من الأدعیة التربویة للإمام على(علیه السلام)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الثالث
نظرة إلى الخطبة فصل فی الدعاء ودوره فی حیاة الإنسان

أوردنا سابقا أنّ الإمام(علیه السلام) یسأل اللّه سبحانه العفو والمغفرة من أربعة أشیاء والتی یشکل کل واحد منها فی الواقع مشکلة من المشالک الأخلاقیة المهمة والعقبات المعنویة التی تعترض سبیل الإنسان ومما لاشک فیه أنّ الإنسان إذا تغلب على هذه العقبات فانه سیبلغ شاطئ الأمان وینال الفلاح والسعادة. فقد استهل دعائه(علیه السلام) بالقول: «اللّهمّ اغفرلی ما أنت أعلم به منّی، فإن عدت فعد علىّ بالمغفرة» فرصید الإنسان هو النسیان فیقارف الکثیر من الذنوب والمعاصی إلى درجة نسیانها وعدم الاعتذار إلى اللّه منها وطلب العفو والمغفرة، أو الاصرار علیها وعدم الکف عنها دون الالتفات إلیها حتى تثقل کاهله. وهنا ینبغی التضرع إلى اللّه سبحانه: «اللّهم اغفر لی ما انت أعلم به منی، فان عدت فعد علی بالمغفرة» کما ینبغی استحضار الذنوب والمعاصی وسؤال اللّه العفو والصفح. وممّا لاشک فیه أنّ هذا النسیان آفة سعادة الإنسان، بحیث یؤدی إلى بعض المشاکل التی یتعذر على الإنسان حلها، ومن هنا یتوجب على الإنسان الاستعاذة باللّه من هذا النسیان، وسؤال اللّه العافیة من الذنوب المنسیة، وقد أبلغ القرآن فی التعبیر عن مثل هذه الذنوب فقال: (یَوْمَ یَبْعَثُهُمُ اللّهُ جَمِـیعاً فَیُنَبِّـئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللّهُ وَنَسُوهُ وَاللّهُ عَلى کُلِّ شَیء شَهِـیدٌ)( 1). أمّا بعض شرّاح نهج البلاغة فقد ذهبوا إلى أنّ المراد بالعبارة الذنوب التی یجهل الإنسان کونها ذنوباً، أو إذا علم بها فان علمه باهت لایکترث له بهذا الشأن. ویرد على أصحاب هذا التفسیر أنّ الذنوب التی یقارفها الإنسان جهلا مغفورة فلا حاجة لسؤال اللّه المغفرة علیها، إلاّ أنّهم أجابوا عن ذلک بقولهم إن کان هذا الجهل نابعاً من القصو وکان الجاهل قاصر فالأمر کذلک، أما إذا کان ذلک الجهل یستند إلى التقصیر وکان الجاهل مقصراً ولم یجد نفسه فی الالمام بالعلم فانّ العقاب واللوم والتوبیخ یطال مثل هذا الجاهل، ومن هنا علیه أن یسأل اللّه الفعو والصفح عن ذنوبه أو أن یکون المراد الذنوب التی ینسى الإنسان کونها ذنوباً أو یخطئ فی تشخیصها بحیث یجب علیه طلب المغفرة إن کان ذلک النسیان هذا الخطأ ولید التقصیر; الأمر الذی أشار إلیه القرآن الکریم بقوله: (رَبَّنا لا تُـؤاخِذنا إِْن نَسِـینا أَوْ أَخْطَأْن)(2) والواقع هو أنّ التفسیر الذی أوردناه فی البدایة یعود إلى نسیان. موضوع الذنب، بینما یعود التفسیر الثانی إلى حکمه. إلاّ أنّ التفسیر الأول أنسب من التفسیر الثانی، وإن قال جمع من الشرّاح بالتفسیر الثانی. وأخیراً یبقى احتمال الجمع قائماً وقد سأل الإمام(علیه السلام) اللّه العفو عنها جمیعا. أمّا الدعاء الثانی فقد تضمن الاشارة إلى موضوع مهم آخر والذی یکمن فی عدم وفاء الإنسان بالعهود والمواثیق التی یقطعها على نفسه أو مع ربّه فقال(علیه السلام): «اللّهمّ اغفرلی ما وأیت من نفسی، ولم تجد له وفاءً عندی»(3) قد تتکون العبارة «ما وأیت من نفسی» اشارة إلى العهود والمواثیق التی یتمثل طرفیها بنفس الإنسان، کأن یعاهد نفسه، ومما لاشک فیه أن الالتزام بهذه العهود والعمل بمضامینها یکشف عن شخصیة الإنسان عزمه على ممارسة الانشطة والفعالیات، بینما یفید نقضها ضعف إرادته فیتوجب علیه الاستعاذة باللّه منه. أو یمکن أن یکون طرفها الأول الإنسان والطرف الآخر اللّه سبحانه تعالى بحیث یکون هذا المعنى مقدرا فی العبارة السابقة(4)، وعلى وهذا الضوء فهى إشارة إلى جمیع العهود والمواثیق الشرعیة التی یعاهد الإنسان فیها اللّه سبحانه ولایلتزم بها. وذلک لأنّ الکثیر من الأفراد یعاهدون اللّه فی الشدائد والنوائب فاذا ما کشفت عنهم نسوا تلک العهود; الأمر الذی صرح به القرآن الکریم قائلاً: (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَـصَّـدَّقَـنَّ وَلَنَکُونَنَّ مِنَ الصّالِحِـینَ * فَلَمّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)(5). أمّا فی الدعاء الثالث فالإمام(علیه السلام)یستعیذ باللّه من الریاء والنفاق ویسأل اللّه العفو والمغفرة فیقول: «اللّهمّ اغفر لی ما تقرّبت به إلیک بلسانی، ثمّ خالفه قلبی» فالتظاهر بالأعمال الحسنة ـ من خلال اللسان أو الریاء فی العبادات وسائر الطاعات ـ یعد من أخطر شعب الشرک، الأمر الذی أکد التحذیر منه فی الآیات القرآنیة والروایات الإسلامیة، غیر أنّ الذی یؤسف له هو أنّ الریاء والنفاق من الأعمال الشائعة التی تکبد الإنسان أضرارا تفوق التصور، حیث یفید هذا الأمر أنّ مثل هذا الإنسان لایؤمن فی الواقع بتوحید اللّه على مستوى الأفعال، ولا غرو فهو یرى العزة والذلة بید الناس ویؤثر ولایة الناس ومحبتهم على ولایة اللّه ومحبته. بینما إذا علم هذا الإنسان بأنّ العزة والذلة بیداللّه، یعز من یشاء ویذل من یشاء وأنّ القلوب بین إصبعین من أصابع اللّه یقلبها کیف یشاء، فانّه لایسأل سوى اللّه ولا یعمل إلاّ له سبحانه. ولا یقتصر التناقض بین القول والنیة بالنسبة للریاء، بل إنّ کل تناقض إنّما یشمل الظاهر والباطن، فکل ما ینطق به الإنسان ولایلتزم به حین العمل، أو أن یعزم على خلافه إنما یشیر إلى تناقض الظاهر مع الباطن، وإن لم یکن قد قصد الریاء. فقد صرح القرآن الکریم بهذا الخصوص قائلاً: (یا أَیُّها الَّذِینَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ * کَبـُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ)(6) أننا لنناجی الحق سبحانه وتعالى فی صلواتنا الیومیة (إِیَّاکَ نَعبُدُ وَإِیَّاکَ نَستَعِـین)والحال قد تعیش قلوبنا عباة اُخرى وإستعاذة ثانیة، کما نتشهد فی صلواتنا بالوحدانیة للّه «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شریک له» بینما نعیش الشرک فی إیماننا ومن ذلک الشیطان المتمثل بهوى النفس الذی یلقی بظلاله على جمیع زوایا الحیاة البشریة، والدعاء الوارد فی الخطبة من الدروس القیمة التی تحذر من هذا الخطر العظیم. وأخیراً یستغفر اللّه سبحانه من أربعة أشیاء ویستعیذ باللّه منها «اللّهمّ اغفر لی رمزات(7) الألحاظ،(8) وسقطات(9) الألفاظ، وشهوات الجنان، وهفوات(10)اللّسان» فالعبارة إشارة إلى ذنوب العین والقلب واللسان التی قد تکون من أخطر الذنوب والمعاصی. فنظرات الازدراء للمؤمنین والإشارات المشوبة بالغرور والاستخفاف، وارسال الکلام على عواهنه دون إجالة الفکر والذی قد یقود إلى الاضغان والاحقاد وإثارة الخلافات والتوتراث واراقة ماء وجه الآخرین إلى جانب النزوع نحو الشهوات والرغبات التی تقذف بالإنسان فی أودیة الخطیئة والاثم ومقارفة بعض المعاصی التی تفرزها حالة العبثیة فی الحدیث والتی تؤدی إلى عدّة مفاسد، کل هذه الاُمور من أعدى أعداء سعادة الإنسان وفلاحه، والإمام(علیه السلام) حین یسأل اللّه العفو عن هذه الاُمور إنّما یهدف التحذیر العملی من مغبة هذه الاُمور الأربعة وعدم الاستخفاف بمدى خطورة ذنوبها. وأما الفارق بین رمزات الالحاظ وشهوات الجنان فهو واضح، غیر أنّ هنالک خلاف بین شرّاح نهج البلاغة بشأن الفارق بین «سقطات الالفاظ» و«هنوات اللسان». فقد ذهب المرحوم مغنیة إلى أنّ المراد واحد، بینما ذهب المرحوم الشارح الخوئی إلى أنّ المراد بسقطات الالفاظ هو الالفاظ التی لاتترتب علیها فائدة فی الآخرة سواء کانت محرمة أم لم تکن کذلک، أمّا هفوات اللسان فهى الکلام الحرام من قبیل الغیبة والنمیمة والبهتان والاستهزاء والسب والشتم والتهمة. ولکن إستناداً إلى أنّ سقطات جمع سقط بمعنى الشئ التافه الذی لا قیمة له، یبدو أن العبارة «سقطات الالفاظ» إشارة إلى الکلام العبثی واللغو والرکیک أحیاناً الذی یصدر من الأفراد اللا ابالیین الجهال; أمّا هفوات اللسان وبالاستناد إلى مفهوم الهفوة الذی یعنی الزله، فان العبارة تشیر إلى ما یجرى على لسان الإنسان من کلمات دون التأمل والتفکیر، ولعلها تختزن بعض الذنوب الخطیرة کالغیبة والتهمة والاستهزاء بالمؤمن(11).


1. سورة المجادلة / 6.
2. سورة البقرة / 287.
3. «وأیت» من مادة و«أى» على وزن رأى بمعنى العزم على الشی مع قصد الوفاء به، وبعبارة اُخرى الموعود التی یقطعها الإنسان على نفسه، وقد یعنى الوأی والوعد بشأن الذات والآخرین.
4. وتقدیر العبارة: «وأیت من نفسی مع ربی».
5. سورة التوبة / 75 ـ 76.
6. سورة الصف / 2 ـ 3.
7. «رمزات» جمع «رمزة» على وزن غمزة الإشارة بالعین والحجاب وأحیاناً بالشفة، وقال البعض الرمز فی الأصل بمعنى حرکة الشفاه لبیان مطلب دون أن یتخلله الصوت، کما تأتی بمعنى الإشارة بالعین والحاجب.
8. «الالحاظ» جمع «لحظ» على وزن محض بمعنى النظر بطرف العین الذی یکون أحیاناً بقصد الازدراء والتحقیر، کما یراد به الاستهزاء والسخریة أیضاً.
9. «سقطات» جمع «سقط» على وزن فقط کل وضیع لاقیمة له من متاع اَو کلام اَو فعل وقیل سقطات جمع سقطة بمعنى الزلة وسقطات الالفاظ لغوها.
10. «هفوات» جمع «هفوة» على وزن دفعة بمعنى الزلة فی الکلام أو العمل، کما وردت هذه المفردة بمعنى السرعة، ولما کانت السرعة تقود إلى الزلة فالمعنیان یعدان إلى مادة واحدة.
11. العبارة سقطات الألفاظ من قبیل إضافة الصفة إلى الموصوف، تعنی الألفاظ الساقطة، أمّا العبارة «هفوات اللسان» لیست کذلک.  

 

نظرة إلى الخطبة فصل فی الدعاء ودوره فی حیاة الإنسان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma