتفریج همنا مرهون بالولایة، یالها من حقیقة عظیمة؟!

وإذا عدنا قلیلاً إلى الدعاء الذی نحن بصدره نرى أنّ علی(علیه السلام) قد قدم شرحاً وافیاً واضحاً للدروس الأخلاقیة والفضائل الانسانیة من خلال هذه العبارات الأربع العمیقة المعنى إلى جانب التحذیر من الرذائل الأخلاقیة التی تقود الإنسان إلى السقوط. نعم فادعیة المعصومین(علیه السلام) على الدوام دروس فی التربیة والتهذیب وزاد ومتاع السالکین إلى اللّه.


1. بحارالأنوار 90/300.
2. سورة الفرقان / 77.  

 

من الأدعیة التربویة للإمام على(علیه السلام)الخطبة 79
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma